آيات من القرآن الكريم

وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ ۖ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ ۖ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ
ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜ

قَوْله تَعَالَى: ﴿وَقَالَ رجل مُؤمن من آل فِرْعَوْن﴾ قَالَ الْكَلْبِيّ: هُوَ كَانَ من ولي الْعَهْد لفرعون، وَكَانَ يكون لَهُ من بعده، وَيُقَال: كَانَ ابْن عَم فِرْعَوْن. وَعَن بَعضهم: كَانَ من بني إِسْرَائِيل، وعَلى هَذَا القَوْل فِي الْآيَة تَقْدِيم وَتَأْخِير، فَمَعْنَاه: وَقَالَ رجل يكتم إيمَانه من آل فِرْعَوْن. وَأما اسْمه قَالَ بَعضهم: اسْمه حزبيل، وَفِي مَعَاني الزّجاج: أَن اسْمه سمْعَان، وَقيل: حبيب. وَفِي التَّفْسِير: أَنه لم يُؤمن من القبط إِلَّا ثَلَاثَة نفر: امْرَأَة فِرْعَوْن، وَمُؤمن آل فِرْعَوْن، وَالَّذِي جَاءَ فَقَالَ يَا مُوسَى إِن الْمَلأ يأتمرون بك ليقتلوك.
وَقَوله: ﴿أَتقْتلونَ رجلا أَن يَقُول رَبِّي الله﴾ أَي: لِأَن قَالَ رَبِّي الله.
وَقَوله: ﴿وَقد جَاءَكُم بِالْبَيِّنَاتِ من ربكُم﴾ أَي: بالدلالات الواضحات.
وَقَوله: ﴿وَإِن يَك كَاذِبًا فَعَلَيهِ كذبه﴾ أَي: وبال كذبه.
وَقَوله: ﴿وَإِن يَك صَادِقا يصبكم بعض الَّذِي يَعدكُم﴾ هَذِه آيَة مشكلة؛ لِأَنَّهُ قَالَ: ﴿بعض الَّذِي يَعدكُم﴾ وكل مَا وعده الرُّسُل ومُوسَى حق. وَالْجَوَاب عَن هَذَا من وُجُوه:
أَحدهَا: أَن معنى قَوْله: ﴿يصبكم بعض الَّذِي يَعدكُم﴾ أَي: كل الَّذِي يَعدكُم،

صفحة رقم 16

بعض الَّذِي يَعدكُم إِن الله لَا يهدي من هُوَ مُسْرِف كَذَّاب (٢٨) يَا قوم لكم الْملك الْيَوْم ظَاهِرين فِي الأَرْض فَمن ينصرنا من بَأْس الله إِن جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْن مَا أريكم إِلَّا مَا) فَيكون الْبَعْض بِمَعْنى الْكل، قَالَه أَبُو عُبَيْدَة، وَأنْشد:
(أَو يرتبط بعض النُّفُوس حمامها... )
أَي: كل النُّفُوس
وَأنْشد غَيره:
(قد يدْرك المتأني بعض حَاجته... وَقد يكون مَعَ المستعجل الزلل... )
وَقَوله: بعض حَاجته أَي: كل حَاجته.
وَالْوَجْه الثَّانِي: أَنه قَالَ: ﴿بعض الَّذِي يَعدكُم﴾ على طَرِيق الِاسْتِظْهَار، كَأَنَّهُ قَالَ: أقل مَا فِي تكذيبكم إِن كَانَ صَادِقا أَن يصبكم بعض الَّذِي يَعدكُم. وَفِي ذَلِك الْبَعْض هلاككم. وَزعم أهل النَّحْو أَن هَذَا أحسن من الأول؛ لِأَن الْبَعْض بِمَعْنى الْكل لَا يعرف فِي اللُّغَة.
وَالْوَجْه الثَّالِث: أَن قَوْله: ﴿يصبكم بعض الَّذِي يَعدكُم﴾ أَي: عَذَاب الدُّنْيَا، وَقد كَانَ وعدهم عَذَاب الدُّنْيَا وَالْآخِرَة.
وَالْوَجْه الرَّابِع: أَن قَوْله: ﴿يصبكم بعض الَّذِي يَعدكُم﴾ أَي: من الْعقَاب، وَقد كَانَ وعد الْعقَاب إِن أَنْكَرُوا، وَالثَّوَاب إِن صدقُوا، وَالْعِقَاب بعض الْوَعيد.
وَقَوله: ﴿إِن الله لَا يهدي من هُوَ مُسْرِف كَذَّاب﴾ أَي: مُشْرك كَذَّاب.

صفحة رقم 17
تفسير السمعاني
عرض الكتاب
المؤلف
أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار المروزي السمعاني الشافعي
تحقيق
ياسر بن إبراهيم
الناشر
دار الوطن، الرياض - السعودية
سنة النشر
1418 - 1997
الطبعة
الأولى، 1418ه- 1997م
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية