آيات من القرآن الكريم

۞ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ
ﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿ ﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖ ﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖ ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨ ﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶ ﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭ ﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾ

وقوله تعالى: أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ يحتمل أن يكون من قول المؤمنين يومئذ حكاه الله عنهم، ويحتمل أن يكون استئنافا من قول الله تعالى وإخباره لمحمد عليه السلام.
قوله عز وجل:
[سورة الشورى (٤٢) : الآيات ٤٦ الى ٤٨]
وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ (٤٦) اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ ما لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَما لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ (٤٧) فَإِنْ أَعْرَضُوا فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ الْبَلاغُ وَإِنَّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ (٤٨)
قوله تعالى: وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ إنحاء على الأصنام والأوثان التي أظهر الكفار ولايتها واعتقدت ذلك دينا، المعنى: فما بالهم يوالون هذه التي لا تضر ولا تنفع، ولكن من يضلل الله فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ هدى ونجاة، ثم أمر تعالى نبيه أن يأمرهم بالاستجابة لدعوة الله وشريعته، وحذرهم إتيان يوم القيامة الذي لا يرد أحد بعده إلى عمل، والذي لا ملجأ ولا منجا لأحد فيه إلا إلى العلم بالله تعالى والعمل الصالح في الدنيا، فأخبرهم أنه لا ملجأ لهم ولا نكير. والنكير مصدر بمعنى الإنكار وهو بمنزلة عديد الحي ونحوه من المصادر، ويحتمل أن يكون من أبنية اسم الفاعل من نكر، وإن كان المعنى يبعد به، لأن نكر إنما معناه لم يميز وظن الأمر غير ما عهده.
وقوله تعالى: فَإِنْ أَعْرَضُوا فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً تأنيس لمحمد عليه السلام وإزالة لهمه بهم، وأعلمه أنه ليس عليه إلا البلاغ وتوصيل الحجة، ثم جاءت عبارة في باقي الآية هي بمنزلة ما يقول، والقوم قوم عتو وتناقض أخلاق واضطراب، إذا أذيقوا رحمة فرحوا بها وبطروا، وإن أصابت سيئة أي مصيبة تسوءهم في أجسامهم أي في نفوسهم، وذلك بذنوبهم وقبيح فعلهم فإنهم كفر عند ذلك غير صبر. وعبر ب الْإِنْسانَ الذي هو اسم عام ليدخل في الآية والمذمة جميع الكفرة من المجاورين يومئذ ومن غيرهم، وجمع الضمير في قوله: تُصِبْهُمْ وهو عائد على لفظ الْإِنْسانَ من حيث هو اسم جنس يعم كثيرا.
قوله عز وجل:
[سورة الشورى (٤٢) : الآيات ٤٩ الى ٥٣]
لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ ما يَشاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ (٤٩) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (٥٠) وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (٥١) وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢) صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (٥٣)

صفحة رقم 42

الآية الأولى آية اعتبار دال على القدرة والملك المحيط بالجميع، وأن مشيئته تبارك وتعالى نافذة في جميع خلقه وفي كل أمرهم، وهذا لا مدخل لصنم فيه، فإن الذي يخلق ما يشاء ويخترع، فإنما هو الله تبارك وتعالى، وهو الذي يقسم الخلق فيهب الإناث لمن يشاء، أي يجعل بنيه نساء، ويهب الذكور لمن يشاء على هذا الحد، أو ينوعهم مرة يهب ذكرا ويهب أنثى، وذلك معنى قوله تعالى: أَوْ يُزَوِّجُهُمْ.
وقال محمد بن الحنفية: يريد بقوله تعالى: أَوْ يُزَوِّجُهُمْ التوأم، أي يجعل في بطن زوجا من الذرية ذكرا وأنثى. والعقيم: الذي لا يولد له، وهذا كله مدبر بالعلم والقدرة، وهذه الآية تقضي بفساد وجود الخنثى المشكل. وبدئ في هذه الآية بذكر الإناث تأنيسا بهن وتشريفا لهن ليتهمم بصونهن والإحسان إليهن، وقال النبي عليه السلام: «من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له حجابا من النار».
وقال واثلة بن الأسقع: من يمن المرأة تبكيرها بالأنثى قبل الذكر، لأن الله تعالى بدأ بالإناث، حكاه الثعلبي. وقال إسحاق بن بشر: نزلت هذه الآية في الأنبياء ثم عمت، فلوط أبو البنات لم يولد له ذكر، وإبراهيم ضده، ومحمد عليه السلام ولد له الصنفان، ويحيى بن زكرياء عقيم.
وقوله تعالى: وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ الآية نزلت بسبب خوض كان للكفار في معنى تكليم الله موسى ونحو ذلك، ذهبت قريش واليهود في ذلك إلى تجسيم ونحوه، فنزلت الآية مبينة صورة تكليم الله عباده كيف هو، فبين الله أنه لا يكون لأحد من الأنبياء ولا ينبغي له ولا يمكن فيه أن يكلمه الله إلا بأن يوحي إليه أحد وجوه الوحي من الإلهام. قال مجاهد، والنفث في القلب. وقال النقاش: أو وحي في منام؟ قال إبراهيم النخعي: كان من الأنبياء من يخط له في الأرض ونحو هذا، أو بأن يسمعه كلامه دون أن يعرف هو للمتكلم جهة ولا حيزا كموسى عليه السلام، وهذا معنى: مِنْ وَراءِ حِجابٍ أي من خفاء عن المتكلم لا يحده ولا يتصور بذهنه عليه، وليس كالحجاب في الشاهد، أو بأن يرسل إليه ملكا يشافهه بوحي الله تعالى. وقرأ جمهور القراء والناس: «أو يرسل» بالنصب «فيوحي» بالنصب أيضا. وقرأ نافع وابن عامر وأهل المدينة: «أو يرسل» بالرفع «فيوحي» بسكون الياء ورفع الفعل. فأما القراءة الأولى فقال سيبويه: سألت الخليل عنها فقال: هي محمولة على أَنْ غير التي في قوله: أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ لأن المعنى كان يفسد لو عطف على هذه، وإنما التقدير في قوله: وَحْياً إلا أن يوحي وحيا.
وقوله: مِنْ وَراءِ حِجابٍ، مِنْ متعلقة بفعل يدل ظاهر الكلام عليه، تقديره: أو يكلمه من وراء حجاب، ثم عطف: «أو يرسل» على هذا الفعل المقدر.
وأما القراءة الثانية فعلى أن «يرسل» في موضع الحال أو على القطع، كأنه قال: أو هو يرسل، وكذلك يكون قوله: إِلَّا وَحْياً مصدر في موضع الحال، كما تقول: أتيتك ركضا وعدوا، وكذلك قوله:
مِنْ وَراءِ حِجابٍ في موضع الحال كما هو قوله: وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ [آل

صفحة رقم 43

عمران: ٤٦] في موضع الحال، فكذلك مِنَ [آل عمران: ٤٦] وما عملت فيه هذه الآية أيضا، ثم عطف قوله: «أو يرسل» على هذه الحال المتقدمة. وفي هذه الآية دليل على أن الرسالة من أنواع التكليم، وأن الحالف المرسل حانث إذا حلف أن لا يكلم إنسانا فأرسل إليه وهو لم ينو المشافهة وقت يمينه.
وقوله تعالى: وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ المعنى وبهذه الطرق ومن هذا الجنس أوحينا إليك أو بالرسل. والروح في هذه الآية: القرآن وهدى الشريعة سماه رُوحاً من حيث يحيي به البشر والعالم، كما يحيي الجسد بالروح، فهذا على جهة التشبيه.
وقوله تعالى: مِنْ أَمْرِنا أي واحد من أمورنا، ويحتمل أن يكون الأمر بمعنى الكلام، ومِنْ لابتداء الغاية.
وقوله تعالى: ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ توقيف على مقدار النعمة. والضمير في:
جَعَلْناهُ عائد على الكتاب، و. يهدي بمعنى يرشد.
وقرأ جمهور الناس: «وإنك لتهدي» بفتح التاء وكسر الدال. وقرأ حوشب: «تهدى» بضم التاء وفتح الدال على بناء الفعل للمفعول، وفي حرف أبي: «لتدعو»، وهي تعضد قراءة الجمهور. وقرأ ابن السميفع وعاصم والجحدري: «لتهدي» بضم التاء وكسر الدال..
وقوله: صِراطِ اللَّهِ يعني صراط شرع الله ورحمته وجنته، فبهذا الوجه ونحوه من التقدير أضيف الصراط إلى الله تعالى. واستفتح القول في الإخبار بصيرورة الأمور إلى الله تعالى مبالغة وتحقيقا وتثبيتا، والأمور صائرة على الدوام إلى الله تعالى، ولكن جاءت هذه العبارة مستقبلة تقريبا لمن في ذهنه أن شيئا من الأمور إلى البشر. وقال سهيل بن أبي الجعد: احترق مصحف فلم يبق منه إلا قوله: أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ.

صفحة رقم 44
المحرر الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن تمام بن عطية الأندلسي المحاربي
تحقيق
عبد السلام عبد الشافي محمد
الناشر
دار الكتب العلمية - بيروت
سنة النشر
1422 - 2001
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية