يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَشْرُوعًا لِلْجَزَاءِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [الْبَقَرَةِ: ١٨٥] وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الْحَجِّ: ٧٨]
وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ فِي الْإِسْلَامِ»
عَدَلْنَا عَنْ هَذِهِ الْعُمُومَاتِ فِيمَا إِذَا كَانَتِ الْمَضَارُّ أَجْزِيَةً، وَفِيمَا وَرَدَ نَصٌّ فِي الْإِذْنِ فِيهِ كَذَبْحِ الْحَيَوَانَاتِ، فَوَجَبَ أَنْ يَبْقَى عَلَى أَصْلِ الْحُرْمَةِ فِيمَا عَدَاهُ، فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَضَارِّ وَالْآلَامِ التَّحْرِيمُ، فَإِنْ وَجَدْنَا نَصًّا خَاصًّا يَدُلُّ عَلَى الشَّرْعِيَّةِ قَضَيْنَا بِهِ تَقْدِيمًا لِلْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ، وَإِلَّا فَهُوَ بَاقٍ عَلَى أَصْلِ التَّحْرِيمِ، وَهَذَا أَصْلٌ كُلِّيٌّ مُنْتَفَعٌ بِهِ فِي الشَّرِيعَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الصِّفَةُ السَّادِسَةُ: مِنْ صِفَاتِ ذَلِكَ الْيَوْمِ قَوْلُهُ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ: الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ أَرْدَفَهُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَقَعُ في ذلك اليوم نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الظُّلْمِ، قَالَ الْمُحَقِّقُونَ وُقُوعُ الظُّلْمِ فِي الْجَزَاءِ يَقَعُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ أَحَدُهَا: أَنْ يَسْتَحِقَّ الرَّجُلُ ثَوَابًا فَيُمْنَعُ مِنْهُ وَثَانِيهَا: أَنْ يُعْطِيَ بَعْضٌ بَعْضَ حَقِّهِ وَلَكِنَّهُ لَا يُوَصِّلُ إِلَيْهِ حَقَّهُ بِالتَّمَامِ وَثَالِثُهَا: أَنْ يُعَذِّبَ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ الْعَذَابَ وَرَابِعُهَا: أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ مُسْتَحِقًّا لِلْعَذَابِ فَيُعَذَّبَ وَيُزَادَ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ يُفِيدُ نَفْيَ هَذِهِ الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ، قَالَ الْقَاضِي هَذِهِ الْآيَةُ قَوِيَّةٌ فِي إِبْطَالِ قَوْلِ الْمُجْبِرَةِ لِأَنَّ عَلَى قَوْلِهِمْ لَا ظُلْمَ غَالِبًا وَشَاهِدًا إِلَّا مِنَ اللَّهِ، وَلِأَنَّهُ تَعَالَى إِذَا خَلَقَ فِيهِ الْكُفْرَ ثُمَّ عَذَّبَهُ عَلَيْهِ فَهَذَا هُوَ عَيْنُ الظُّلْمِ وَالْجَوَابُ عَنْهُ مَعْلُومٌ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ وَذِكْرُ هَذَا الْكَلَامِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لَائِقٌ جِدًّا، لِأَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ أَنَّهُ لَا ظُلْمَ بَيَّنَ أَنَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ. وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَصِلُ إِلَيْهِمْ مَا يَسْتَحِقُّونَهُ فِي الْحَالِ وَاللَّهُ أعلم.
[سورة غافر (٤٠) : الآيات ١٨ الى ٢٢]
وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ (١٨) يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ (١٩) وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (٢٠) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَما كانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ (٢١) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ (٢٢)
اعْلَمْ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ وَصْفُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ بِأَنْوَاعٍ أُخْرَى مِنَ الصِّفَاتِ الْهَائِلَةِ الْمَهِيبَةِ، وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: ذَكَرُوا فِي تَفْسِيرِ يَوْمِ الْآزِفَةِ وُجُوهًا الْأَوَّلُ: أَنَّ يَوْمَ الْآزِفَةِ هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَالْآزِفَةُ فَاعِلَةٌ مَنْ أَزِفَ الْأَمْرُ إِذَا دَنَا وَحَضَرَ لِقَوْلِهِ فِي صِفَةِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَزِفَتِ الْآزِفَةُ لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ [النَّجْمِ: ٥٧، ٥٨] وَقَالَ شَاعِرٌ:
أَزِفَ التَّرَحُّلُ غَيْرَ أَنَّ رِكَابَنَا | لَمَّا تَزَلْ بِرِحَالِنَا وَكَأَنْ قَدِ |
وَاعْلَمْ أَنَّ الْآزِفَةَ نَعْتٌ لِمَحْذُوفٍ مُؤَنَّثٍ عَلَى تَقْدِيرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْآزِفَةَ أَوْ يَوْمَ الْمُجَازَاةَ الْآزِفَةَ قَالَ الْقَفَّالُ:
وَأَسْمَاءُ الْقِيَامَةِ تَجْرِي عَلَى التَّأْنِيثِ كَالطَّامَّةِ وَالْحَاقَّةِ وَنَحْوِهَا كَأَنَّهَا يَرْجِعُ مَعْنَاهَا إِلَى الدَّاهِيَةِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ بِيَوْمِ الْآزِفَةِ وَقْتُ الْآزِفَةِ وَهِيَ مُسَارَعَتُهُمْ إِلَى دُخُولِ النَّارِ، فَإِنَّ عِنْدَ ذَلِكَ تَرْتَفِعُ قُلُوبُهُمْ عَنْ مَقَارِّهَا مِنْ شِدَّةِ الْخَوْفِ وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: قَالَ أَبُو مُسْلِمٍ يَوْمُ الْآزِفَةِ يَوْمُ الْمَنِيَّةِ وَحُضُورِ الْأَجَلِ، وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَعَالَى وَصَفَ يوم القيامة بأنه يوم التلاق، ويَوْمَ هُمْ بارِزُونَ ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْيَوْمُ غَيْرَ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَأَيْضًا هَذِهِ الصِّفَةُ مَخْصُوصَةٌ فِي سَائِرِ الْآيَاتِ بِيَوْمِ الْمَوْتِ قَالَ تَعَالَى: فَلَوْلا إِذا/ بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ [الْوَاقِعَةِ: ٨٣، ٨٤] وَقَالَ: كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ [الْقِيَامَةِ: ٢٦] وَأَيْضًا فَوَصْفُ يَوْمِ الْمَوْتِ بِالْقُرْبِ أَوْلَى مِنْ وَصْفِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ بِالْقُرْبِ، وَأَيْضًا الصِّفَاتُ الْمَذْكُورَةُ بَعْدَ قَوْلِهِ الْآزِفَةِ لَائِقَةٌ بِيَوْمِ حُضُورِ الْمَوْتِ لِأَنَّ الرَّجُلَ عِنْدَ مُعَايَنَةِ مَلَائِكَةِ الْعَذَابِ يَعْظُمُ خَوْفُهُ، فَكَأَنَّ قُلُوبَهُمْ تَبْلُغُ حَنَاجِرَهُمْ مِنْ شِدَّةِ الْخَوْفِ، وَيَبْقَوْا كَاظِمِينَ سَاكِتِينَ عَنْ ذِكْرِ مَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ شِدَّةِ الْخَوْفِ وَلَا يَكُونُ لَهُمْ حَمِيمٌ وَلَا شَفِيعٌ يَدْفَعُ مَا بِهِمْ مِنْ أَنْوَاعِ الْخَوْفِ وَالْقَلَقِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ كِنَايَةٌ عَنْ شِدَّةِ الْخَوْفِ أَوْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى ظَاهِرِهِ، قِيلَ الْمُرَادُ وَصْفُ ذَلِكَ الْيَوْمِ بِشِدَّةِ الْخَوْفَ وَالْفَزَعِ وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تعالى: وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا [الْأَحْزَابِ: ١٠] وَقَالَ: فَلَوْلا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ [الواقعة: ٨٣، ٨٤] وَقِيلَ بَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى ظَاهِرِهِ، قَالَ الْحَسَنُ: الْقُلُوبُ انْتُزِعَتْ مِنَ الصُّدُورِ بِسَبَبِ شِدَّةِ الْخَوْفِ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ فَلَا تَخْرُجُ فَيَمُوتُوا وَلَا تَرْجِعُ إِلَى مَوَاضِعِهَا فَيَتَنَفَّسُوا وَيَتَرَوَّحُوا وَلَكِنَّهَا مَقْبُوضَةٌ كَالسِّجَالِ كَمَا قَالَ: فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا [الْمُلْكِ: ٢٧] وَقَوْلُهُ كاظِمِينَ أَيْ مَكْرُوبِينَ وَالْكَاظِمُ السَّاكِتُ حَالَ امْتِلَائِهِ غَمًّا وَغَيْظًا فَإِنْ قِيلَ بِمَ انْتَصَبَ كاظِمِينَ قُلْنَا هُوَ حَالُ أَصْحَابِ الْقُلُوبِ عَلَى الْمَعْنَى لِأَنَّ الْمُرَادَ إِذْ قُلُوبُهُمْ لَدَى الْحَنَاجِرِ حَالَ كَاظِمِينَ كونهم ويجوز أيضا أن يكون حال عَنِ الْقُلُوبِ، وَأَنَّ الْقُلُوبَ كَاظِمَةٌ عَلَى غَمٍّ وَكَرْبٍ فِيهَا مَعَ بُلُوغِهَا الْحَنَاجِرَ، وَإِنَّمَا جَمَعَ الْكَاظِمَةِ جَمْعَ السَّلَامَةِ لِأَنَّهُ وَصَفَهَا بِالْكَظْمِ الَّذِي هُوَ مِنْ أَفْعَالِ الْعُقَلَاءِ كَمَا قَالَ: رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ [يُوسُفَ: ٤] وَقَالَ:
فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ [الشُّعَرَاءِ: ٤] وَيُعَضِّدُهُ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ كَاظِمُونَ وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمَقْصُودُ مِنَ الْآيَةِ تَقْرِيرُ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا: الْخَوْفُ الشَّدِيدُ وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ، وَالثَّانِي: الْعَجْزُ عَنِ الْكَلَامِ وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ كاظِمِينَ فَإِنَّ الْمَلْهُوفَ إِذَا قَدَرَ عَلَى الْكَلَامِ حَصَلَتْ لَهُ خَفْقَةٌ وَسُكُونٌ، أَمَّا إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْكَلَامِ وَبَثِّ الشَّكْوَى عَظُمَ قَلَقُهُ وَقَوِيَ خَوْفُهُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: احْتَجَّ أَكْثَرُ الْمُعْتَزِلَةِ فِي نَفْيِ الشَّفَاعَةِ عَنِ الْمُذْنِبِينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ قَالُوا نَفَى حُصُولَ شفيع لهم يطاع فوجب أن لا تحصل لَهُمْ هَذَا الشَّفِيعُ أَجَابَ أَصْحَابُنَا عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ تَعَالَى نَفَى أَنْ يَحْصُلَ لَهُمْ شَفِيعٌ يُطَاعُ وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الشَّفِيعِ، أَلَا تَرَى أَنَّكَ إِذَا قُلْتَ مَا عِنْدِي كِتَابٌ يُبَاعُ فَهَذَا يَقْتَضِي نَفْيَ كِتَابٍ يُبَاعُ وَلَا يَقْتَضِي نَفْيَ الْكِتَابِ وَقَالَتِ الْعَرَبُ:
وَلَا تَرَى الضَّبَّ بِهَا يَنْجَحِرُ
وَلَفْظُ الطَّاعَةِ يَقْتَضِي حُصُولَ الْمَرْتَبَةِ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعٌ يُطِيعُهُ اللَّهُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي
الْوُجُودِ أَحَدٌ أَعْلَى حَالًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى يُقَالَ إِنَّ اللَّهَ يُطِيعُهُ الْوَجْهُ الثَّانِي: فِي الْجَوَابِ أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الظَّالِمِينَ، هَاهُنَا الْكُفَّارُ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ وَرَدَتْ فِي زَجْرِ الْكُفَّارِ/ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ الله فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُخْتَصًّا بِهِمْ، وَعِنْدَنَا أَنَّهُ لَا شَفَاعَةَ فِي حَقِّ الْكُفَّارِ وَالثَّالِثُ: أَنَّ لَفْظَ الظَّالِمِينَ، إِمَّا أَنْ يُفِيدَ الِاسْتِغْرَاقَ، وَإِمَّا أَنْ لَا يُفِيدَ فَإِنْ أَفَادَ الِاسْتِغْرَاقَ كَانَ الْمُرَادُ مِنَ الظَّالِمِينَ مَجْمُوعَهُمْ وَجُمْلَتَهُمْ وَيَدْخُلُ فِي مَجْمُوعِ هَذَا الْكَلَامِ الْكُفَّارُ، وَعِنْدَنَا أَنَّهُ لَيْسَ لِهَذَا الْمَجْمُوعِ شَفِيعٌ لِأَنَّ بَعْضَ هَذَا الْمَجْمُوعِ هُمُ الْكُفَّارُ، وَلَيْسَ لَهُمْ شَفِيعٌ فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ لِهَذَا الْمَجْمُوعِ شَفِيعٌ، وَإِنْ لَمْ يُفِدِ الِاسْتِغْرَاقَ كَانَ الْمُرَادُ مِنَ الظَّالِمِينَ بَعْضَ مَنْ كَانَ مَوْصُوفًا بِهَذِهِ الصِّفَةِ، وَعِنْدَنَا أَنَّ بَعْضَ الْمَوْصُوفِينَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ لَيْسَ لَهُمْ شَفِيعٌ وَهُمُ الْكُفَّارُ، أَجَابَ الْمُسْتَدِلُّونَ عَنِ السُّؤَالِ الْأَوَّلِ، فَقَالُوا يَجِبُ حَمْلُ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَحْمَلٍ مُفِيدٍ وَكُلُّ أَحَدٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْوُجُودِ شَيْءٌ يُطِيعُهُ اللَّهُ لِأَنَّ الْمُطِيعَ أَدْوَنُ حَالًا مِنَ الْمُطَاعِ، وَلَيْسَ فِي الْوُجُودِ شَيْءٌ أَعْلَى مَرْتَبَةً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى يُقَالَ إِنَّ اللَّهَ يُطِيعُهُ وَإِذَا كَانَ هَذَا الْمَعْنَى مَعْلُومًا بِالضَّرُورَةِ كَانَ حَمْلُ الْآيَةِ عَلَيْهِ إِخْرَاجًا لَهَا عَنِ الْفَائِدَةِ فَوَجَبَ حَمْلُ الطَّاعَةِ عَلَى الْإِجَابَةِ وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى وُرُودِ لَفْظِ الطَّاعَةِ بِمَعْنَى الْإِجَابَةِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
رُبَّ مَنْ أَنْضَجْتُ غَيْظًا صَدْرَهُ | قَدْ تَمَنَّى لِي مَوْتًا لَمْ يُطَعْ |
أَمَّا السُّؤَالُ الثَّالِثُ: فَجَوَابُهُ أَنَّ قَوْلَهُ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ يُفِيدُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الظَّالِمِينَ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَمِيمٌ وَلَا شَفِيعٌ يُطَاعُ، فَهَذَا تَمَامُ كَلَامِ الْقَوْمِ فِي تَقْرِيرِ ذَلِكَ الِاسْتِدْلَالِ.
أَجَابَ أَصْحَابُنَا عَنِ السُّؤَالِ الْأَوَّلِ فَقَالُوا إِنَّ الْقَوْمَ كَانُوا يَقُولُونَ فِي الْأَصْنَامِ إِنَّهَا شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ وَكَانُوا يَقُولُونَ إِنَّهَا تَشْفَعُ لَنَا عِنْدَ اللَّهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ فِيهِ إِلَى إِذْنِ اللَّهِ، وَلِهَذَا السَّبَبِ رَدَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ [الْبَقَرَةِ: ٢٥٥] فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَوْمَ اعْتَقَدُوا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى اللَّهِ إِجَابَةَ الْأَصْنَامِ فِي تِلْكَ الشَّفَاعَةِ، وَهَذَا نَوْعُ طَاعَةٍ، فَاللَّهُ تَعَالَى نَفَى تِلْكَ الطَّاعَةَ بِقَوْلِهِ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ وَأَجَابُوا عَنِ الْكَلَامِ الثَّانِي بِأَنْ قَالُوا الْأَصْلُ فِي حَرْفِ التَّعْرِيفِ أَنْ يَنْصَرِفَ إِلَى الْمَعْهُودِ السَّابِقِ، فَإِذَا دَخَلَ حَرْفُ التَّعْرِيفِ عَلَى صِيغَةِ الْجَمْعِ، وَكَانَ هُنَاكَ مَعْهُودٌ سَابِقٌ انْصَرَفَ إِلَيْهِ، وَقَدْ حَصَلَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَعْهُودٌ سَابِقٌ وَهُمُ الْكُفَّارُ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ، فَوَجَبَ أَنْ يَنْصَرِفَ إِلَيْهِ وَأَجَابُوا عَنِ الْكَلَامِ الثَّالِثِ بِأَنْ قَالُوا قَوْلَهُ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ يَحْتَمِلُ عُمُومَ السَّلْبِ، وَيَحْتَمِلُ سَلْبَ الْعُمُومِ، أَمَّا الْأَوَّلُ: فَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الظَّالِمِينَ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَمِيمٌ وَلَا شَفِيعٌ، وَأَمَّا الثَّانِي: فَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّ مَجْمُوعَ الظَّالِمِينَ لَيْسَ لَهُمْ حَمِيمٌ وَلَا شَفِيعٌ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْحُكْمِ عَنِ الْمَجْمُوعِ نَفْيُهُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ آحَادِ ذَلِكَ الْمَجْمُوعِ وَالَّذِي يُؤَكِّدُ مَا ذَكَرْنَاهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ [الْبَقَرَةِ: ٦] فَقَوْلُهُ: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا يُؤْمِنُونَ، إِنْ حَمَلْنَاهُ عَلَى أَنَّ كُلَّ/ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ لَزِمَ وُقُوعُ الْخُلْفِ فِي كَلَامِ اللَّهِ، لِأَنَّ كَثِيرًا مِمَّنْ كَفَرَ فَقَدْ آمَنَ بَعْدَ ذَلِكَ، أَمَّا لَوْ حَمَلْنَاهُ عَلَى أَنَّ مَجْمُوعَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا يُؤْمِنُونَ سَوَاءٌ آمَنَ بَعْضُهُمْ أَوْ لَمْ يُؤْمِنْ صَدَقَ وَتُخُلِّصَ عَنِ الْخُلْفِ، فَلَا جَرَمَ حَمَلْنَا هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى سَلْبِ الْعُمُومِ وَلَمْ نَحْمِلْهَا عَلَى عُمُومِ السَّلْبِ فَكَذَا قَوْلَهُ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يجب صفحة رقم 504
حَمْلُهُ عَلَى سَلْبِ الْعُمُومِ لَا عَلَى عُمُومِ السلب، وحينئذ اسْتِدْلَالُ الْمُعْتَزِلَةِ بِهَذِهِ الْآيَةِ فَهَذَا غَايَةُ الْكَلَامِ فِي هَذَا الْبَابِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: فِي بَيَانِ نَظْمِ الْآيَةِ، فَنَقُولُ إِنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ جَمِيعَ الْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لِلْخَوْفِ فَأَوَّلُهَا: أَنَّهُ سَمَّى ذَلِكَ الْيَوْمَ يَوْمَ الْآزِفَةِ، أَيْ يَوْمَ الْقُرْبِ مِنْ عَذَابِهِ لِمَنِ ابْتُلِيَ بِالذَّنْبِ الْعَظِيمِ، لِأَنَّهُ إِذَا قَرُبَ زَمَانُ عُقُوبَتِهِ كَانَ فِي أَقْصَى غَايَاتِ الْخَوْفِ، حَتَّى قِيلَ إِنَّ تِلْكَ الْغُمُومَ وَالْهُمُومَ أَعْظَمُ فِي الْإِيحَاشِ مِنْ عَيْنِ تِلْكَ الْعُقُوبَةِ وَالثَّانِي: قَوْلُهُ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ بَلَغَ ذَلِكَ الْخَوْفُ إِلَى أَنِ انْقَلَعَ الْقَلْبُ مِنَ الصَّدْرِ وَارْتَفَعَ إِلَى الْحَنْجَرَةِ وَالْتَصَقَ بِهَا وَصَارَ مَانِعًا مِنْ دُخُولِ النَّفَسِ وَالثَّالِثُ: قَوْلُهُ كاظِمِينَ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُمَكِنُهُمْ أَنْ يَنْطِقُوا وَأَنْ يَشْرَحُوا مَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْحُزْنِ وَالْخَوْفِ، وَذَلِكَ يُوجِبُ مَزِيدَ الْقَلَقِ وَالِاضْطِرَابِ وَالرَّابِعُ: قَوْلَهُ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ فَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ قَرِيبٌ يَنْفَعُهُمْ، وَلَا شَفِيعٌ يُطَاعُ فِيهِمْ فَتُقْبَلُ شَفَاعَتَهُ وَالْخَامِسُ: قَوْلُهُ يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ سُبْحَانَهُ عَالِمٌ لَا يَعْزُبُ عَنْ عِلْمِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السموات وَلَا فِي الْأَرْضِ، وَالْحَاكِمُ إِذَا بَلَغَ فِي الْعِلْمِ إِلَى هَذَا الْحَدِّ كَانَ خَوْفُ الْمُذْنِبِ مِنْهُ شَدِيدًا جِدًّا، قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» : الْخَائِنَةُ صِفَةُ النَّظْرَةِ أَوْ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْخَائِنَةِ، كَالْعَافِيَةِ الْمُعَافَاةِ، وَالْمُرَادُ اسْتِرَاقُ النَّظَرِ إِلَى مَا لَا يَحِلُّ كَمَا يَفْعَلُ أَهْلُ الرِّيَبِ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ مُضْمَرَاتُ الْقُلُوبِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَفْعَالَ قِسْمَانِ: أَفْعَالُ الْجَوَارِحِ وَأَفْعَالُ الْقُلُوبِ، أَمَّا أَفْعَالُ الْجَوَارِحِ، فَأَخْفَاهَا خَائِنَةُ الْأَعْيُنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِهَا، فَكَيْفَ الْحَالُ فِي سَائِرِ الْأَعْمَالِ. وَأَمَّا أَفْعَالُ الْقُلُوبِ، فَهِيَ مَعْلُومَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى لِقَوْلِهِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ فَدَلَّ هَذَا عَلَى كَوْنِهِ تَعَالَى