آيات من القرآن الكريم

إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ
ﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠ ﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ ﭫﭬﭭ ﭯﭰ ﭲﭳﭴﭵ ﭷﭸ ﭺﭻﭼﭽﭾ ﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆ ﮈﮉﮊﮋﮌ ﮎﮏﮐﮑﮒﮓ

هذا وأخرج أحمد بن حنبل في مسنده عن سهيل بن سعد قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول لا تسبوا تبعا فإنه كان قد أسلم. وأخرج الحاكم وصححه عن عائشة قالت: لا تسبوا تبعا فإنه كان رجلا صالحا، ألا ترى أن الله تعالى ذم قومه ولم يذمه.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: لا تقولوا في تبع إلا خيرا فإنه قد حج البيت وآمن بما جاء به عيسى بن مريم. وهذا يدل على أنه بعد مبعث عيسى عليه السلام، والأول أصح لأن الحبرين لم يذكرا عن عيسى شيئا، ولعله آمن بما جاء به موسى لأن الحبرين من أتباعه، والحادثة هذه قبل الميلاد بمئة وثلاثين سنة تقريبا، أو أنه عاش لمبعث عيسى عليهم السلام، قالوا وإن الحبرين أخبراه لا يدرك محمدا صلّى الله عليه وسلم فأوصى الأوس والخزرج أن يقيموا بالمدينة وأن يؤازروه إذا خرج وهم أحياء، وأن يوصوا من بعدهم بمؤازرته، وقال رحمه الله أيضا:

حدثت بأن رسول المليك يخرج حقا بأرض الحرم
ولو مدّ دهري إلى دهره كنت وزيرا له وابن عم
قالوا وكتب كتابا بإيمانه وأودعه لديهم على أن يعطيه لحضرة الرسول العربي من يبلغ زمانه منهم. قال تعالى «وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ» ٣٨ لأنه إذا لم يكن بعث ولا حساب يترتب عليه الثواب والعقاب، فيكون خلق الخلق لمجرد الفناء لعبا بل عبثا، وهذا دليل قاطع على البعث.
ولبحثه صلة في الآية ١٦ من سورة المؤمنين الآتية، فراجعه. «ما خَلَقْناهُما إِلَّا بِالْحَقِّ» الجد الصحيح القاطع «وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ» ٣٩ ذلك ولهذا قال المؤمنون (رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا) الكون وما فيه (باطِلًا سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ) الآية ١٩١ من آل عمران في ج ٣، قال تعالى مهددا لهم ولأمثالهم من الكفرة «إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ» بين الصادق والكاذب والمحق والمبطل والمؤمن والكافر «مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ» ٤٠ قومك فمن قبلهم ومن بعدهم
«يَوْمَ لا يُغْنِي» فيه «مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً» من الأشياء أي لا تنفع القرابة والصداقة والخلّة والسيادة من أي ولي كان «وَلا هُمْ» الموالي والرؤساء «يُنْصَرُونَ» ٤١ أيضا فلا يقدرون على نصرة أنفسهم، ولا دفع العذاب عنهم،

صفحة رقم 105

فكيف ينفعون غيرهم «إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ» فلا يخلص من العذاب غير الذين يرحمهم الله فإنهم يخلصون ويشفعون لغيرهم أيضا بإذن الله لمن يشاء رحمته. راجع الآية ٨٦ من سورة الزخرف المارة «إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ» الغالب على أعدائه «الرَّحِيمُ» ٤٢ بأوليائه. قال تعالى «إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ» ٤٣ مرّ ذكرها في الآية ٤٢ من الصافات فراجعها فهي «طَعامُ الْأَثِيمِ» ٤٤ في جهنم وهي خاصة بكثيري الآثام كبيري الكفر عامة، وما قيل إنها خاصة في أبي جهل على فرض صحته لا يقيد عمومها وشرابه فيها «كَالْمُهْلِ» در درى الزيت وعكره ووسخه حال حرارته «يَغْلِي فِي الْبُطُونِ» ٤٥ حال نزوله فيها «كَغَلْيِ الْحَمِيمِ» ٤٦ الماء المتناهي في الحرارة. أخرج الترمذي وقال حديث صحيح عن ابن عباس عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال: لو أن قطرة من الزقوم قطرت في الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم فكيف بمن تكون طعامه، أجارنا الله ثم يقال لذلك الأثيم بعنف وشدة «خُذُوهُ» جرّوه واسحبوه «فَاعْتِلُوهُ» احملوه وأوقعوه «إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ» ٤٧ وسطها «ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ» ٤٨ الماء الشديد الغليان وإضافة العذاب إلى الحميم إضافة مبالغة أي عذابا هو الحميم، وسمي عذابا لعظم حرارته، ثم يقال له على سبيل التبكيت والتحقير «ذُقْ» هذا أحد أنواع العذاب المخصّصة لك «إِنَّكَ» تزعم في الدنيا «أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ» ٤٩ عند قومك وتصف نفسك بهاتين الصفتين، ولا تعلم أيها الكافر أن العزيز من أعزه الله، لا من أعزته الدنيا بحطامها، والكريم من أكرمه الله لا من احترمه الناس لماله أو جاهه أو عشيرته أو رياسته:
مطلب دعاء أبي جهل في الدنيا ومأواه في الآخرة ونعيم الجنة ومعنى الموتة الأولى:
قيل كان أبو جهل يقول: ما بين لابتيها (يريد مكة) أعز وأكرم مني فتقول له خزنة جهنم على طريق التوبيخ والتقريع والسخرية (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ). واعلم أن لفظ الشجرة فيها ثلاث لغات: فتح الشين وكسرها وإبدال الجيم ياء، ويوجد الآن طائفة من العرب في العراق ينطقون الجيم ياء فيقولون ريل بدل رجل. ويقال لهذا الأثيم أيضا «إِنَّ هذا» العذاب جزاء «ما كُنْتُمْ بِهِ»

صفحة رقم 106
بيان المعاني
عرض الكتاب
المؤلف
عبد القادر بن ملّا حويش السيد محمود آل غازي العاني
الناشر
مطبعة الترقي - دمشق
الطبعة
الأولى، 1382 ه - 1965 م
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية