آيات من القرآن الكريم

وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ
ﮋﮌﮍﮎﮏﮐ ﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫ ﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜ ﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩ ﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽ

والبيوت وغيرها «وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ» من زيارة البلاد والآثار الموجبة للعبر وللنزه وحمل الأثقال والاتجار لكسب الأموال
بأثمانها أو بالمقايضة وتنميتها والكرم بها وغير ذلك كثير «وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ ٨٠» برا وبحرا
َ يُرِيكُمْ»
الله تعالى ياتِهِ»
في تنقلاتكم عليها من البلاد البعيدة القائمة والمدمرة لتعتبروا بها وتشكروا الذي عافاكم مما ابتلى أهلها من العذاب الباقي أثره في ديارهم لتتذكروا فترجعوا إلى ربكم خشية أن يصيبكم ما أصابهم ولنعتبروا بهاَأَيَّ آياتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ
٨١» أيها الناس وهي ظاهرة لا يمتري فيها أحد، إلا من لم يكن عنده لمعة من فكر أو ذرة من عقل، وجاءت كلمة أي هنا مذكرة في محل التأنيث لأن الشائع المستفيض هو تذكير أي في المذكر والمؤنث وقد جاء تأنيثها في المؤنث في قوله:

بأي كتاب أو بأية سنة ترى حبهم عارا علي وتحسب
قال تعالى «أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ» من قومك يا محمد «وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ» التي كانوا فيها أولئك المتمردون ومصانعهم وقصورهم فيها تدل على ذلك، لأنها منها ما هو باق حتى الآن فضلا عن وجودها زمن نزول القرآن وأن البشر الآن يعترف بعجزه عن الإتيان بمثل ما شيدوه من البناء والصروح وعظم هندستها وقوة إتقانها ومع ذلك كله «فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ ٨٢» فيها من وقايتهم من عذاب الله، وقد مرّ نظير هذه الآية في الآية ٢١ من هذه السورة ولا تعد مكررة لما في هذه من الألفاظ ما ليس في تلك. ولذلك ذمهم الله تعالى بقوله (ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ) الآية ٣٠ من سورة النجم في ج ١، وقوله بما يقارب هذه الآية لفظا ومعنى «فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ» بأمور الدنيا وتدبيرها واستغنوا عما جاءهم به الأنبياء ولم يعلموا أن ذلك وحده جهل في الحقيقة إذا لم يضموا إليه العلم بأمور الآخرة، ولذلك ذمهم الله في الآية ٩ من سورة الروم الآتية بقوله (يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ) وفي الآية ٦٦ من سورة

صفحة رقم 602

النمل المارة في ج ١ بقوله (بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ) ولهذا فقد لحقتهم الخيبة وغشيهم الغم والحزن على ما فرحوا به في الدنيا «وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ ٨٣» على الأنبياء وما جاءوهم به وذلك فرحهم بالسخرية على ما يبلغونهم من الأوامر والنواهي والآداب الإلهية حتى أنزل الله فيهم (بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ) الآية ١٢ من الصافات المارة، قال تعالى «فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا» عذابنا وقد أحاط بهم من كل جانب «قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ ٨٤ في الدنيا مع أنهم كانوا يشمئزون من ذكر الله وحده ويفرحون بذكر آلهتهم كما نعى الله عليهم حالتهم بقوله (وَإِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) الآية ٤٥ من سورة الزمر المارة ومثلها الآية ٤٦ من سورة الإسراء في ج ١، قال تعالى «فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا» لأنه لا إيمان في حالتي البأس واليأس، ولا توبة مقبولة أيضا في هاتين الحالتين وهذه «سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ» ولا مجال لتبديل ما سنّه الله، راجع الآية ١٥٨ من سورة الأنعام المارة والمواضع التي تدلك عليها «وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ ٨٥» لأنهم لم يعرفوا ذلك الخسار إلا عند إملاكهم ولا يلجأون إلى التوبة إلا في غير إبانها وإلا فهم خاسرون دائما حال نزول العذاب وقبله وبعده، ومجموع جملة وخسر إلخ بحساب الجمل ١٣٦٠ مثل الجملة المارة في الآية ١٧٣ من سورة الصافات، فنسأل الله أن يدمر الكفرة وبعلي كلمة الإسلام من الآن فصاعدا، وأن يديم خسار الكفرة وخاصة اليهود، ويجمع شمل المؤمنين ويديم ربحهم، ويرفع رتبتهم على من سواهم، إنه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير ولا يوجد سورة مختومة بما ختمت به هذه السورة، هذا، والله أعلم، وأستغفر الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وأصحابه وأتباعه أجمعين.

صفحة رقم 603
بيان المعاني
عرض الكتاب
المؤلف
عبد القادر بن ملّا حويش السيد محمود آل غازي العاني
الناشر
مطبعة الترقي - دمشق
الطبعة
الأولى، 1382 ه - 1965 م
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية