آيات من القرآن الكريم

لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ ۖ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ ۖ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَٰلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا
ﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮ

روي عن النبي ﷺ، وهو قول مجاهد وقتادة، والضحاك وعكرمة وعطاء وابن عمر وابن زيد.
وزاد عطاء فقال: هي لا إله إلا الله محمد رسول الله.
وقال الزهري: كلمة التقوى بسم الله الرحمن الرحيم وهو قول المسور ومروان لأن المشركين منعوا علي بن أبي طالب أن يكتب في كتابه الصلح: " بسم الله الرحمن الرحيم ".
وعن مجاهد وعطاء أنها: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. وفي قراءة عبد الله " وكانوا أهلها وأحق [بها] ".
ثم قال: ﴿وَكَانَ الله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً﴾ أي: لا يخفى عليه شيء من جميع أحوالكم.
ثم قال: ﴿لَّقَدْ صَدَقَ الله رَسُولَهُ الرءيا بالحق لَتَدْخُلُنَّ المسجد الحرام إِن شَآءَ الله آمِنِينَ﴾.

صفحة رقم 6968

لقد صدق الله رسوله رؤياه التي أراه في منامه. أراه الله أنه يدخل هو وأصحابه بيت الله الحرام آمنين لا يخافون أهل الشرك، يقصروا بعضهم رأسه، ويحلقا بعضهم.
قال مجاهد: " رآى النبي ﷺ في نومه بالحديبية أنه يدخل مكة وأصحابه محلقين، فقال أصحابه حين نحروا بدنهم بالحديبية: أين رؤيا محمد ﷺ؟ قال ابن زيد: قال النبي لأصحابه: إني رأيت أنكم ستدخلون المسجد الحرام محلقين رءوسكم ومقصرين " فلما نزل بالحديبية ولم يدخل ذلك العام طعن المنافقون في ذلك، وقالوا ابن رؤياه فأنزل الله ﴿لَّقَدْ صَدَقَ الله رَسُولَهُ الرءيا بالحق﴾ فأعلمهم أنهم سيدخلون من غير ذلك العام، وأن رؤيا محمد حق.
وقوله: ﴿إِن شَآءَ الله آمِنِينَ﴾.
فحكى ما جرى في الرؤيا من قول الملك له في منامه.
وقيل: إنما جرى لفظ الاستثناء لأنه خوطب في منامه على ما أدبه الله به في قوله: ﴿وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَاْىءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذلك غَداً * إِلاَّ أَن يَشَآءَ الله﴾ [الكهف: ٢٣ - ٢٤] فخوطب في منامه، وأخبر بها يلزمه

صفحة رقم 6969

أن يقول لأصحابه كما لو كان هو المخبر بذلك لهم من عند نفسه.
وقيل /: إنما وقع الاستثناء على من يموت منهم قبل الدخول لأنهم على غير يقين من بقائهم كلهم حتى يدخلوا، ومثله قوله ﷺ: " وإنا إن شاء الله بكم لاحقون " فوقع الاستثناء على من قد لا يموت على دينه.
[وقيل: بل خاطبهم على ما يعقلون].
وقيل: بل خاطبهم على ما أدبه الله به وأمره به في قوله: ﴿وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَاْىءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذلك غَداً * إِلاَّ أَن يَشَآءَ الله﴾ الآية.

صفحة رقم 6970

وقيل: هو استثناء من آمنين، أي: لتدخلن المسجد الحرام آمنين إن شاء الله ذلك، ولا يجوز أن يكون ذلك استثناء من الله، لأن الله عالم بعواقب الأمور، وإنما يكون مثل هذا الاستثناء من المخلوقين الذين لا يعلمون عواقب الأمور، ولا يدرون بأن ذلك الشيء يكون أو لايكون، والله عالم بما يكون وبما لا يكون.
وقال بعض العلماء: إنما أتى الاستثناء في هذا لأن الله خاطب / الناس على ما يعرفه وعلى ما يجب لهم أن يقولوا.
وقيل معنى " إن شاء الله ": إن أمركم الله بالدخول.
وقال نفطويه المعنى فيه: كائن الدخول إن شاء الله ذلك، فليس فيه ضمان على الله أنه لا بد من الدخول، ولكن لما قال: ﴿فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً﴾ دل على

صفحة رقم 6971

إنفاد المشيئة، وكان الدخول لأنه أخبر أن دون المشيئة فتحاً قريباً فعلم بهذا الوعد أن المشيئة [نافذة] والدخول كائن، فيصير المعنى لتدخلن المسجد الحرام إذا جاءت المشيئة.
قال نفطويه: كانت العدة من الله للمؤمنين بالدخول سنة ست، وصدوا سنة سبع، ودخلوا سنة ثمان، وحج أبو بكر بالناس سنة تسع وفيها نادى على علي رضي الله عنهـ ببراءة، وفتحت مكة سنة عشر، وحج النبي ﷺ سنة إحدى عشرة.
والحلق للرجال والتقصير للنساء، وقد يجوز للرجال أن يقصروا. والحلق أفضل ومن أجل جواز التقصير للرجال قال: ﴿وَمُقَصِّرِينَ﴾ ولم يقل ومقصرات، فغلَّب المذكر.
وقيل: إن الاستثناء في الآية أنما وقع على من مات منهم أو قتل وقيل إنّ " إنْ " بمعنى " إذ ".
ثم قال ﴿لاَ تَخَافُونَ﴾ أي: تدخلون غير خائفين.

صفحة رقم 6972

قوله: ﴿فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُواْ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً﴾.
أي: علم الله أن بمكة رجالاً ونساءً مؤمنين، فلو دخلتموها أيها المؤمنون ذلك العام لقتلتم منهم فتلزمكم الديات ويقرعكم بذلك المشركون، فردكم عن مكة من أجل ذلك.
ثم قال: ﴿فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً﴾ أي: فجعل الله لكم من دون صدكم عن البيت فتحاً قريباً، وهو فتح خيبر فتحها النبي ﷺ وأصحابه في ذلك العام واقتسم أهل الحديبية خاصة مغانمها.
وقال مجاهد: الفتح القريب نحرهم الهدي بالحديبية، ورجعوا فافتتحوا خيبر، ثم قضوا عُمرتهم في السنة المقبلة.
وقيل المعنى: فجعل الله من دون رؤيا رسول الله ﷺ فتحاً قريباً وهو فتح خيبر.

صفحة رقم 6973
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية