واما الحجر الموضوع هناك فموضوع وكان في داخل الكعبة وخارجها وفوقها يومئذ ثلاثمائة وستون صنما لكل حى من احياء العرب صنم وكان هبل أعظم الأصنام وكان من عقيق الى جنب البيت من جهة بابه وهو الآن مطروح تحت باب السلام القديم يطأه الناس الى يوم القيامة لقول ابى سفيان يوم أحد مفتخرا بذلك اعل هبل اعل هبل وذلك لان من أعزه الناس اذله الله فجاء عليه السلام ومعه قضيب فجعل يهوى به الى كل صنم منهم فيخر لوجهه وكان يقول جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا وامر عليا رضى الله عنه فصعد الكعبة وكسر ما فوقها ودخل عليه السلام الكعبة بعد ان أرسل بلالا الى عثمان بن ابى طلحة يأتى بمفتاح الكعبة فدخلها عليه السلام وصلّى ركعتين ودعا في نواحيها كلها وكان في الكعبة صور كثيره حتى صورة ابراهيم واسمعيل ومريم وصور الملائكة فأمر عليه السلام عمر رضى الله عنه فمحاها كلها وكانت الكعبة بيت الأصنام الف سنة ثم صارت مسجد اهل الإسلام الف سنة اخرى وكانت تشكو الى الله تعالى مما فعله الناس من الشرك حتى أنجز الله وعده لها وفيه اشارة الى كعبة القلب فانها كانت بيت الا صنام قبل الفتح والامداد الملكوتي وأعظم الأصنام الوجود (قال الشيخ المغربي)
بود وجود مغربى لات ومنات او بود
نيست بتى چوبود او در همه سو منات تو
(وقال الخجندي)
بشكن بت غرور كه در دين عاشقان
يك بت گر بشكنند به از صد عبادتست
(وقال)
مدعى نيست محرم دريار
خادم كعبه بو لهب نبود
وجلس رسول الله يوم الفتح على الصفا يبايع الناس فجاء الكبار والصغار والرجال والنساء فبايعهم على الإسلام اى على شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله وعلى سائر الاحكام ودخل الناس في دين الله أفواجا وعفا عليه السلام عمن كان مؤذياله منذ عشرين سنة ودعاله بالمغفرة وقال عليه السلام يا ايها الناس ان الله حرم مكة يوم حلق السموات والأرض ويوم خلق الشمس والقمر ووضع هذين الجبلين فهى حرام الى يوم القيامة فلا يحل لامرئ يومن بالله واليوم الآخر ان يسفك فيها دما ولا يعضد فيها شجرة لم تحل لاحد قلبى ولن تحل لاحد يكون بعدي ولا تحل لى الا هذه الساعة اى من صبيحة يوم الفتح الى العصر غضبا على أهلها ألا قد رجعت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس فليبلغ الشاهد منكم الغائب واقام بمكة بعد فتحها تسعة عشر او ثمانية عشر يوما يقصر الصلاة في مدة اقامة ثم خرج الا هوازن وثقيف كما مر وولى امر مكة عتاب بن أسيد رضى الله عنه وعمره احدى وعشرون سنة وامره ان يصلى بالناس وهو أول امير صلّى بمكة بعد الفتح جماعة وترك معاذ بن جبل رضى الله عنه معه معلما للناس السنن والفقه وبه ثبت الاستخلاف وعليه العمل الى يومنا هذا فان النبي انما يبعث لرفع الجهل وقس عليه اولى جعلنا الله وإياكم من الوراثين هُمُ اى قريش الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ اى معنوكم عن ان تطوفوا به وَالْهَدْيَ اى وصدوا الهدى وهو بالنصب عطف على الضمير المنصوب في صدوكم والهدى بسكون الدال جمع هدية كتمر وتمرة
صفحة رقم 47
وجدى وجدية وهو مختص بما يهدى الى البيت تقربا الى الله تعالى من النعم أيسره شاة وأوسطه بقرة وأعلاه بدنة يقال أهديت له وأهديت اليه ويجوز تشديد الباء فيكون جمع هدية مَعْكُوفاً حال من الهدى اى محبوسا يقال عكفته عن كذا إذا حبسته ومنه العاكف في المسجد لانه حبس نفسه أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ بدل اشتمال من الهدى او منصوب بنزع الخافض اى محبوسا من ان يبلغ مكانه الذي يحل فيه نحره اى يجب فالمحل اسم للمكان الذي ينحر فيه الهدى فهو من الحلول لا من الحل الذي هو ضد الحرمة قال في المفردات حل الدين حلولا وجب أداؤه وحللت نزلت من حل الأحمال عند النزول ثم جرد استعماله للنزول والمحلة مكان النزول انتهى وبه استدل ابو حنيفة على ان المحصر محل هديه الحرم فان بعض الحديبية كان من الحرم قال في بحر العلوم م الحديبية طرف الحرم على تسعة أميال من مكة وروى
ان خيامه عليه السلام كانت في الحل ومصلاه في الحرم وهناك نحرت هداياه عليه السلام وهى سبعون بدنة والمراد صدها عن محلها المعهود الذي هو منى للحاج وعند الصفا للمعتمر وعند الشافعي لا يختص دم الإحصار بالحرم فيجوز أن يذبح في الموضع الذي أحصر فيه بين تعالى استحقاق كفار مكة للعقوبة بثلاثة أشياء كفرهم في أنفسهم وصد المؤمنين عن إتمام عمرتهم وصد هديهم عن بلوغ المحل فهم مع هذه الافعال القبيحة كانوا يستحقون أن يقاتلوا او يقتلوا الا انه تعالى كف أيدي كل فريق عن صاحبه محافظة على ما في مكة من المؤمنين المستضعفين ليخرجوا منها او يدخلوها على وجه لا يكون فيه إيذاء من فيها من المؤمنين والمؤمنات كما قال تعالى وَلَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ لم تعرفوهم بأعيانهم لاختلاطهم وهو صفة الرجال ونساء جميعا وكانوا بمكة وهم اثنان وسبعون نفسا يكتمون ايمانهم أَنْ تَطَؤُهُمْ بدل اشتمال منهم او من الضمير المنصوب في تعلموهم اى توقعوا بهم وتهلكوهم فان الوطأ عبارة عن الإيقاع والإهلاك والابادة على طريق ذكر الملزوم وارادة اللازم لان الوطأ تحت الاقدام مستلزم للاهلاك ومنه قوله عليه السلام اللهم اشدد وطأتك على مضر اى خذهم أخذا شديدا وفي المفردات اى ذللهم ووطئ امرأته كناية عن المجامعة صار كالتصريح للعرف فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ اى من جهتهم معطوف على قوله ان تطأوهم مَعَرَّةٌ مفعلة من عره إذا عراه ودهاه بما يكرهه ويشق عليه وفي المفردات العر الجرب الذي يعر البدن اى يعترضه ومنه قيل للمضرة معرة تشبيها بالعر الذي هو الجرب والمعنى مشقة ومكروه كوجوب الدية او الكفارة بقتلهم والتأسف عليهم وتعيير الكفار وسوء حالتهم والإثم بالتقصير في البحث عنهم قال سعدى المفتى قلت في المذهب الحنفي لا يلزم بقتل مثله شيء من الدية والكفارة وما ذكره الزمخشري لا يوافق مذهبه انتهى وقال بعضهم أوجب الله على قاتل المؤمن في دار الحرب إذا لم يعلم إيمانه الكفارة فقال تعالى فان كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة بِغَيْرِ عِلْمٍ متعلق بأن تطأوهم اى غير عالمين بهم فيصيبكم بذلك مكروه لما كف ايديكم عنهم وفي هذا الحذف دليل على شدة غضب الله تعالى على كفار مكة كأنه قيل لولا حق المؤمنين موجود لفعل بهم ما لا يدخل تحت الوصف والقياس بناء على ان
صفحة رقم 48
فخرج منه فأرة فرجع بكمال الغيظ فلما رآه الشيخ تبسم وقال يا خائن الآن لم تكن أمينا لفأرة فكيف تكون أمينا للاسم الأعظم فالكبار يحفظون الأسماء والادعية من غير أهلها لئلا يجعلوها ذريعة الى الأغراض الفاسدة النفسانية (قال سعدى)
كسى را با خواجه تست جنك
بدستش جرامى دهى چوب وسنك
سنك آخر كه باشد كه خواش نهند
بفرماى تا استخوانش نهند
(وفي المثنوى)
چند دزدى حرف مردان خدا
تا فروشى وستانى مرحبا
چون رخت را نيست در خوبى اميد
خواه كلكونه نه وخواهى مديد
لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا صدق يتعدى الى مفعولين الى الاول بنفسه والى الثاني بحرف الجر يقال صدقك في كذا اى ما كذبك فيه وقد يحذف الجار ويوصل الفعل كما في هذه الآية اى صدقه عليه السلام في رؤياه وتحقيقه أراه الرؤيا الصادقة وهى ما سبق في أول السورة من انه عليه السلام رأى قبل خروجه الى الحديبية كأنه وأصحابه قد دخلوا مكة آمنين وقد خلقوا رؤسهم وقصروا فقص الرؤيا على أصحابه ففرحوا واستبشروا وحسبوا انهم داخلوها في عامهم هذا فلما تأخر ذلك قال بعض المنافقين والله ما حلقنا ولا قصرنا ولا رأينا المسجد الحرام فنزلت وهو دليل قاطع على ان الرؤيا حق وليس بباطل كما زعم جمهور المتكلمين والمعتزلة فتبالهم كما في بحر العلوم قالوا ان خلت الرؤيا عن حديث النفس وكان هيئة الدماغ صحيحة والمزاج مستقيما كانت رؤيا من الله مثل رؤيا الأنبياء والأولياء والصلحاء وفي الحديث الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزأ من النبوة بِالْحَقِّ اى صدقا ملتبسا بالغرض الصحيح والحكمة البالغة التي هى التمييز بين الراسخ في الايمان والمتزلزل فيه او حال كون تلك الرؤيا ملتبسة بالحق ليست من قبيل أضغاث الأحلام لان ما رآه كائن لا محالة في وقته المقدر له وهو العام القابل وقد جوز ان يكون قسما بالحق الذي هو من اسماء الله او بنقيض الباطل وقوله لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ جواب وهو على الأولين جواب قسم محذوف اى والله لتدخلنه في العام الثاني إِنْ شاءَ اللَّهُ تعليق للعدة بالمشيئة لتعليم العباد لكى يقولوا في عداتهم مثل ذلك لا لكونه تعالى شاكا فى وقوع الموعود فانه منزه عن ذلك وهذا معنى ما قال ثعلب استثنى الله فيما يعلم ليستثنى الخلق فيما لا يعلمون وفيه ايضا تعريض بأن دخولهم مبنى على مشيئته تعالى ذلك لا على جلادتهم وقوتهم كما قال فى الكواشي استثنى اعلاما انه لافعال الا الله انتهى او للاشعار بأن بعضهم لا يدخلونه لموت او غيبة او غير ذلك فكلمة ان للتشكيك لا للشك وقال الحدادي الاستثناء قد يذكر للتحقيق تبركا كقولهم قد غفر الله لك ان شاء الله ولا تعلق لمن يصحح الايمان بالاستثناء لانه خبر عن الحال فالاستثناء فيه محال كما في عين المعاني وروى ان النبي عليه السلام كان إذا دخل المقابر يقول السلام عليكم اهل القبور وانا إنشاء الله بكم لا حقوق فيستثنى على وجه التبرك وان كان اللحوق مقطوعا به وقيل معناه لا حقون بكم في الوفاة على الايمان فان شرطية
صفحة رقم 52
ويمكن ان يقال تعليق اللحوق بالمشيئة بناء على ان اللحوق بخصوص المخاطبين ويتحصل من هذا ان الاستثناء من الامن لا من الدخول لان الدخول مقطوع لا الا من حال الدخول وقال بعضهم ان هنا بمعنى إذ كما في قوله ان أردن تحصنا وقال ابن عطية وهذا احسن في معناه لكن كون ان بمعنى إذ غير موجود في لسان العرب وفيه وجه آخر وهو انه حكاية لما قاله ملك الرؤيا لرسول الله فقوله لتدخلن الآية تفسير للرؤيا كأنه قيل هو قول الملك له عليه السلام في منامه لتدخلن وإذا كان التعليق من كلام الملك لتبرك فلا إشكال او حكاية لما قاله عليه السلام لاصحابه كانه قيل قال النبي بناء على تلك الرؤيا التي هى وحي لتدخلن إلخ يعنى لما قص رؤياء على أصحابه استأنف بأن قال لتدخلن إلخ آمِنِينَ من الأعادي حال من فاعل لتدخلن والشرط معترض وكذا قوله مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ اى جميع شعورها والتحليق والتحلاق بسيار ستردن سركما في تاج المصادر والحلق العضو المخصوص وحلقه قطع حلقه ثم جعل الحلق لقطع الشعر وجزه فقيل حلق شعره وحلق رأسه اى أزال شعره وَمُقَصِّرِينَ بعض شعورها والقصر خلاف الطول وقص شعره حز بعضه اى محلقا بعضكم ومقصرا آخرون والا فلا يجتمع الحلق والتقصير في كل واحد منهم فالنظم من نسبة حال البعض الى الكل يعنى ان الواو ليست لاجتماع الامرين في كل واحد منهم بل لاجتماعهما في مجموع القوم ثم ان قوله محلقين ومقصرين من الأحوال المقدرة فلا يردان حال الدخول هو حال الإحرام وهو لا يجامع الحلق والتقصير وقدم الحلق على التقصير وهو قطع أطراف الشعر لان الحلق أفضل
من التقصير وقد حلق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رأسه بمنى واعطى شعر شق رأسه أبا طلحة الأنصاري وهو زوج أم سليم وهى والدة انس بن مالك فكان آل انس يتهادون به بينهم وروى انه عليه السلام حلق رأسه اربع مرات والعادة في هذا الزمان في اكثر البلاد حلق الرأس للرجل عملا بقوله عليه السلام تحت كل شعرة نجاسة فخللوا الشعر وأنفقوا البشرة وانما قلنا للرجل لان حلق شعر المرأة مثلة وهى حرام كما ان حلق لحية الرجل كذلك لا تَخافُونَ حال مؤكدة من فاعل لتدخلن او استئناف جوابا عن سؤال انه كيف يكون الحال بعد الدخول اى لا تخافون بعد ذلك من أحد فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا عطف على صدق والفاء للترتيب الذكرى فالتعرض لحكم الشيء انما يكون بعد جرى ذكره والمراد بعلمه تعالى العلم الفعلى المتعلق بامر حادث بعد المعطوف عليه اى فعلم عقيب ما أراه الرؤيا الصادقة ما لم تعلموا من الحكمة الداعية الى تقديم ما يشهد بالصدق علما فعليا فَجَعَلَ لاجله مِنْ دُونِ ذلِكَ اى من دون تحقق مصداق ما أراه من دخول المسجد الحرام إلخ وبالفارسية پس ساخت براى شما يعنى مقرر كرد پيش ازين يعنى قبل از دخول در مسجد حرام بجهت عمره قضا فَتْحاً قَرِيباً هو فتح خيبر مضى عليه السلام بعد خمس عشرة ليلة كما في عين المعاني والمراد بجعله وعده وإنجازه من غير تسويف ليستدل به على صدق الرؤيا حسبما قال ولتكون آية للمؤمنين واما جعل ما في قوله ما لم تعلموا عبارة عن الحكمة في تأخير فتح مكة الى العام القابل
صفحة رقم 53
كما جنح اليه الجمهور فتأباه الفاء فإن علمه تعالى بذلك متقدم على إراءة الرؤيا قطعا كما في الإرشاد وفي الآية اشارة الى ان الله تعالى امتحن المؤمن والمنافق بهذه الرؤيا إذ لم يتعين وقت دخولهم فيه فأخر الدخول تلك السنة فهلك المنافقون بتكذيب النبي عليه السلام فيما وعدهم بدخول المسجد الحرام وازداد كفرهم ونفاقهم وازداد ايمان المؤمنين بتصديق النبي عليه السلام مع ايمانهم وانتظروا صدق رؤياه فصدق الله رسوله الرؤيا بالحق فهلك من هلك عن بينة وحى من حى عن بينة ولذلك قال تعالى فعلم ما لم تعلموا يعنى من تربية نفاق اهل النفاق وتقوية ايمان اهل الايمان فجعل من دون ذلك فتحا قريبا من فتوح الظاهر والباطن فلا بد من الصبر فان الأمور مرهونة باوقاتها
صد هزاران كيميا حق آفريد
كيميايى همچوصبر آدم نديد
نيست هر مطلوب از طالب دريغ
جفت تابش شمس وجفت آب ميغ
وقد صبر عليه السلام على أذى قومه وهكذا حال كل وارث قال معروف الكرخي قدس سره رأيت في المنام كأنى دخلت الجنة ورأيت قصرا فرشت مجالسه وأرخيت ستوره وقام ولدانه فقلت لمن هذا فقيل لابى يوسف فقلت ثم استحق هذا فقالوا بتعليمه الناس العلم وصبره على اذاهم ثم ان الصدق صفة الله تعالى وصفة خواص عباده وانه من اسباب الهداية (حكى) عن ابراهيم الخواص قدس سره انه كان إذا أراد سفرا لم يعلم أحدا ولم يذكره وانما يأخذ ركوته ويمشى قال حامد الأسود فبينا نحن معه في مسجد تناول ركوته ومشى فاتبعته فلما وافينا القادسية قال لى يا حامد الى اين قلت يا سيدى خرجت لخروجك قال انا أريد مكة ان شاء الله قلت وانا أريد ان شاء الله مكة فلما كان بعد ايام إذا بشاب قد انضم إلينا فمشى معنا يوما وليلة لا يسجد لله سجدة فعرفت ابراهيم وقلت ان هذا الغلام لا يصلى فجلس وقال يا غلام مالك لا تصلى والصلاة أوجب عليك من الحج فقال يا شيخ ما على صلاة قلت ألست بمسلم قال لا قلت فاى شيء أنت قال نصرانى ولكن اشارتى في النصرانية الى التوكل وادعت نفسى انها قد أحكمت حال التوكل فلم أصدقها فيما ادعت حتى أخرجتها الى هذه الفلاة التي ليس فيها موجود غير المعبود اثير ساكنى وامتحن خاطرى فقام ابراهيم ومشى وقال دعه معك فلم يزل يسايرنا حتى وافينا بطن مرو فقام ابراهيم ونزع خلقانه فطهرها بالماء ثم جلس وقال له ما اسمك قال عبد المسيح فقال يا عبد المسيح هذا دهليز مكة يعنى الحرم وقد حرم الله على امثالك الدخول فيه قال تعالى انما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا والذي أردت ان تستكشفه من نفسك قد بان لك فاحذر ان تدخل مكة فان رأيناك بمكة أنكرنا عليك قال حامد فتركناه ودخلنا مكة وخرجنا الى الموقف فبينما نحن جلوس بعرفات إذ به قد اقبل عليه ثوبان وهو محرم يتصفح الوجوه حتى وقف علينا فأكب على ابراهيم يقبل رأسه فقال له ما وراءك يا عبد المسيح فقال له هيهات انا اليوم عبد من المسيح عبده فقال له ابراهيم حدثنى حديثك قال جلست مكانى حتى أقبلت قافلة الحاج وتنكرت في زى المسلمين كأنى محرم فساعة وقعت عينى على
صفحة رقم 54