
عاصم والحسن وقتادة: «ادخلوا» بصلة الألف على الأمر ل آلَ فِرْعَوْنَ على هذه القراءة منادى مضاف.
و: أَشَدَّ نصب على ظرفية.
والضمير في قوله: يَتَحاجُّونَ لجميع كفار الأمم، وهذا ابتداء قصص لا يختص بآل فرعون، والعامل في إِذْ، فعل مضمر تقديره: واذكر. قال الطبري: وَإِذْ هذه عطف على قوله: إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ [غافر: ١٨] وهذا بعيد.
قال القاضي أبو محمد: والمحاجة: التحاور بالحجة والخصومة.
و: الضُّعَفاءُ يريد في القدر والمنزلة في الدنيا. و: الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا هم أشراف الكفار وكبراؤهم، ولم يصفهم بالكبر إلا من حيث استكبروا، لأنهم من أنفسهم كبراء، ولو كانوا كذلك في أنفسهم لكانت صفتهم الكبر أو نحوه مما يوجب الصفة لهم. و «تبع» : قيل هو جمع واحده تابع، كغائب وغيب، وقيل هو مفرد يوصف به الجمع، كعدل وزور وغيره.
وقوله: مُغْنُونَ عَنَّا أي يحملون عنا كله ومشقته، فأخبرهم المستكبرون أن الأمر قد انجزم بحصول الكل منهم فيها وأن حكم الله تعالى قد استمر بذلك.
وقوله: كُلٌّ فِيها ابتداء وخبر، والجملة موضع خبر «إن».
وقرأ ابن السميفع: «إنا كلّا»، بالنصب على التأكيد.
ثم قال جميع من في النار لخزنتها وزبانيتها: ادْعُوا رَبَّكُمْ عسى أن يخفف عنا مقدار يوم من أيام الدنيا من العذاب، فراجعتهم الخزنة على معنى التوبيخ لهم. والتقرير: أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ فأقر الكفار عند ذلك وقالوا بَلى، أي قد كان ذلك، فقال لهم الخزنة عند ذلك: فادعوا أنتم إذا، وعلى هذا معنى الهزء بهم، فادعوا أيها الكافرون الذين لا معنى لدعائهم. وقالت فرقة: وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ هو من قول الخزنة. وقالت فرقة: هو من قول الله تعالى إخبارا منه لمحمد صلى الله عليه وسلم، وجاءت هذه الأفعال على صيغة المضي، قال الناس الذين استكبروا وقال للذين في النار، لأنها وصف حال متيقنة الوقوع فحسن ذلك فيها.
قوله عز وجل:
[سورة غافر (٤٠) : الآيات ٥١ الى ٥٦]
إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ (٥١) يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (٥٢) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْهُدى وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ (٥٣) هُدىً وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ (٥٤) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ (٥٥)
إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (٥٦)

أخبر الله تعالى أنه ينصر رسله والمؤمنين في الحياة الدنيا وفي الآخرة، قال بعض المفسرين: وهذا خاص فيمن أظهره الله على أمته كنوح وموسى ومحمد وليس بعام، لأنا نجد من الأنبياء من قتله قومه كيحيى ولم ينصر عليهم، وقال السدي: الخبر عام على وجهه، وذلك أن نصرة الرسل واقعة ولا بد، إما في حياة الرسول المنصور كنوح وموسى، وإما فيما يأتي من الزمان بعد موته، ألا ترى إلى ما صنع الله ببني إسرائيل بعد قتلهم يحيى من تسليط بختنصر عليهم حتى انتصر ليحيى، ونصر المؤمنين داخل في نصر الرسل، وأيضا فقد جعل الله للمؤمنين الفضلاء ودا ووهبهم نصرا إذ ظلموا وحضت الشريعة على نصرهم، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «من رد عن أخيه المسلم في عرضه، كان حقا على الله أن يرد عنه نار جهنم»، وقوله عليه السلام: «من حمى مؤمنا من منافق يغتابه، بعث الله ملكا يحميه يوم القيامة».
وقوله تعالى: وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ يريد يوم القيامة.
وقرأ الأعرج وأبو عمرو بخلاف «تقوم» بالتاء. وقرأ نافع وأبو جعفر وشيبة: «يقوم» بالياء.
والْأَشْهادُ: جمع شاهد، كصاحب وأصحاب. وقالت فرقة: أشهاد: جمع شهيد، كشريف وأشراف.
و: يَوْمَ لا يَنْفَعُ بدل من الأول. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وقتادة وعيسى وأهل مكة «لا تنفع» بالتاء من فوق. وقرأ الباقون: «لا ينفع» بالياء، وهي قراءة جعفر وطلحة وعاصم وأبي رجاء، وهذا لأن تأنيث المعذرة غير حقيقي، وأن الحائل قد وقع، والمعذرة: مصدر يقع كالعذر. و: اللَّعْنَةُ: الإبعاد.
و: سُوءُ الدَّارِ فيه حذف مضاف تقديره: سوء عاقبة الدار.
ثم أخبر تعالى بقصة موسى وما أتاه من النبوة تأنيسا لمحمد عليه السلام، وضرب أسوة وتذكيرا لما كانت العرب تعرفه من أمر موسى، فيبين ذلك أن محمدا ليس ببدع من الرسل. و: الْهُدى النبوة والحكمة، والتوراة تعم جميع ذلك.
وقوله: وَأَوْرَثْنا عبر عن ذلك بالوراثة إذ كانت طائفة بني إسرائيل قرنا بعد قرن تصير فيهم التوراة إماما، فكان بعضهم يرثها عن بعض وتجيء التوراة في حق الصدر الأول منهم على تجوز. و: الْكِتابَ التوراة. ثم أمر نبيه عليه السلام بالصبر وانتظار إنجاز الوعد أي فستكون عاقبة أمرك كعاقبة أمره. وقال الكلبي: نسخت آية القتال الصبر حيث وقع.
وقوله تعالى: وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ يحتمل أن يكون ذلك قبل إعلام الله إياه إنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، لأن آية هذه السورة مكية، وآية سورة الفتح مدنية متأخرة، ويحتمل أن يكون الخطاب في هذه الآية له والمراد أمته، أي إنه إذا أمر هو بهذا فغيره أحرى بامتثاله. وَالْإِبْكارِ والبكر: بمعنى واحد.
وقال الطبري: الْإِبْكارِ من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس. وحكي عن قوم أنه من طلوع الشمس