آيات من القرآن الكريم

قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ
ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎ ﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛ ﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ ﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨ ﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲ ﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ

ومنه يعرف ان المقصود من القربان دفع حاجة الفقراء ولذا يستحب للمضحى ان يتصدق بأكثر أضحيته بل بكلها

هر كسى از همت والاى خويش سود برد او در خور كالاى خويش
وللحجاج يوم عيد القربان مناسك الذهاب من منى الى المسجد الحرام فلغيرهم الذهاب الى المصلى موافقة لهم والطواف فلغيرهم صلاة العيد لقوله عليه السلام (الطواف بالبيت صلاة) واقامة السنن من الحلق وقص الأظفار ونحوها فلغيرهم ازالة البدعة واقامة السنة والقربان فلغيرهم ايضا ذلك ولكن ليس كل مال يصلح لخزانة الرب ولا كل قلب يصلح لمعرفة الرب ولا كل نفس تصلح لخدمة الرب: وفى المثنوى
آن توكل كو خليلان ترا تا نبرد تيغت إسماعيل را
آن كرامت چون كليمت از كجا تا كنى شهراه قعر نيل را
وَالْقَلائِدَ اى وجعل الله القلائد ايضا قياما للناس وهى جمع قلادة وهى ما يقلد به الهدى من نعل او لحاء شجر ليعلم به انه هدى فلا يتعرض له بركوب او حمل والمراد بالقلائد ذوات القلائد وهى البدن وهى الناقة والبقرة مما يجوز فى الهدى والأضاحي وخصت بالذكر لان الثواب فيها اكثر وبهاء الحج بها اظهر ولذا ضحى عمر رضى الله عنه بنجيبة طلبت منه بثلاثمائة دينار لقوله تعالى وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ووجه كون القلائد سببا لقيام الناس ان من قلد هديا لم يتعرض له أحد وربما كانوا يقلدون رواحلهم إذا رجعوا من مكة من لحاء شجر الحرم فيأمنون بذلك وكان اهل الجاهلية يأكل الواحد منهم القضيب والشجر من الجوع وهو يرى الهدى والقلائد فلا يتعرض له تعظيما له ذلِكَ اشارة الى الجعل منصوب بفعل مقدر اى شرع الله ذلك وبين لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ فان تشريع هذه الشرائع المستتبعة لدفع المضار الدينية والدنيوية قبل وقوعها وجلب المنافع الاولوية والاخروية من أوضح الدلائل على حكمة الشارع وعلى عدم خروج شىء من علمه المحيط وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ تعميم بعد تخصيص للتأكيد اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ وعيد لمن انتهك محارمه وآصر على ذلك وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وعد لمن حافظ على مراعاة حرمانه تعالى او انقطع عن الانتهاك بعد تعاطيه ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ اى تبليغ الرسالة فى امر الثواب والعقاب وهو تشديد فى إيجاب القيام بما امر به اى الرسول قد اتى بما وجب عليه من التبليغ بما لا مزيد عليه وقامت عليكم الحجة ولزمتكم الطاعة فلا عذر لكم من بعد فى التفريط وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ اى ما تظهرون من القول والعمل وما تخفون فيؤاخذكم بذلك نقيرا وقطميرا: قال السعدي قدس سره
برو علم يك ذره پوشيده نيست كه پنهان و پيدا بنزدش يكيست
والاشارة فى الآية ان الله تعالى كما جعل الكعبة فى الظاهر قياما للعوام والخواص يلوذون به ويستنجحون بالتضرع والابتهال هناك حاجاتهم الدنيوية والاخروية كذلك جعل كعبة القلب فى الباطن قياما للخواص وخواص الخواص ليلوذوا به بطريق دوام الذكر ونفى الخواطر بالكلية واثبات

صفحة رقم 446

الحق بالربوبية والواحدية بان لا موجود الا هو ولا وجود الا له ولا مطلوب ولا محبوب الا هو وسماه البيت الحرام ليعلم انه بيت الله على الحقيقة وحرام ان يسكن فيه غيره فيراقبه عن ذكر ما سوى الحق وحبه وطلبه الى ان يفتح الله أبواب فضله ورحمته والشهر الحرام هو ايام الطلب والسير الى الله حرام على الطالب فيها مخالطة الخلق وملاحظة ما سوى الحق والهدى هو النفس البهيمية تساق الى كعبة القلب مع القلائد وهى اركان الشريعة فتذبح على عتبة القلب بسكين آداب الطريقة عن شهواتها ولذاتها الحيوانية وفى قوله تعالى ذلِكَ لِتَعْلَمُوا الآية اشارة الى ان العبد إذا وصل الى كعبة القلب فيرى بيت الله ويشاهد أنوار الجمال والجلال فبتلك الأنوار يشاهد ما فى السموات وما فى الأرض لانه ينظر بنور الله فيعلم على التحقيق أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ يسدل الحجاب لغير الأحباب ممن ركنوا الى الدنيا واغتروا بزينتها وشهواتها وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ لطالبيه وقاصدى حضرته بفتح الأبواب ورفع الحجاب ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ بالقال والحال وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ من الايمان باقدار اللسان وعمل الأركان وَما تَكْتُمُونَ من تصديق الجنان او التكذيب وصدق التوجه وخلوص النية فى طلب الحق كذا فى التأويلات النجمية قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ نزلت فى حجاج اليمامة لما هم المسلمون ان يوقعوا بهم بسبب انه كان فيهم الحطيم وقد اتى المدينة فى السنة السابقة واستاق سرح المدينة فخرج فى العام القابل وهو عام عمرة القضاء حاجا فبلغ ذلك اصحاب السرح فقالوا للنبى عليه السلام هذا الحطيم خرج حاجا مع حجاج اليمامة فخل بيننا وبينه فقال عليه السلام (انه قلد الهدى) ولم يأذن لهم فى ذلك بسبب استحقاقهم الا
من بتقليد الهدايا فنزلت الآية تصد يقاله عليه السلام فى نهيه إياهم عن تعرض الحجاج وان كانوا مشركين وقد مضت هذه القصة فى أول السورة عند قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ الآية وبقي حكم هذه الآية الى ان نزلت سورة البراءة فنسخ بنزولها لانه قد كان فيها إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا وفيها فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ فنسخ حكم الهدى والقلائد والشهر الحرام والإحرام وامنهم بها بدون الإسلام وسبب النزول وان كان خاصا لكن حكمه عام فى نفى المساواة عند الله بين الردى وبين الجيد ففيه ترغيب فى الجيد وتحذير عن الردى ويتناول الخبيث والطيب أمورا كثيرة. فمنها الحرام والحلال فمثقال حبة من الحلال أرجح عند الله من ملىء الدنيا من الحرام لان الحرام خبيث مردود والحلال طيب مقبول فهما لا يستويان ابدا كما ان طالبهما كذلك إذا طالب الخبيث خبيث وطالب الطيب طيب والله تعالى يسوق الطيب الى الطيب كما انه يسوق الخبيث الى الخبيث كما قال الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ والطيب عند سادات الصوفية قدس الله أسرارهم ما كان بلا فكر وحركة نفسانية سواء سيق من طرف صالح او فاسق لانه رزق من حيث لا يحتسب وهو مقبول وخلافه مردود ولا بعد فى هذا لان حسنات الأبرار سيآت المقربين وبينهما بون بعيد وايضا الخبيث من الأموال ما لم يخرج منها حق الله والطيب ما أخرجت منه

صفحة رقم 447

الحقوق والخبيث ما أنفق فى وجوه الفساد والطيب ما أنفق فى وجوه الطاعات والطيب من الأموال ما وافق نفع الفقراء فى اوقات الضرورات والخبيث ما دخل عليهم فى وقت استغنائهم فاشتغلت خواطرهم بها. ومنها المؤمن والكافر والعادل والفاسق فالمؤمن كالعسل والكافر كالسم والعادل كشجرة الثمرة والفاسق كشجرة الشوك فلا يستويان على كل حال. ومنها الأخلاق الطيبة والأخلاق الخبيثة فمثل التواضع والقناعة والتسليم والشكر مقبول ومثل الكبر والحرص والجزع والكفران مردود لان الاول من صفات الروح والثاني من صفات النفس والروح طيب علوى والنفس خلافه: وفى المثنوى