عَالِمًا بِجَمِيعِ أَفْعَالِهِمْ السَّادِسُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَهَذَا أَيْضًا يُوجِبُ عِظَمَ الْخَوْفِ، لِأَنَّ الْحَاكِمَ إِذَا كَانَ عَالِمًا بِجَمِيعِ الْأَحْوَالِ، وَثَبَتَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَقْضِي إِلَّا بِالْحَقِّ فِي كُلِّ مَا دَقَّ وَجَلَّ، كَانَ خَوْفُ الْمُذْنِبِ مِنْهُ فِي الْغَايَةِ الْقُصْوَى السَّابِعُ: أَنَّ الْكُفَّارَ إِنَّمَا عَوَّلُوا فِي دَفْعِ الْعِقَابِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ عَلَى شَفَاعَةِ هَذِهِ الْأَصْنَامِ، وَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهَا الْبَتَّةَ، فَقَالَ: وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ الثَّامِنُ:
قَوْلُهُ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ أَيْ يَسْمَعُ مِنَ الْكُفَّارِ ثَنَاءَهُمْ عَلَى الْأَصْنَامِ، وَلَا يَسْمَعُ مِنْهُمْ ثَنَاءَهُمْ عَلَى اللَّهِ وَيُبْصِرُ خُضُوعَهُمْ وَسُجُودَهُمْ لَهُمْ، وَلَا يُبْصِرُ خُضُوعَهُمْ وَتَوَاضُعَهُمْ لِلَّهِ، فَهَذِهِ الْأَحْوَالُ الثَّمَانِيَةُ إِذَا اجْتَمَعَتْ فِي حَقِّ الْمُذْنِبِ الَّذِي عَظُمَ ذَنْبُهُ كَانَ بَالِغًا فِي التَّخْوِيفِ إِلَى الْحَدِّ الَّذِي لَا تُعْقَلُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَالَغَ فِي تَخْوِيفِ الْكُفَّارِ بِعَذَابِ الْآخِرَةِ أَرْدَفَهُ بِبَيَانِ تَخْوِيفِهِمْ بِأَحْوَالِ الدُّنْيَا فَقَالَ: أَوَلَمْ/ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَاقِلَ مَنِ اعْتَبَرَ بِغَيْرِهِ، فَإِنَّ الَّذِينَ مَضَوْا مِنَ الْكُفَّارِ كَانُوا أَشَدَّ قُوَّةً مِنْ هَؤُلَاءِ الْحَاضِرِينَ مِنَ الْكُفَّارِ، وَأَقْوَى آثَارًا فِي الْأَرْضِ مِنْهُمْ، وَالْمُرَادُ حُصُونُهُمْ وَقُصُورُهُمْ وَعَسَاكِرُهُمْ، فَلَمَّا كَذَّبُوا رُسُلَهُمْ أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ بِضُرُوبِ الْهَلَاكِ مُعَجِّلًا حَتَّى إِنَّ هَؤُلَاءِ الْحَاضِرِينَ مِنَ الْكُفَّارِ يُشَاهِدُونَ تِلْكَ الْآثَارَ، فَحَذَّرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ بِهَذَا الْقَوْلِ، وَبَيَّنَ بِقَوْلِهِ وَما كانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ الْعَذَابُ بِهِمْ عِنْدَ أَخْذِهِ تَعَالَى لَهُمْ لَمْ يَجِدُوا مَنْ يُعِينُهُمْ وَيُخَلِّصُهُمْ، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ نَزَلَ بِهِمْ لِأَجْلِ أَنَّهُمْ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا الرُّسُلَ، فَحَذَّرَ قَوْمَ الرَّسُولَ مِنْ مِثْلِهِ، وَخَتَمَ الْكَلَامَ ب إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ مُبَالَغَةً فِي التَّحْذِيرِ وَالتَّخْوِيفِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَحْدَهُ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْكُمْ بِالْكَافِ، وَالْبَاقُونَ بِالْهَاءِ أَمَّا وَجْهُ قِرَاءَةِ ابْنِ عَامِرٍ فَهُوَ انْصِرَافٌ