
نهاك عنه، إن الله تواب على من تاب إليه: أي: رجع إليه، رحيم به أن يعاقبه على ذنوبه بعد توبته منها.
قوله: ﴿يا أيها الناس إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وأنثى﴾.
أي: خلقناكم من آدم وحواء، يعني من ماء ذكر وماء أنثى.
قال مجاهد: خلق الله تعالى الولد من ماء الرجل وماء المرأة.
ثم قال: ﴿وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لتعارفوا﴾.
أي: وجعلناكم متناسبين يناسب بعضكم بعضاً فيعرف بعضكم بعضاً، فيقال فلان ابن فلان من بني فلان فيعرف قرب نسبه من بعده فالأفخاذ أقرب [من القبائل والقبائل أقرب] من الشعوب.
قال مجاهد: شعوباً هو النسب البعيد، والقبائل دون ذلك.

وكذلك قال قتادة والضحاك.
قال ابن عباس: الشعوب الجماع، والقبائل البطون.
وقال ابن جبير: الشعوب الجمهور، والقبائل الأفخاذ.
وواحد الشعوب شعب بالفتح، والشعب عند أهل اللغة: الجمهور مثل مضر تقسمت وتفرقت، ثم يليه القبيلة لأنها يقابل بعضها بعضاً، ثم العمارة ثم البطن ثم الفخذ وهو أقربها.
وقيل: إن الشعوب الموالي، والقبائل العرب.
ثم قال: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ الله أَتْقَاكُمْ﴾.
أي: أفضلكم عند الله أتقاكم لارتكاب ما نهى الله سبحانه عنه، وأعمالكم لما

أمر الله تعالى به ليس فضلكم بأنسابكم إنما الفضل لمن كثر تقاه.
قال النبي ﷺ وقد سأل عن غير الناس فقال: " آمرهم بالمعروف وأنهاهم عن المنكر وأوصلهم للرحم وأتقاهم ".
قال أبو هريرة: ينادي مناد يوم القيامة إنا جعلنا نسباً وجعلتم نسباً إن أكرمكم عند الله أتقاكم ليقم المتقون، فلا يقوم إلا من كان كذلك.
وعن النبي ﷺ أنه قال: " أخير الناس من طال عمره وحسن عمله ".
وروي عن ابن عباس أنه قرأ: " لتعرفوا أن أكرمكم عند الله بفتح " أن "

وتعرفوا على مقال تضربوا، على معنى جعلهم شعوباً وقبائل لكي يعرفوا أن أكرمهم عند الله أتقاهم، ومجاز هذه القراءة: جعلهم كذلك ليعرفوا أنسابهم؛ لأن أكرمهم عند الله أتقاهم؛ لأن: " تَعْرِفُوا " عملت في: " أن " لأنه لم يجعلهم شعوباً قبائل ليعرفوا أن أكرمهم عند الله أتقاهم، إنما جعلهم كذلك ليعرفوا أنسابهم.
وكسر " أن " أولى وأتم في المعنى المقصود إليه بالآية.
ثم قال: ﴿إِنَّ الله عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾.
أي: ذو علم، بأتقاكم عنده وأكرمكم، وذو خبر بكم وبمصالحكم.