هين مرو اندر پى نفسى چوزاغ كو بگورستان برد نه سوى باغ «١»
نفس اگر چهـ زيركست وخرده دان قبله اش دنياست او را مرده دان «٢»
ومن اخلاق النفس حب المال والكبار قدعوا المال الطيب حجابا فما ظنك بالخبيث منه فلابد من تصفية الباطن وتخليته عن حب ما سوى الله تعالى. ومنها العلوم النافعة والعلوم الغير النافعة فالنافعة كعلوم الشريعة وغير النافعة كعلوم الفلاسفة: وفى المثنوى
علم دين فقهست وتفسير وحديث هر كه خواند غير ازين گردد خبيث «٣»
ومنها الأعمال الصالحة والأعمال الغير الصالحة فما أريد به وجه الله تعالى فهو صالح وما أريد به الرياء والسمعة فهو غير صالح
عبادت بإخلاص نيت نكوست وگر نه چهـ آيد ز بي مغز پوست
قال فى التأويلات النجمية الخبيث ما يشغلك عن الله والطيب ما يوصلك الى الله. وايضا الطيب هو الله الواحد والخبيث ما سواه وفيه كثرة وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ الواو لعطف الشرطية على مثلها المقدر اى لو لم يعجبك كثرة الخبيث ولو أعجبتك وكلتاهما فى موضع الحال من فاعل لا يستوى اى لا يستويان كائنين على كل حال مفروض وجواب لو محذوف والمعنى والتقدير ان الخبيث ولو أعجبتك كثرته يمتنع ان يكون مساويا للطيب فان العبرة بالجودة والرداءة دون القلة والكثرة فان المحمود القليل خير من المذموم الكثير بل كلما كثر الخبيث كان أخبث ومعنى الاعجاب السرور بما يتعجب منه يقال يعجبنى امر كذا اى يسرنى والخطاب فى أعجبك لكل واحد من الذين امر النبي عليه السلام بخطابهم فَاتَّقُوا اللَّهَ فى تحرى الخبيث وان كثروا آثروا الطيب وان قل يا أُولِي الْأَلْبابِ يا ذوى العقول الصافية وهم فى الحقيقة من تخلصت قلوبهم وأرواحهم من قشور الأبدان والنفوس لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ راجين ان تنالوا الفلاح وهو سعادة الآخرة ثم ان التقوى على مراتب قال ابن عطاء التقوى فى الظاهر مخالفة الحدود وفى الباطن النية والإخلاص وقال فى قوله تعالى اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وهو صدق قولك لا اله الا الله وليس فى قلبك شىء سواه ومن وصايا حضرة المولوى قبيل وفاته [أوصيكم بتقوى الله فى السر والعلانية وبقلة الطعام وقلة المنام وقلة الكلام وهجر المعاصي والآثام وترك الشهوات على الدوام واحتمال الجفاء من جميع الأنام وترك مجالسة السفهاء والعوام ودوام مصاحبة الصالحين الكرام فان خير الناس من ينفع الناس وخير الكلام ما قل
(١) در أوائل دفتر چهارم در بيان آموختن پيشه كور كنى قابيل از زاع إلخ
(٢) در اواسط دفتر چهارم در بيان آنكه عارف را غداييست از نور حق إلخ
(٣) لم أجد

صفحة رقم 448

ودل] واعلم ان النافع هو التقوى والسبب المنجى هو الايمان والعمل الصالح دون الحسب والنسب فلا يغرنك الشيطان بكثرة أموالك وأولادك ووفرة مفاخر آبائك وأجدادك فاصل البول الماء الطيب الصافي والله تعالى يخرج الميت من الحي يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ- روى- انه لما نزلت وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ قال سراقة بن مالك أكل عام فاعرض عنه رسول الله ﷺ حتى أعاد ثلاثا فقال (لا ولو قلت نعم لو جبت ولو وجبت لما استطعتم فاتركونى ما تركتكم فانما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فاذا أمرتكم بامر فخذوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شىء فاجتنبوه) فنزلت وعن ابن عباس رضى الله عنهما انه عليه السلام كان يخطب ذات يوم غضبان من كثرة ما يسألون عنه مما لا يعنيهم فقال لا اسأل عن شىء الا أجبت فقال رجل اين ابى فقال (فى النار) وقال آخر من ابى فقال (حذافة) وكان يدعى لغيره فنزلت إِنْ تُبْدَ لَكُمْ الشرطية وما عطف عليها صفتان لاشياء والمساءة معلقة بالابداء والإبداء معلق بالسؤال. فالمعنى لا تسألوا عن أشياء ان تسألوا عنها فى زمان الوحى تظهر لكم وان تظهر لكم تغمكم والعاقل لا يفعل ما يغمه. قال البغوي فان من سأل عن الحج لم يأمن ان يأمر به فى كل عام فيسوءه ومن سأل عن نسبه لم يأمن ان يلحقه بغيره فيفتضح عَفَا اللَّهُ عَنْها استئناف مسوق لبيان ان نهيهم عنها لم يكن لمجرد صيانتهم عن المساءة بل لانها فى نفسها معصية مستتبعة للمؤاخذة وقد عفا عنها وفيه من حثهم على الجد فى الانتهاء عنها ما لا يخفى وضمير عنها للمسألة المدلول عليها بلا تسألوا اى عفا الله عن مسألتكم السالفة حيث لم يفرض عليكم الحج فى كل عام جزاء بمسألتكم وتجاوز عن عقوبتكم الاخروية بسبب مسألتكم فلا تعودوا الى مثلها وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ اى مبالغ فى مغفرة الذنوب والإغضاء عن المعاصي ولذلك عفا عنكم ولم يؤاخذكم بعقوبة ما فرط منكم فالجملة اعتراض تذييلى مقرر لعفوه تعالى قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ اى سألوا هذه المسألة لكن لا عينها بل مثلها فى كونها محظورة ومستتبعة للوبال وعدم التصريح بالمثل للبالغة فى التحذير مِنْ قَبْلِكُمْ متعلق بسألها ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها اى بسببها كافِرِينَ فان بنى إسرائيل كانوا يستفتون أنبياءهم فى أشياء فاذا أمروا تركوها فهلكوا كما سأل قوم ثمود صالحا الناقة وسأل قوم عيسى مائدة قال ابو ثعلبة ان الله فرض فرائض فلا تضيعوها ونهى عن أشياء فلا تنتهكوها وحد حدودا فلا تعتدوها وعفا عن أشياء من غير نسيان فلا تبحثوا عنها قال الحسين الواعظ الكاشفى فى تفسيره [پس نيكبخت آنست كه از حال ديگران عبرت گيرد بقول وفعل فضولى اشتغال ننمايد ودرين باب گفته اند]

بگوى آنچهـ گفتن ضرورت شود دگر گفته ها را فرو بند در
بجاى آر فعلى كه لازم بود ز افعال بي حاصل اندر گذر
وكان رجل يحضر مجلس ابى يوسف كثيرا ويطيل السكوت فقال له يوما مالك لا تتكلم ولا تسأل عن مسألة قال أخبرني ايها القاضي متى يفطر الصائم فال إذا غابت الشمس قال فان لم تغب الى نصف الليل فتبسم وتمثل بيت جرير

صفحة رقم 449

وفى الصمت زين للخلى وانما صحيفة لب المرء ان يتكلما
وفى الحديث (عجبت من بنى آدم وملكاه على نابيه فلسانه قلمهما وريقه مدادهما كيف يتكلم فيما لا يعنيه) والاشارة فى الآيتين ان الله تعالى نهى اهل الايمان ان يتعلموا العلوم اللدنية وحقائق الأشياء بطريق السؤال لانها ليست من علوم القال وانما هى من علوم الحال فقال يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ اى عن حقائق أشياء إِنْ تُبْدَ لَكُمْ بيانها بطريق القال تَسُؤْكُمْ إذ لم تهتدوا الى الحقائق ببيان القال فتقع عقولكم المشوبة بآفات الهوى والوهم والخيال فى الشبهات فتتهالكوا فى أوديتها كما كان حال طوائف الفلاسفة إذ طلبوا علوم حقائق الأشياء بطريق القال والبراهين المعقولة فما كانت منها مندرجة تحت نظر العقول المجردة عن شوائب الوهم والخيال أصابوها وما ضاق نطاق العقول عن دركها استزلهم الشيطان عند البحث عن الصراط المستقيم وأوقعهم فى اودية الشبهات وبوادي الهلكات فهلكوا واهلكوا خلقا عظيما بتصانيفهم فى العلوم الالهية وبعضهم خلطوها بعلم الأصول وقرروا شبهاتهم فيها فضلوا وأضلوا عن سواء السبيل وما علموا ان تعلم علوم الحقائق بالقال محال وان تعلمها انما يحصل بالحال كما كان حال الأنبياء مع الله فقد علمهم علوم الحقائق بالاراءة لا بالرواية فقال تعالى وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وقال فى حق النبي عليه السلام لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا وقال لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى وقال عليه السلام (أرنا الأشياء كما هى) وكما كان حال الامة مع النبي عليه السلام كان يعلمهم الكتاب بالقال والحكمة بالحال بطريق الصحة وتزكية نفوسهم عن شوائب آفات النفس وأخلاقها كقوله تعالى يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وقال تعالى فيمن تحقق له فوائد الصحة على موائد المتابعة سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ثم قال وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ اى وان كان لا بد لكم من السؤال عن حقائق الأشياء فاسألوا عنها بعد نزول القرآن اى من القرآن ليخبركم عن حقائقها على قدر عقولكم. اما العوام منكم فيؤمنون بمتشابهات القرآن فانها بيان حقائق الأشياء ويقولون كل من عند ربنا ولا يتصرفون فيها بقولهم طلبا للتأويل فانه لا يعلم تأويلها الا الله والراسخون فى العلم وهم الخواص. واما أخص الخواص فيفهمون مما يشير القرآن اليه من حقائق الأشياء بالرموز والإشارات والمتشابهات ما لا يفهم غيرهم كما أشار بقصة موسى والخضر الى ان تعلم العلم اللدني انما يكون بالحال فى الصحبة والمتابعة والتسليم وترك الاعتراض على الصاحب المعلم لا بالقال ولا بالسؤال لقوله تعالى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً يعنى فى المتابعة وترك الاعتراض قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ يعنى ان من شرط المتابعة ترك السؤال عن افعال المعلم وغيرها فلما لم يستطع موسى معه صبرا ليتعلم بالحال وفتح باب القال والسؤال فقال أخرقتها لتغرق أهلها أقتلت نفسا زكية فما واساه الخضر وقال أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً قالَ يعنى موسى إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي

صفحة رقم 450
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية