
أخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والبيهقي من طريق الزهري. « أن عروة بن الزبير حدث عن الزبير بن العوّام : أنه خاصم رجلاً من الأنصار قد شهد بدراً مع رسول الله ﷺ إلى رسول الله ﷺ في شراج من الحرة كانا يسقيان به كلاهما النخل. فقال الأنصاري : سرح الماء يمر. فأبى عليه، فقال رسول الله ﷺ :» اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك. فغضب الأنصاري وقال : يا رسول الله، إن كان ابن عمتك؟! فتلوّن وجه رسول الله ﷺ ثم قال : اسق يا زبير، ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر، ثم أرسل الماء إلى جارك « واسترعى رسول الله ﷺ للزبير حقه، وكان رسول الله ﷺ قبل ذلك أشار على الزبير برأي أراد فيه السعة له وللأنصاري، فلما أحفظ رسول الله ﷺ الأنصاري استرعى للزبير حقه في صريح الحكم فقال الزبير : ما أحسب هذه الآية نزلت إلا في ذلك ﴿ فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكِّموك فيما شجر بينهم... ﴾ الآية.
وأخرج الحميدي في مسنده وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني في الكبير عن أم سلمة قالت » خاصم الزبير رجلاً إلى رسول الله ﷺ، فقضى للزبير، فقال الرجل : إنما قضى له لأنه ابن عمته « فأنزل الله ﴿ فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك... ﴾ الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب في قوله ﴿ فلا وربك لا يؤمنون... ﴾ الآية. قال » أنزلت في الزبير بن العوام وحاطب بن أبي بلتعة اختصما في ماء، فقضى النبي ﷺ أن يسقي الأعلى ثم الأسفل «.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله ﴿ فلا وربك لا يؤمنون ﴾ قال : نزلت في اليهود.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله ﴿ فلا وربك... ﴾ الآية. قال : هذا في الرجل اليهودي والرجل المسلم اللذين تحاكما إلى كعب بن الأشرف.
وأخرج ابن جرير عن الشعبي. مثله إلا أنه قال : إلى الكاهن.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق ابن لهيعة عن أبي الأسود قال :» اختصم رجلان إلى رسول الله ﷺ، فقضى بينهما فقال الذي قضي عليه : ردنا إلى عمر بن الخطاب. فقال رسول الله ﷺ : نعم، انطلقا إلى عمر. فلما أتيا عمر قال الرجل : يا ابن الخطاب قضى لي رسول الله ﷺ على هذا، فقال : ردنا إلى عمر، فردنا إليك. فقال : أكذلك؟! قال : نعم. فقال عمر : مكانكما حتى أخرج إليكما فأقضي بينكما، فخرج إليهما مشتملاً على سيفه، فضرب الذي قال : ردنا إلى عمر فقتله، وأدبر الآخر فاراً إلى رسول الله ﷺ فقال : يا رسول الله قتل عمر - والله - صاحبي، ولولا أني أعجزته لقتلني. فقال رسول الله ﷺ : ما كنت أظن أن يجترئ عمر على قتل مؤمنين؟! فأنزل الله ﴿ فلا وربك لا يؤمنون... ﴾ الآية. فهدر دم ذلك الرجل، وبرأ عمر من قتله، فكره الله أن يسن ذلك بعد فقال ﴿ ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم ﴾ [ النساء : ٦٦ ] إلى قوله ﴿ وأشد تثبيتاً ﴾ «.

وأخرج الحافظ دحيم في تفسيره عن عتبة بن ضمرة عن أبيه « أن رجلين اختصما إلى النبي ﷺ، فقضى للمحق على المبطل. فقال المقضي عليه : لا أرضى. فقال صاحبه : فما تريد؟ قال : أن تذهب إلى أبي بكر الصديق. فذهبا إليه فقال : أنتما على ما قضى به النبي ﷺ، فأبى أن يرضى قال : نأتي عمر. فأتياه فدخل عمر منزله وخرج والسيف في يده، فضرب به رأس الذي أبى أن يرضى فقتله، وأنزل الله ﴿ فلا وربك... ﴾ الآية ».
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن مكحول قال :« كان بين رجل من المنافقين ورجل من المسلمين منازعة في شيء، فأتيا رسول الله ﷺ، فقضى على المنافق، فانطلقا إلى أبي بكر فقال : ما كنت لأقضي بين من يرغب عن قضاء رسول الله ﷺ ! فانطلقا إلى عمر، فقصَّا عليه فقال عمر : لا تعجلا حتى أخرج إليكما، فدخل فاشتمل على السيف وخرج، فقتل المنافق ثم قال : هكذا أقضي بين من لم يرض بقضاء رسول الله. فأتى جبريل رسول الله ﷺ فقال : إن عمر قد قتل الرجل وفرق الله بين الحق والباطل على لسان عمر. فسمي الفاروق ». وأخرج الطستي عن ابن عباس. أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله تعالى ﴿ فيما شجر بينهم ﴾ قال : فيما أشكل عليهم. قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم، أما سمعت زهيراً وهو يقول :
متى تشتجر قوم تقل سراتهم | هم بيننا فهم رضا وهو عدل |
وأخرج ابن جرير وابن المنذر في قوله ﴿ حرجاً ﴾ قال : إثماً.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : لما نزلت هذه الآية قال الرجل الذي خاصم الزبير وكان من الأنصار : سلمت.
وأخرج ابن المنذر عن أبي سعيد الخدري : أنه نازع الأنصار في الماء من الماء فقال لهم : أرأيت لو أني علمت أن ما تقولون كما تقولون واغتسل أنا؟ فقالوا له : لا والله حتى لا يكون في صدرك حرج مما قضى به رسول الله ﷺ. والله أعلم. صفحة رقم 162