آيات من القرآن الكريم

إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَىٰ وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا
ﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻ ﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤ ﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐ ﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮ

عليه وسلم فغاظ هذا القول قريشا وهاج حفيظتها فأمرت بسجن عثمان ثلاثة أيام حتى تنظر في أمره فتناقل الناس الخبر مكبّرا حتى وصل معسكر الرسول أن عثمان قد قتل، هنا قام النبي ﷺ خطيبا قائلا: ان كان حقا ما سمعنا فلن نبرح حتى نناجز القوم، البيعة البيعة أيّها الناس، فتوافد الناس يبايعون رسول الله تحت الشجرة وكانت سمرة وكان أول من بايعه سنان الأسدي فقال له وهو يبايعه: أبايعك على ما في نفسي فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: وما في نفسك؟
قال سنان: أضرب بسيفي بين يديك حتى يظهرك الله أو اقتل وبايعه الناس على ما بايعه سنان وكان عدد المبايعين ألفا وخمسمائة وخمسة وعشرين إلى آخر تلك القصة الممتعة التي يرجع إليها من شاء في كتب السير.
الفوائد:
روى ابن سعد بإسناد صحيح عن نافع أن عمر بلغه أن قوما يأتون الشجرة يصلّون عندها فتوعدهم ثم أمر بقطعها فقطعت والحكمة في ذلك أن لا يحصل الافتتان بها.
[سورة الفتح (٤٨) : الآيات ٢٢ الى ٢٦]
وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (٢٢) سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً (٢٣) وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً (٢٤) هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً (٢٥) إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (٢٦)

صفحة رقم 246

اللغة:
(الْهَدْيَ) تقدم تفسيره وفيه ثلاث لغات حكاها ابن خالويه:
الهدي وهي الشهيرة، والهدي بتشديد الياء، والهداء وهو ما يهدى إلى الكعبة.
(مَعْكُوفاً) محبوسا يقال عكفت الرجل عن حاجته إذا حبسته عنها، وأنكر الفارسي تعدية عكف بنفسه وهو محجوج كما يقول الأزهري وابن سيده ببناء اسم المفعول منه.
(مَعَرَّةٌ) مفعلة من عره بمعنى عراه إذا داهاه ما يكره وفي القاموس واللسان: المعرة المساءة والإثم والأذى والجناية والعيب والأمر القبيح والشدّة والمسبة وتلوّن الوجه غضبا وكوكب دون المجرة وبلد معروف.

صفحة رقم 247

الإعراب:
(وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) الواو استئنافية ولو شرطية وقاتلكم فعل ومفعول به مقدّم والذين فاعل وجملة كفروا صلة، ولولّوا اللام واقعة في جواب لو وولّوا فعل وفاعل والجملة لا محل لها لأنها جواب لو والأدبار مفعول به وثم حرف عطف ولا نافية ويجدون فعل مضارع مرفوع وفاعل ووليّا مفعول به ولا نصيرا عطف عليه (سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا) سنّة مفعول مطلق لأنه مصدر مؤكد أي سنّ الله غلبة أنبيائه سنّة، والتي صفة لسنّة الله وجملة قد خلت صلة التي ومن قبل متعلقان بخلت والواو عاطفة ولن حرف نفي ونصب واستقبال وتجد فعل مضارع منصوب بلن ولسنّة الله متعلقان بتجد وتبديلا مفعول به (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ) كلام مستأنف وهو مبتدأ والذي خبره وجملة كفّ صلة وأيديهم مفعول به وعنكم متعلقان بكفّ وأيديكم عنهم عطف على أيديهم عنكم وببطن مكة بيان للموقع وهو الحديبية فهو متعلق بمحذوف حال أي كائنين ببطن مكة والحديبية ملاصقة للحرم ومن بعد متعلقان بكف أيضا وأن وما في حيزها في محل جر بالإضافة إلى الظرف وعليهم متعلقان بأظفركم (وَكانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً) كان واسمها وبصيرا خبرها وبما تعملون متعلقان ببصيرا (هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ) كلام مستأنف لبيان الذين صدّوا النبي ﷺ عن المسجد الحرام، وهم مبتدأ والذين خبره وجملة كفروا صلة وصدّوكم عطف على الصلة وعن المسجد متعلقان بصدّوكم والحرام نعت والهدي عطف على الضمير المنصوب في صدّوكم وهو الكاف ويجوز أن تكون مفعولا معه والواو للمعية ومعكوفا

صفحة رقم 248

حال، وأن يبلغ أن وما في حيزها في تأويل مصدر منصوب بنزع الخافض أي عن أن يبلغ أو من أن يبلغ وحينئذ يجوز في هذا الجار المقدّر أن يتعلق بصدّوكم وأن يتعلق بمعكوفا أي محبوسا عن بلوغ محله ويجوز أن يكون المصدر المؤول في موضع نصب على أنه مفعول من أجله لأنه علة الصدّ والتقدير صدّوا الهدي كراهة أن يبلغ محله أو هو علة لمعكوفا أي لأجل أن يبلغ محله، وأعربه بعضهم بدل اشتمال من الهدي أي مسددا بلوغ الهدي محله (وَلَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ) الواو عاطفة ولولا حرف امتناع لوجود ورجال مبتدأ خبره محذوف تقديره موجودون بمكة ومؤمنون نعت رجال ونساء مؤمنات عطف على رجال مؤمنون وجملة لم تعلموهم صفة للرجال والنساء جميعا وأن وما في حيزها في تأويل مصدر بدل اشتمال منهم أو من الضمير المنصوب في تعلموهم (فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ) الفاء سببية وتصيبكم فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد فاء السببية والكاف مفعول به ومنهم متعلقان بتصيبكم ومعرّة فاعل تصيبكم وبغير علم متعلقان بمحذوف حال من الكاف أو بمحذوف صفة لمعرّة وسيأتي الكلام في جواب لولا (لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً) اللام للتعليل ويدخل مضارع منصوب بأن مضمرة جوازا بعد اللام والجار والمجرور متعلقان بمقدر أي كان انتفاء التسليط على أهل مكة وانتفاء العذاب ليدخل الله فهو علّة لما دلّ عليه كفّ الأيدي المفهوم من السياق عن أهل مكة صونا لمن فيها من المؤمنين وفي رحمته متعلقان بيدخل ومن يشاء مفعول به وجملة يشاء صلة ولو شرطية وتزيلوا فعل ماض وفاعل أي لو تميز بعضهم من بعض واللام رابطة وجملة عذبنا لا محل لها لأنها جواب لو وقد دلّ على جواب لولا وسيأتي مزيد من هذا البحث في باب البلاغة وعذبنا فعل وفاعل والذين كفروا مفعول به ومنهم حال وعذابا مفعول

صفحة رقم 249

مطلق وأليما صفة (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ) إذ ظرف لما مضى من الزمن متعلق بعذبنا أو بصدّوهم عن المسجد الحرام ولك أن تنصبه بإضمار اذكر وجملة جعل في محل جر بإضافة الظرف إليها
والذين فاعل وجملة كفروا صلة وفي قلوبهم متعلقان بجعل إذا كانت بمعنى ألقى أو بمحذوف مفعول به ثان لجعل إن كانت بمعنى صيّر والحمية مفعول به أول وحمية الجاهلية بدل والحمية الأنفة يقال حميت عن كذا حمية إذا أنفت عنه وداخلك عار وأنفة لفعله، قال المتلمس:

ألا إنني منهم وعرضي عرضهم كذا الرأس يحمي أنفه أن يهشما
(فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها) الفاء عاطفة على مقدّر لا بدّ منه يفهم من السياق أي فهمّ المسلمون أن يخالفوا كلام رسول الله ﷺ في الصلح ودخلوا من ذلك في أمر موبق أو يساور قلوبهم الشك فأنزل. والله فاعله وسكينته مفعول به وعلى رسوله متعلقان بأنزل وعلى المؤمنين عطف على ما تقدم وألزمهم عطف أيضا والهاء مفعول أول وكلمة التقوى مفعول به ثان وسيأتي المراد بها في باب الفوائد وكانوا عطف على ما تقدم وأحقّ خبر كانوا وبها متعلقان بأحق وأهلها عطف على أحق عطف تفسير (وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) كان واسمها وبكل شيء متعلقان بعليما وعليما خبرها.
البلاغة:
في هذه الآية لطائف معنوية وهو أنه تعالى أبان غاية البون بين الكافر والمؤمن، باين بين الفاعلين إذ فاعل جعل هو الكفار وفاعل أنزل هو الله تعالى، وبين المفعولين إذ تلك حمية وهذه سكينة، وبين

صفحة رقم 250
إعراب القرآن وبيانه
عرض الكتاب
المؤلف
محيي الدين بن أحمد مصطفى درويش
الناشر
دار الإرشاد للشئون الجامعية - حمص - سورية ، (دار اليمامة - دمشق - بيروت) ، ( دار ابن كثير - دمشق - بيروت)
سنة النشر
1412 - 1992
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية