
[سورة الأحقاف (٤٦) : آية ٢٩]
وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (٢٩)قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ، الْآيَةَ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحْدَهُ إِلَى الطَّائِفِ يَلْتَمِسُ مِنَ ثَقِيفٍ النَّصْرَ وَالْمَنَعَةَ لَهُ مِنْ قَوْمِهِ.
«١٩٢٦» فَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعَّبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: لَمَّا انْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الطَّائِفِ عمد [١] إِلَى نَفَرٍ مِنْ ثَقِيفٍ، وَهُمْ يَوْمَئِذٍ سَادَةُ ثَقِيفٍ وَأَشْرَافُهُمْ، وَهُمْ إِخْوَةٌ ثَلَاثَةٌ عَبْدُ يَالِيلَ وَمَسْعُودٌ وَحَبِيبٌ بَنُو عَمْرِو بْنِ عُمَيْرٍ، وَعِنْدَ أَحَدِهِمُ امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ بَنِي جُمَحَ [٢]، فَجَلَسَ إِلَيْهِمْ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ وَكَلَّمَهُمْ بِمَا جاء [٣] لَهُ مَنْ نُصْرَتِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَالْقِيَامِ مَعَهُ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ مِنْ قَوْمِهِ، فَقَالَ لَهُ أَحَدُهُمْ هُوَ يَمْرُطُ ثِيَابَ الْكَعْبَةِ: إِنْ كَانَ اللَّهُ أَرْسَلَكَ، وَقَالَ الْآخَرُ: مَا وَجَدَ اللَّهُ أَحَدًا يُرْسِلُهُ غَيْرَكَ؟ وَقَالَ الثَّالِثُ: وَاللَّهِ مَا أكلمك أَبَدًا، لَئِنْ كُنْتَ رَسُولًا مِنَ اللَّهِ كَمَا تَقُولُ لَأَنَّتْ أَعْظَمُ خَطَرًا مِنْ أَنْ أَرُدَّ عَلَيْكَ الْكَلَامَ، وَلَئِنْ كُنْتَ تَكْذِبُ عَلَى اللَّهِ فَمَا يَنْبَغِي لِي أَنْ أُكَلِّمَكَ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِهِمْ وَقَدْ يَئِسَ مِنْ خَيْرِ ثَقِيفٍ، وَقَالَ لَهُمْ:
إِذْ فَعَلْتُمْ مَا فعلتم فاكتموه علي، وَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُبَلَّغَ قَوْمُهُ فَيَزِيدُهُمْ [٤] عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَلَمْ يَفْعَلُوا وَأَغْرَوْا بِهِ سُفَهَاءَهُمْ [٥] وَعَبِيدَهُمْ يَسُبُّونَهُ وَيَصِيحُونَ بِهِ حَتَّى اجْتَمَعَ عَلَيْهِ [٦] الناس، وألجئوه إِلَى حَائِطٍ لِعُتْبَةَ وَشَيْبَةَ ابْنَيْ رَبِيعَةَ، وَهُمَا فِيهِ فَرَجَعَ عَنْهُ سُفَهَاءُ ثَقِيفٍ وَمَنْ كَانَ تَبِعَهُ، فَعَمَدَ إِلَى ظِلِّ حَبْلَةٍ مِنْ عِنَبٍ، فَجَلَسَ فِيهِ وَابْنَا رَبِيعَةَ يَنْظُرَانِ إِلَيْهِ وَيَرَيَانِ مَا لَقِيَ مِنْ سُفَهَاءِ ثَقِيفٍ، وَلَقَدْ لَقِيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ الْمَرْأَةَ الَّتِي مِنْ بَنِي جُمَحَ [٧]، فَقَالَ لَهَا: مَاذَا لَقِينَا مَنْ أَحِمَّائِكِ؟ فِلْمًا اطْمَأَنَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْكُو إِلَيْكَ ضَعْفَ قُوَّتِي وَقِلَّةَ حِيلَتِي وهو اني عَلَى النَّاسِ، أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ أَنْتَ رَبُّ الْمُسْتَضْعَفِينَ وَأَنْتَ رَبِّي، إِلَى مَنْ تَكِلُنِي إِلَى بِعِيدٍ يَتَجَهَّمُنِي أَوْ إِلَى عَدُوٍ مَلَّكْتَهُ أَمْرِي، إِنْ لَمْ يَكُنْ بِكَ عَلِيَّ غَضَبٌ فَلَا أُبَالِي، وَلَكِنَّ عَافِيَتَكَ هِيَ أَوْسَعُ لِي، أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظُّلُمَاتُ وَصَلُحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ أَنْ يَنْزِلَ بِي غَضَبُكَ أَوْ يَحِلَّ عَلَيَّ سَخَطُكَ، لَكَ الْعُتْبَى حَتَّى تَرْضَى، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ»، فَلَمَّا رَأَى ابْنَا رَبِيعَةَ مَا لَقِيَ تَحَرَّكَتْ لَهُ رَحِمُهُمَا فَدَعَوَا غُلَامًا لَهُمَا نَصْرَانِيًّا يُقَالُ لَهُ: عَدَّاسٌ، فَقَالَا [٨] لَهُ: خُذْ قَطْفًا من هذا الْعِنَبِ وَضَعْهُ فِي ذَلِكَ الطَّبَقِ ثُمَّ اذْهَبْ بِهِ إِلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ، فَقُلْ لَهُ يَأْكُلُ مِنْهُ، فَفَعَلَ ذَلِكَ عَدَّاسُ، ثُمَّ أَقْبَلَ بِهِ حَتَّى وَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ ثُمَّ أَكَلَ، فَنَظَرَ عَدَّاسٌ إِلَى وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ إِنَّ هَذَا الْكَلَامَ مَا يَقُولُهُ أَهْلُ هَذِهِ الْبَلْدَةِ [في هذا الرجل إلّا حسدا] [٩]، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَيِّ الْبِلَادِ أَنْتَ يَا عَدَّاسٌ؟ وَمَا دينك؟ وَمَا دِينُكَ؟ قَالَ: أَنَا نَصْرَانِيٌّ وَأَنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ نِينَوَى فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمِنَ قَرْيَةِ الرجل
- وهذا مرسل فهو ضعيف، ويزيد غير قوي.
(١) زيادة عن المخطوط (ب).
(٢) تصحف في المخطوط (ب) إلى «جميع».
(٣) في المطبوع «جاءهم» والمثبت عن المخطوط.
(٤) في المطبوع «فيذئلهم» وفي المخطوط (ب) «فيديرهم عليّ» والمثبت عن ط والمخطوط (أ).
(٥) في المطبوع «سفاءهم» والمثبت عن المخطوط.
(٦) في المخطوط (ب) «إليه».
(٧) في المخطوط (ب) «جميع».
(٨) في المطبوع «فقال» والمثبت عن المخطوط. [.....]
(٩) زيادة عن المخطوط.

الصَّالِحِ يُونُسَ بْنِ مَتَّى؟ قَالَ لَهُ: وَمَا يُدْرِيكَ مَا يُونُسُ بْنُ مَتَّى؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ذَاكَ أَخِي كَانَ نَبِيًّا وَأَنَا نَبِيٌّ، فَأَكَبَّ عَدَّاسٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَبَّلَ رَأْسَهُ وَيَدَيْهِ وَقَدَمَيْهِ، قَالَ: فَيَقُولُ ابْنَا رَبِيعَةَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ:
أَمَّا غُلَامُكَ فَقَدْ أَفْسَدَهُ عَلَيْكَ، فلما جاءهما عَدَّاسٌ قَالَا لَهُ: وَيْلَكَ يَا عداس مالك تُقَبِّلُ رَأْسَ هَذَا الرَّجُلِ وَيَدَيْهِ وَقَدَمَيْهِ؟ قَالَ: يَا سَيِّدِي مَا فِي الْأَرْضِ خَيْرٌ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ، لَقَدْ أَخْبَرَنِي بِأَمْرٍ مَا يَعْلَمُهُ إِلَّا نَبِيٌّ، فَقَالَا: وَيْحَكَ يا عداس لا يصرفنك عَنْ دِينِكَ فَإِنَّ دِينَكَ خَيْرٌ مِنْ دِينِهِ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْصَرَفَ مِنَ الطَّائِفِ رَاجِعًا إِلَى مَكَّةَ حِينَ يَئِسَ مَنْ خَيْرِ ثَقِيفٍ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِنَخْلَةٍ قَامَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ يُصَلِّي فَمَرَّ بِهِ نَفَرٌ مَنْ جِنِّ أهل نصيبين باليمن [١]، فَاسْتَمَعُوا لَهُ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صِلَاتِهِ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ، قَدْ آمَنُوا وَأَجَابُوا لِمَا سَمِعُوا، فَقَصَّ اللَّهُ خَبَرَهُمْ عَلَيْهِ، فَقَالَ: وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ.
«١٩٢٧» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ [بْنُ أَحْمَدَ] الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ثنا مسدد ثنا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: انْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظَ، وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، فَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمُ الشُّهُبُ فَرَجَعَتِ الشَّيَاطِينُ إِلَى قَوْمِهِمْ، فَقَالُوا: مَا لَكُمْ؟ قَالُوا: حِيلَ [٢] بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ، قَالُوا: مَا حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إِلَّا شَيْءٌ حَدَثَ، فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا، فَانْظُرُوا مَا هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إِلَّا شَيْءٌ حَدَثَ، فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا، فَانْظُرُوا مَا هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، فَانْصَرَفَ أُولَئِكَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِنَخْلَةَ، عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظَ وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْفَجْرِ، فَلَمَّا سَمَّعُوا الْقُرْآنَ اسْتَمِعُوا لَهُ، فَقَالُوا:
هَذَا وَاللَّهِ الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، فَهُنَالِكَ رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ فَقَالُوا: يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً (٢) [الْجِنِّ: ٢]، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ: قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ [الْجِنِّ: ١]، وَإِنَّمَا أَوْحَى إِلَيْهِ قَوْلَ الْجِنِّ.
وَرُوِيَ: أَنَّهُمْ لما رجموا بِالشُّهُبِ بَعَثَ إِبْلِيسُ سَرَايَاهُ لِتَعْرِفَ الْخَبَرَ، وَكَانَ أَوَّلُ بَعْثٍ بَعَثَ رَكْبًا مِنْ أَهْلِ نَصِيبِينَ وَهْمُ أَشْرَافُ الْجِنِّ وَسَادَاتُهُمْ، فَبَعَثَهُمْ إِلَى تِهَامَةَ.
وَقَالَ أَبُو حَمْزَةَ الثُّمَّالِيُّ [٣] : بلغنا أنهم من [بني] [٤] الشَّيْصَبَانِ وَهُمْ أَكْثَرُ الْجِنِّ عَدَدًا، وَهُمْ عَامَّةُ جُنُودِ إِبْلِيسَ، فَلَمَّا رَجَعُوا قَالُوا: إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً [الجن: ٢].
«١٩٢٨» وَقَالَ جَمَاعَةٌ: بَلْ أُمِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُنْذِرَ الْجِنَّ وَيَدْعُوَهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَيَقْرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ،
- أبو عوانة هو وضاح اليشكري مشهور بكنيته، أبو بشر هو جعفر بن إياس.
- وهو في «صحيح البخاري» ٧٧٣ عن مسدد بهذا الإسناد.
- وأخرجه البخاري ٧٧٣ و٣٣٢٠ ومسلم ٤٤٩ والترمذي ٣٣٢٠ وأحمد ١/ ٢٥٢ و٢٧٠ وأبو يعلى ٢٣٦٩ من طرق عن أبي عوانة به.
- وأخرجه أحمد ١/ ٢٧٤ وأبو يعلى ٥٢٠٢ من طريق أبي إسحاق عن سعيد به.
١٩٢٨- هذا الخبر هو عند الطبري منجما ٣١٣١٥ من طريق سعيد عن قتادة مرسلا. و٣١٣١٦ من طريق معمر عن قتادة و٣١٣١٧ من طريق عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ غيلان عن ابن مسعود و٣١٣١٨ من طريق عن أبي عثمان بن شبة-
(١) في المطبوع «اليمن» والمثبت عن المخطوط.
(٢) في المطبوع «خيل» والمثبت عن المخطوط.
(٣) في المطبوع «اليماني» والمثبت عن المخطوط.
(٤) زيادة عن المخطوط.

فَصَرَفَ إِلَيْهِ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ مِنْ أَهْلِ نِينَوَى، وَجَمْعَهُمْ لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَقْرَأَ عَلَى الْجِنِّ اللَّيْلَةَ، فَأَيُّكُمْ يَتْبَعُنِي؟ فَأَطْرَقُوا ثُمَّ اسْتَتْبَعَهُمْ فَأَطْرَقُوا، ثُمَّ اسْتَتْبَعَهُمُ الثَّالِثَةَ فَأَطْرَقُوا، فَاتَّبَعَهُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَلَمْ يَحْضُرْ مَعَهُ أَحَدٌ غَيْرِي، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى إِذَا كنا بأعلى [١] مَكَّةَ دَخَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شِعْبًا يُقَالُ لَهُ:
شِعْبُ الْحَجُونِ [٢]، وَخَطَّ لِي خَطًّا ثُمَّ أَمَرَنِي أَنْ أَجْلِسَ فِيهِ، وَقَالَ: لَا تَخْرُجْ مِنْهُ حَتَّى أَعُودَ إِلَيْكَ، ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى قَامَ فَافْتَتَحَ الْقُرْآنَ فَجَعَلْتُ أَرَى أَمْثَالَ النُّسُورِ تَهْوِي، وَسَمِعْتُ لَغَطًا شَدِيدًا حَتَّى خِفْتُ عَلَى نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَغَشِيَتْهُ أَسْوِدَةٌ كَثِيرَةٌ حَالَتْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، حَتَّى مَا أَسْمَعُ صَوْتَهُ ثُمَّ طَفِقُوا يَتَقَطَّعُونَ مِثْلَ قِطَعِ السَّحَابِ ذَاهِبِينَ، فَفَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ الْفَجْرِ، فَانْطَلَقَ إِلَيَّ وَقَالَ لي: أَنِمْتَ؟ فَقُلْتُ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، وَقَدْ هَمَمْتُ مِرَارًا أَنْ أَسْتَغِيثَ بِالنَّاسِ حَتَّى سَمِعْتُكَ تَقْرَعُهُمْ بِعَصَاكَ تَقُولُ اجْلِسُوا، قَالَ: لَوْ خَرَجْتَ [والله] [٣] لَمْ آمَنْ عَلَيْكَ أَنْ يَتَخَطَّفَكَ بَعْضُهُمْ، ثُمَّ قَالَ: هَلْ رَأَيْتَ شَيْئًا؟ قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْتُ رِجَالًا سُودًا مُسْتَثْفِرِي [٤] ثِيَابٍ بِيضٍ، قَالَ: أُولَئِكَ جِنُّ نَصِيبِينَ سَأَلُونِي الْمَتَاعَ، وَالْمَتَاعُ الزَّادُ، فَمَتَّعَتْهُمْ بِكُلِّ عَظْمٍ حَائِلٍ [٥] وَرَوْثَةٍ وَبَعْرَةٍ. قَالَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله تقدرها الناس [علينا] [٦]، فَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُسْتَنْجَى بِالْعَظْمِ وَالرَّوَثِ، قَالَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا يُغْنِي ذَلِكَ عَنْهُمْ؟ قَالَ: إِنَّهُمْ لَا يَجِدُونَ عَظْمًا إِلَّا وجدوا عليه لحمه يوم أكله، ولا روثة إلّا وجدوا فيهاحبها يَوْمَ أُكِلَتْ، قَالَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ سَمِعْتُ لَغَطًا شَدِيدًا؟ فَقَالَ:
إِنَّ الْجِنَّ تَدَارَأَتْ فِي قَتِيلٍ قُتِلَ بَيْنَهُمْ فَتَحَاكَمُوا إِلَيَّ فَقَضَيْتُ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ، قَالَ: ثُمَّ تَبَرَّزَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَتَانِي، فَقَالَ: هَلْ مَعَكَ مَاءٌ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَعِي إِدَاوَةٌ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ نَبِيذِ التَّمْرِ، فَاسْتَدْعَاهُ فَصَبَبْتُ عَلَى يَدِهِ فَتَوَضَّأَ وَقَالَ: «تمرة طيبة وماء طهور».
«١٩٢٩» وَقَالَ قَتَادَةُ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ لَمَّا قَدِمَ الْكُوفَةَ رَأَى شُيُوخًا شُمْطًا مِنَ الزُّطِّ فَأَفْزَعُوهُ حِينَ رَآهُمْ، فَقَالَ: اظْهَرُوا، فَقِيلَ لَهُ: إِنْ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مِنَ الزُّطِّ، فَقَالَ: مَا أَشْبَهَهُمْ بالنفر الذي صَرَفُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُرِيدُ الْجِنَّ.
«١٩٣٠» أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ أَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ مُحَمَّدٍ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْجُلُودِيُّ ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ ثَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ثَنَا عبد الأعلى ثنا دَاوُدَ وَهُوَ ابْنُ أَبِي هِنْدٍ
١٩٢٩- ضعيف. وأخرجه الطبري ٢١٣١٦ من طريق معمر عن قتادة مرسلا.
١٩٣٠- إسناده صحيح. رجاله رجال البخاري ومسلم سوى داود، تفرد عنه مسلم.
- عبد الأعلى هو ابن عبد الأعلى البصري السّامي، عامر هو ابن شراحيل الشعبي.
- وهو في «صحيح مُسْلِمٌ» ٤٥٠ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَثْنَى بهذا الإسناد.
- وأخرجه أبو داود ٨٥ مختصرا والترمذي ١٨ و٤٢٥٨ وابن أبي شيبة ١/ ١٥٥ وابن خزيمة ٨٢ وأبو عوانة ١/ ٢١٩ وابن حبان ١٤٣٢ والبيهقي ١/ ١٠٨- ١٠٩ في «دلائل النبوة» ٢/ ٢٢٩ والبغوي في «شرح السنة» ١٧٨ مختصرا من طرق عن داود بن أبي هند به.
(١) في المطبوع «على» والمثبت عن المخطوط.
(٢) تصحف في المخطوط (ب) إلى «الجحون».
(٣) زيادة عن المخطوط (ب).
(٤) في المخطوط (ب) «مستترين بثياب». [.....]
(٥) في المطبوع «حائك».
(٦) زيادة عن المخطوط.