
وَقالَ فِرْعَوْنُ لوزيره قصدا الى صعود السموات لغاية تكبره وتجبره قال الكاشفى پس در اثناى مواعظ خربيل فرعون انديشه كرد كه ناكاه سخن در مستمعان اثر نكند وزير خود را طلبيد وخود را ومردم بچيز ديكر مشغول كردانيد يا هامانُ قال فى كشف الاسرار كان هامان وزير فرعون ولم يكن من القبط ولا من بنى إسرائيل يقال انه لم يغرق مع فرعون وعاش بعده زمانا شقيا محزونا يتكفف الناس ابْنِ امر من بنى يبنى يعنى بنا كن لِي براى من صَرْحاً اى بناء مكشوفا ظاهرا على الناظر عاليا مشيدا بالآجر كما قال فى القصص فاوقد لى يا هامان على الطين فاجعل لى صرحا ولهذا كره الآجر فى القبور كما فى عين المعاني اى لأن فرعون أول من اتخذه وهوه من صرح الشيء بالتشديد إذا ظهر فانه يكون لازما ايضا لَعَلِّي شايد كه من أَبْلُغُ برسم وصعود مينكم الْأَسْبابَ اى الطرق أَسْبابَ السَّماواتِ بيان لها يعنى راهها از آسمانى بآسمانى. وفى ابهامها ثم إيضاحها تفخيم لشأنها وتشويق للسامع الى معرفتها فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى بقطع الهمزة ونصب العين على جواب الترجي اى انظر اليه قال فى تاج المصادر الاطلاع ديده ورشدن. وفى عين المعاني الاستعلاء على شىء لرؤيته وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ اى موسى كاذِباً فيما يدعيه من الرسالة يقول الفقير لم يقل كذابا كما قال عند إرساله اليه لأن القائل هنا هو فرعون وحده وحيث قال كذاب رجع المبالغة الى فرعون وهارون وقارون فافهم اعلم أن اكثر المفسرين حملوا هذا الكلام على ظاهره وذكروا فى كيفية بناء ذلك الصرح حكاية سبقت فى القصص وقال بعضهم ان هذا بعيد جدا من حيث أن فرعون ان كان مجنونا لم يجز حكاية كلامه ولا إرسال رسول يدعوه وان كان عاقلا فكل عاقل يعلم بديهة انه ليس فى قوة البشر وضع بناء ارفع من الجبل وانه لا يتفاوت فى البصر حال السماء بين ان ينظر من أسفل الجبل ومن أعلاه فامتنع اسناده الى فرعون فذكروا لهذا الكلام توجهين يقربان من العقل الاول انه أراد ان يبنى له هامان رصدا فى موضع عال ليرصد منه احوال الكواكب التي هى اسباب سماوية تدل على الحوادث الارضية فيرى هل فيها ما يدل على إرسال الله إياه والثاني ان يرى فساد قول موسى عليه السلام بأن اخباره من اله السماء ويتوقف على اطلاعه عليه ووصوله اليه وذلك لى يتأتى الا بالصعود الى السماء وهو مما لا يقوى عليه إلا لسان وان كان اقدر اهل الأرض كالملوك فاذا لم يكن طريق الى رؤيته وإحساسه وجب نفيه وتكذيب من ادعى أنه رسول من قبله وهو موسى فعلى هذا التوجيه الثاني يكون فرعون من الدهرية الزنادقة وشبهته فاسدة لأنه لا يلزم من امتناع كون الحس طريقا الى معرفة الله امتناع معرفته مطلقا إذ يجوز ان يعرف بطريق النظر والاستدلال بالآثار كما قال ربكم آبائكم الأولين وقال رب المشرق والمغرب وما بينهما ولكمال جهل اللعين بالله وكيفية استنبائه أورد الوهم المزخرف فى صورة الدليل وقال الكلبي اشتغل فرعون بموسى ولم يتفرغ لبنائه وقال بعضهم قال فرعون ذلك تمويها وبعضهم قال لغلبة جهله والظاهر أن الله تعالى إذا شاء يعمى ويصم من شاء فخلى فرعون ونفسه ليتفرغ لبناء الصرح ليرى منه آية
صفحة رقم 183
اخرى له وتتأكد العقوبة وذلك لأن الله تعالى هدمه بعد بنائه على ما سبق فى القصص وايضا هذا من مقتضى التكبر والتجبر الذي نقل عنه كما مثله عن بخت نصر فانه ايضا لغاية عتوه واستكباره بنى صرحا ببابل على ما سبقت قصته وايضا كيف يكون من الدهرية والمنقول المتواتر عنه أنه كان يتضرع الى الله تعالى فى خلوته لحصول مهامه ومن الله الفهم والعناية والدراية ويدل على ما ذكرنا ايضا قوله تعالى وَكَذلِكَ اى ومثل ذلك التزيين البليغ المفرط زُيِّنَ آرايش داده شد لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ اى عمله السيّء فانهمك فيه انهما كالا يرعوى عنه بحال وَصُدَّ صرف ومنع عَنِ السَّبِيلِ اى سبيل الرشاد والفاعل فى الحقيقة هو الله تعالى وبالتوسط هو الشيطان ولذا قال زين لهم الشيطان أعمالهم وهذا عند اهل السنة واما عند المعتزلة فالمزين والصاد هو الشيطان وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ ونبود مكر فرعون در ساختن قصر ودر ابطال
آيات إِلَّا فِي تَبابٍ اى خسار وهلاك وفى التأويلات النجمية يشير الى أن من ظن أن الله سبحانه وتعالى فى السماء كما ظن فرعون فانه فرعون وقته ولو لم يكن من المضاهاة بين من يعتقد أن الله سبحانه فى السماء وبين الكافر الا هذا لكفى به فى زيغ مذهبه وغلط اعتقاده فان فرعون غلط إذ توهم ان الله فى السماء ولو كان فى السماء لكان فرعون مصيبا فى طلبه من السماء وقوله وكذلك إلخ يدل على أن اعتقاده بأن الله فى السماء خطأ وانه بذلك مصدود عن سبيل الله وما كيد فرعون فى طلب الله من السماء الا فى تباب اى خسران وضلال انتهى وعن النبي عليه السلام ان الله تعالى احتجب عن البصائر كما احتجب عن الابصار وان الملأ الأعلى يطلبونه كما تطلبونه أنتم يعنى لو كان فى السماء لما طلبه اهل السماء ولو كان فى الأرض لما طلبه اهل الأرض فاذا هو الآن على ما كان عليه قبل من التنزه عن المكان وفى هدية المهديين إذا قال الله فى السماء وأراد به المكان يكفر اتفاقا لأنه ظاهر فى التجسيم وان لم يكن له نية يكفر عند أكثرهم وان أراد به الحكاية عن ظاهر الاخبار لا يكفر وعن معاوية بن الحكم السلمى رضى الله عنه أنه قال أتيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقلت يا رسول الله ان جارية لى كانت ترعى غنما لى فجئتها وفقدت شاة من الغنم فسألتها عنها فقالت أكلها الذئب فاسفت عليها وكنت من بنى آدم فلطمتها اى على وجهها وعلى رقبتها أفأعتقها عنها فقال لها رسول الله اين الله فقالت فى السماء فقال من انا فقالت أنت رسول الله فقال عليه السلام أعتقها فانها مؤمنة.
اعلم انه قد دل الدليل العقلي على استحالة حصر الحق فى اينية والشارع لما علم أن الجارية المذكورة ليس فى قوتها ان تتعقل موجدها الأعلى تصوير فى نفسها خاطبها بذلك ولو أنه خاطبها بغير ما تصورته فى نفسها لارتفعت الفائدة المطلوبة ولم يحصل القبول فكان من حكمته عليه السلام ان سأل مثل هذه الجارية بمثل هذا السؤال وبمثل هذه العبارة ولذلك لما اشارت الى السماء قال فيها انها مؤمنة يعنى مصدقة بوجود الله تعالى ولم يقل انها عالمة لانها صدقت قول الله وهو الله فى السموات ولو كانت عالمة لم تقيده بالسماء فعلم أن للعالم ان يصحب الجاهل فى جهله تنزلا لعقله والجاهل لا يقدر على صحبته العالم بغير تنزل كذا فى الفتوحات