آيات من القرآن الكريم

يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ
ﭲﭳﭴﭵﭶﭷ ﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉ

وقوله سبحانه-: إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ معناه: عندَ الحناجِر، أي/ قد صَعِدَتْ من شِدَّةِ الهولِ والجزع، والكَاظِمُ الَّذِي يردُّ غيظَهُ وجزعَهُ في صَدْرِهِ، فمعنى الآية:
أنهم يَطْمَعُونَ في رَدِّ ما يجدونه في الحناجر، والحال تغالبهم، ويُطاعُ في مَوْضِعِ الصفةِ ل شَفِيعٍ لأن التقدير: ولا شفيعٍ مطاعٍ، قال أبو حيان «١» يُطاعُ في مَوْضِعِ صفة ل شَفِيعٍ، فيحتملُ أنْ يكونَ في موضعِ خَفْضٍ على اللفظِ، أو في موضِع رفعٍ على الموضِعِ، ثم يحتملُ النَّفيُ أنْ يكونَ مُنْسَحِباً على الوصْفِ فقَطْ، فيكونُ ثَمَّ شَفِيعٌ، ولكنَّه لا يُطَاعُ، ويحتملُ أن يَنْسَحِبَ على الموصوفِ وصفتهِ، أي: لا شفيعَ فيطاعَ، انتهى. وهذا الاحتمالُ الأخير هو الصوابُ، قال ع «٢» : وهذهِ الآيةُ كُلُّها عندي اعتراض في الكلام بليغ.
[سورة غافر (٤٠) : الآيات ١٩ الى ٢٠]
يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ (١٩) وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (٢٠)
وقوله: يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ مُتَّصِلٌ بقوله: سَرِيعُ الْحِسابِ [غافر: ١٧] وقالتْ فرقة: يَعْلَمُ متصلٌ بقوله: لاَ يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ [غافر: ١٦] وهذا قولٌ حسنٌ يقوِّيهِ تَنَاسُبُ المَعْنَيينِ، ويُضَعِّفُه بُعْدُ الآيةِ من الآيةِ وكَثْرَةُ الحائِل، والخائنةُ: مصدرٌ كالخِيَانَةِ، ويحتمل أن تكونَ خائِنَةَ اسمَ فاعِل، أي: يعلم الأعين إذا خانتْ في نظَرِها، قال أبو حَيَّان «٣» : والظاهرُ أن: خائِنَةَ الْأَعْيُنِ من إضافةِ الصفةِ إلى الموصوفِ، أي:
الأَعْيُنِ الخائنة، كقوله: [البسيط]
................... وَإنْ سَقَيْتِ كِرَامَ النَّاسِ فاسقينا «٤»
أي: الناسَ الكرامَ، وجوَّزُوا أن يكونَ خائِنَةَ مصدراً، ك «العافية» أي: يعلم خِيانَةَ الأعينِ، انتهى، وهذه الآيةُ عِبَارَةٌ عَن عِلم اللَّهِ- تعالى- بجميعِ الخفيَّاتِ، فمِنْ ذَلِكَ كسر

(١) ينظر: «البحر المحيط» (٧/ ٤٣٨). [.....]
(٢) ينظر: «المحرر الوجيز» (٤/ ٥٥٢).
(٣) ينظر: «البحر المحيط» (٧/ ٤٣٩).
(٤) عجز بيت لبشامة بن حزن النهشلي وصدره:
إنا محيوك يا سلمى فحينا.........
ينظر: «خزانة الأدب» (٨/ ٣٠٢)، و «شرح ديوان الحماسة» للمرزوقي ص: (١٠٠)، و «المقاصد النحوية» (٣/ ٣٧٠)، و «البحر» (٧/ ٤٥٧)، و «الدر المصون» (٦/ ١٣٦)، والشاهد في قوله: «كرام الناس» حيث أضاف الصفة إلى الموصوف.

صفحة رقم 109
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي
تحقيق
عادل أحمد عبد الموجود
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1418
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية