آيات من القرآن الكريم

فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ
ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ ﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈ ﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤ ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛ ﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪ ﯬﯭﯮﯯﯰ

[سورة فصلت (٤١) : الآيات ١٣ الى ١٨]

فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ (١٣) إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ قالُوا لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (١٤) فَأَمَّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ (١٥) فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ (١٦) وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (١٧)
وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ (١٨)
يَقُولُ تَعَالَى قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الْمُكَذِّبِينَ بِمَا جِئْتَهُمْ بِهِ مِنَ الْحَقِّ إِنْ أَعْرَضْتُمْ عَمَّا جِئْتُكُمْ به من عند الله تعالى فَإِنِّي أُنْذِرُكُمْ حُلُولَ نِقْمَةِ اللَّهِ بِكُمْ كَمَا حَلَّتْ بِالْأُمَمِ الْمَاضِينَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ بِالْمُرْسَلِينَ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ أي ومن شاكلها مِمَّنْ فَعَلَ كَفِعْلِهِمَا إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَاذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ [الْأَحْقَافِ: ٢١] أَيْ فِي الْقُرَى الْمُجَاوِرَةِ لِبِلَادِهِمْ بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمُ الرُّسُلَ يَأْمُرُونَ بِعِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَمُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ، وَرَأَوْا مَا أَحَلَّ اللَّهُ بِأَعْدَائِهِ مِنَ النِّقَمِ، وَمَا أَلْبَسَ أَوْلِيَاءَهُ مِنَ النِّعَمِ، وَمَعَ هَذَا مَا آمَنُوا وَلَا صَدَّقُوا بَلْ كَذَّبُوا وَجَحَدُوا وَقَالُوا: لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً أَيْ لَوْ أَرْسَلَ اللَّهُ رُسُلًا لَكَانُوا مَلَائِكَةً مِنْ عِنْدِهِ فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ أَيْ أَيُّهَا الْبَشَرُ كافِرُونَ أَيْ لَا نَتَّبِعُكُمْ وَأَنْتُمْ بَشَرٌ مِثْلُنَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَأَمَّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ أَيْ بَغَوْا وَعَتَوْا وَعَصَوْا وَقالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَيْ مَنُّوا بِشِدَّةِ تَرْكِيبِهِمْ وَقُوَاهُمْ واعتقدوا أنهم يمتنعون بها مِنْ بَأْسِ اللَّهِ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً أَيْ أفما يتكفرون فِيمَنْ يُبَارِزُونَ بِالْعَدَاوَةِ فَإِنَّهُ الْعَظِيمُ الَّذِي خَلَقَ الْأَشْيَاءَ وَرَكَّبَ فِيهَا قُوَاهَا الْحَامِلَةَ لَهَا وَإِنَّ بطشه شديد كما قال عز وجل: وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ [الذَّارِيَاتِ: ٤٧] فَبَارَزُوا الْجَبَّارَ بِالْعَدَاوَةِ وَجَحَدُوا بِآيَاتِهِ وَعَصَوْا رَسُولَهُ فَلِهَذَا قَالَ: فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً قَالَ بَعْضُهُمْ وَهِيَ الشَّدِيدَةُ الْهُبُوبِ، وَقِيلَ الْبَارِدَةُ. وَقِيلَ هِيَ الَّتِي لَهَا صَوْتٌ وَالْحَقُّ أَنَّهَا مُتَّصِفَةٌ بِجَمِيعِ ذَلِكَ فَإِنَّهَا كَانَتْ رِيحًا شَدِيدَةً قَوِيَّةً لِتَكُونَ عُقُوبَتُهُمْ مِنْ جِنْسِ مَا اغْتَرُّوا بِهِ مِنْ قُوَاهُمْ وَكَانَتْ بَارِدَةً شَدِيدَةَ الْبَرْدِ جِدًّا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ [الْحَاقَّةِ: ٦] أَيْ بَارِدَةٍ شَدِيدَةٍ وَكَانَتْ ذَاتَ صَوْتٍ مُزْعِجٍ، وَمِنْهُ سُمِّيَ النَّهْرُ الْمَشْهُورُ بِبِلَادِ الْمَشْرِقِ صَرْصَرًا لِقُوَّةِ صَوْتِ جريه.
وقوله تعالى: فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ أَيْ مُتَتَابِعَاتٍ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً [الحاقة:
٧] وكقوله: فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ [القمر: ٦٩] أي ابتدءوا الْعَذَابِ فِي يَوْمِ نَحْسٍ عَلَيْهِمْ وَاسْتَمَرَّ بِهِمْ هذا النحس سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً حَتَّى أَبَادَهُمْ عَنْ آخِرِهِمْ وَاتَّصَلَ بِهِمْ خِزْيُ الدُّنْيَا بِعَذَابِ الْآخِرَةِ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ

صفحة رقم 154
تفسير القرآن العظيم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي
تحقيق
محمد حسين شمس الدين
الناشر
دار الكتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون - بيروت
الطبعة
الأولى - 1419 ه
عدد الأجزاء
1
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية