آيات من القرآن الكريم

لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ ۚ نَصِيبًا مَفْرُوضًا
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤ

ولا يكتسى منه وقال النخعي لا يلبس الكتان ولا الحلل ولكن ما سد الجوعة ووارى العورة ولا قضاء فى هذه الأقوال كلها وقال الحسن وجماعة يأكل من تمر نخيله ولبن مواشيه بالمعروف ولا قضاء عليه وامّا الفضة والذهب فلا فان أخذ فعليه رده وقال الكلبي المعروف ركوب الدابة وخدمة الخادم وليس له ان يأكل من ماله شيئا وروى البغوي بسنده عن القاسم ابن محمد انه جاء رجل الى ابن عباس فقال ان لى يتيما وان له ابلا افاشرب من لبن ابله فقال ان كنت تبغى ضالة ابله وتهنا جرباها وتلط حوضها وتسقيها يوم وردها فاشرب غير مضر بنسل ولا ناهك فى الحلب وقال الشعبي لا يأكل الا ان يضطر اليه كما يضطر الى الميتة وقال قوم المعروف القرض اى يستقرض من مال اليتيم إذا احتاج اليه فاذا أيسر قضاه وهو قول مجاهد وسعيد بن جبير وقال عمر بن الخطاب انى أنزلت نفسى من مال الله بمنزلة ولى اليتيم ان استغنيت استعففت وان افتقرت أكلت بالمعروف فاذا أيسرت قضيت فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ بعد بلوغهم وإيناس رشد منهم فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ هذا امر ارشاد وليس بواجب والاولى الاشهاد لدفع التهمة وانقطاع الخصومة واحتج الشافعي ومالك بهذه الاية على ان القيم لا يصدق فى دعواه بالدفع الا بالبينة وقال ابو حنيفة إذا لم يكن له بينة يصدق مع اليمين لانه أمين ينكر الضمان عليه ويدل على ذلك قوله تعالى وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً (٦) اى محاسبا ومجازيا وشاهدا لا حاجة الى شاهد غيره بل يصدق الولي مع اليمين ويفوض امره الى الله تعالى والباء زائدة على فاعل الفعل، اخرج ابو الشيخ ابن حبان فى كتاب الفرائض من طريق الكلبي عن ابى صالح عن ابن عباس قال كان اهل الجاهلية لا يورثون النبات ولا الصغار من الذكور حتى يدركوا فمات رجل من الأنصار يقال له أوس بن ثابت وترك ابنتين وابنا صغيرا فجاء ابنا عمه خالد وعرفطة وهما عصبتاه فأخذا ميراثه كله فاتت امرأته رسول الله ﷺ فذكرت له ذلك فقال ما أدرى ما أقول فنزلت.
لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ اى المتوارثون بالقرابة ولم يقل للنساء نصيب منه اهتماما لشأنهن مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ بدل من قوله ممّا ترك باعادة العامل وفائدته التوبيخ على عدم مبالاتهم فى القليل نَصِيباً مَفْرُوضاً (٧)......

صفحة رقم 18

نصب على انه مصدر مؤكد كقوله فريضة من الله، او حال من فاعل الظرف إذا المعنى ثبت لهم نصيب حال كونه مفروضا اى مقطوعا والحال فى الحقيقة قوله مفروضا لكن بحسب الظاهر جعل الحال نصيبا ومفروضا صفة له ويسمى الحال موطئة لانه مقدمة لذكر ما هو الحال حقيقة او على اختصاص بمعنى اعنى نصيبا مقطوعا واجبا لهم لا يجوز لاحد التبديل فيه، وفيه دليل على ان الوارث لو اعرض عن نصيبه او ابرا عنه لا يسقط حقه وفى الاية إجمال من وجهين أحدهما فى تعيين النصيب وثانيهما فى المراد بالاقرب وكلا الامرين ورد بيانهما من الشرع وذكر الوالدين مع دخولهما فى الأقربين اهتماما لشانهما ولانّ سبب النزول ميراث الوالد وذكر البغوي ان أوس بن ثابت الأنصاري توفى وترك امراة يقال لها أم كحة وثلث بنات له منها فقام رجلان هما ابنا عمّ الميت واوصياه «١» سويد وعرفجة فاخذا ماله ولم يعطيا امرأته ولا بناته شيئا وكانوا فى الجاهلية لا يرثون النساء ولا الصغار وان كان الصغير ذكرا انما كانوا يورثون الرجال ويقولون لا نعطى الا من قاتل وحاز الغنيمة فجاءت أم كحة فقالت يا رسول الله ان أوس بن ثابت مات وترك على بنات وانا امرأته وليس عندى ما أنفقه عليهن وقد ترك أبوهن مالا حسنا وهو عند سويد وعرفجة ولم يعطيانى ولا بناتي شيئا وهن فى حجرى لا يطعمن ولا يسقين فدعاهما رسول الله ﷺ فقالا يا رسول الله ولدها لا يركب فرسا ولا يحمل كلا ولا ينكأ عدوا فانزل الله هذه الآية فارسل رسول الله ﷺ الى سويد وعرفجة لا تفرقا من مال أوس بن ثابت شيئا فان الله جعل لبناته نصيبا ممّا ترك ولم يبيّن كم هو حتى انظر ما ينزل فيهنّ فانزل الله تعالى يوصيكم الله فى أولادكم فلما نزلت أرسل رسول الله ﷺ الى سويد وعرفجة ان ادفعا الى أم كحة الثمن والى بناته الثلثين ولكما باقى المال، قلت ولما نزل عقيبه يوصيكم الله لم يلزم تأخير البيان عن وقت الحاجة والله اعلم، قال سعد وقع فى الكتب المعتبرة والروايات الصحيحة أوس بن ثابت وهو أخو حسان بن ثابت استشهد بأحد قال الشيخ جلال الدين السيوطي وفيه نظر لانه كان أخا حسان ولم يكن لبنى العم مع الأخ سبيل ونقله ابن حجر فى الاصابة عن ابن مندة وخطّاه بانه ليس أحد من

(١) فى الأصل ووصياه

صفحة رقم 19
التفسير المظهري
عرض الكتاب
المؤلف
القاضي مولوي محمد ثناء الله الهندي الفاني فتي النقشبندى الحنفي العثماني المظهري
تحقيق
غلام نبي تونسي
الناشر
مكتبة الرشدية - الباكستان
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية