
قوله: ﴿يَعْلَمُ﴾ : فيه أربعةُ أوجهٍ، أحدُها: - وهو الظاهر - أنه خبرٌ آخرُ عن «هو» في قوله: ﴿هُوَ الذي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ﴾. قال الزمخشري: «فإنْ قلتَ: بِمَ اتَّصلَ قولُه: ﴿يَعْلَمُ خَآئِنَةَ الأعين﴾ ؟ قلت: هو خبرٌ من أخبارِ» هو «في قولِه: ﴿هُوَ الذي يُرِيكُمْ﴾ مثل: ﴿يُلْقِي الروح مِنْ أَمْرِهِ﴾ [غافر: ١٥] ولكنْ» يُلْقي الروحَ «قد عُلِّلَ بقولِه:» لِيُنْذِرَ «ثم استطرد لذِكْرِ أحوالِ يومِ التَّلاقِ إلى قوله: ﴿وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ﴾ فبَعُدَ لذلك عن أخواته».
صفحة رقم 468
الثاني: أنه مُتَّصلٌ بقولِه: «وأَنْذِرْهم» لَمَّا أُمِرَ بإنذاره يوم الآزفة وما يَعْرِضُ فيه مِنْ شدَّة الغمِّ والكَرْبِ، وأنَّ الظالمَ لا يجدُ مَنْ يَحْميه، ولا شفيعَ له، ذَكَر اطِّلاعَه على جميع ما يَصْدُر مِنَ الخلقِ سِرّاً وجَهْراً. وعلى هذا فهذه الجملةُ لا محلَّ لها لأنها في قوة التعليلِ للأمرِ بالإِنذار.
الثالث: أنها متصلةٌ بقولِه ﴿سَرِيعُ الحساب﴾ [غافر: ١٧].
الرابع: أنها متصلة بقولِه: ﴿لاَ يخفى عَلَى الله مِنْهُمْ شَيْءٌ﴾ [غافر: ١٦]. وعلى هذين الوجهين فيُحْتمل أَنْ تكونَ جاريةً مَجْرَى العلةِ، وأنْ تكونَ في محلِّ نصبٍ على الحال.
وخائنةُ الأَعْيُن فيه وجهان، أحدهما: أنه مصدرٌ كالعافيةِ، أي: يَعْلَمُ خيانةَ الأعين. / والثاني: أنها صفةٌ على بابِها، وهو مِنْ بابِ إضافةِ الصفةِ للموصوفِ، والأصلُ: الأعين الخائنة، كقوله:
٣٩٢٢ -............................ | وإن سَقَيْتِ كِرامَ الناسِ فاسْقِينا |

تُخْفِي الصدور} مصدريةٌ حتى يَلْزَمَ ما ذكره، بل يجوزُ أَنْ تكونَ بمعنى الذي، وهو عبارةٌ عن نفس ذلك الشيءِ المَخْفِيِّ، فيكونُ قد قابَلَ الاسمَ غيرَ المصدرِ بمثلهِ.
صفحة رقم 470