
قَوْلُهُ تَعَالَى: أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عنهم إِلَى قَوْلِهِ: بليغا
٥٥٥٥ - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا شَبَابَةُ ثنا وَرْقَاءُ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: تَنَازَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَرَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ، فَقَالَ الْمُنَافِقُ: اذْهَبْ بِنَا إِلَى كَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ، وَقَالَ الْيَهُودِيُّ: اذْهَبْ بِنَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ اللَّهُ تعالى أولئك الذين يعلم الله ما في قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أنفسهم قولا بليغا
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤك إِلَى قَوْلِهِ: توابا رحيما
٥٥٥٦ - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا شَبَابَةُ ثنا وَرْقَاءُ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَوْلَهُ: وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ إِلَى قَوْلِهِ: رَحِيماً هَذَا في الرجل اليهودي والرجل المسلم الذين تَحَاكَمَا إِلَى كَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ.
٥٥٥٧ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ سُلَيْمَانُ بْنُ حَسَّانَ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ دِينَارٍ سُئِلَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْ الاسْتِغْفَارِ فَقَالَ:
الاسْتِغْفَارُ، عَلَى نَحْوَيْنِ: أَحَدُهُمَا بِالْقَوْلِ، وَالآخَرُ بِالْفِعْلِ، فَأَمَّا الاسْتِغْفَارُ بِالْقَوْلِ فَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى وَلَوْ أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شجر بينهم
[الوجه الأول]
٥٥٥٨ - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، ثنا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ وَيُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ أَنَّهُ خَاصَمَ رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ قَدْ شَهِدَ بَدْراً مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شِرَاجٍ مِنَ الْحَرَّةِ كَانَا يَسْقِيَانِ بِهِ كِلاهُمَا النَّخْلَ، فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: سَرِّحِ الْمَاءَ يَمُرُّ، فَأَبَى عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ أَرْسِلْ إِلَى جَارِكَ، فَغَضِبَ الأَنْصَارِيُّ وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ كَانَ ابْنُ عَمَّتِكَ، فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ احْبِسِ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعُ إِلَى الْجِدْرِ وَاسْتَرْعَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الزُّبَيْرِ حَقَّهُ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ ذَلِكَ أَشَارَ عَلَى الزُّبَيْرِ أَيْ أَرَادَ فِيهِ السَّعَةَ لَهُ وَلِلأَنْصَارِيِّ، فَلَمَّا أَحْفَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأَنْصَارِيَّ اسْتَرْعَى لِلزُّبَيْرِ حَقَّهُ فِي صَرِيحِ الْحُكْمِ، فَقَالَ الزُّبَيْرُ: وَمَا أَحْسِبُ هذه الآية إلا في نَزَلَتْ فَلا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً أَحَدُهُمَا يُرِيدُ عَلَى صَاحِبِهِ بِذَلِكَ.
٥٥٥٩ - حَدَّثَنَا أَبِي ثنا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ ثنا أَبُو حَيْوَةَ ثنا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فِي قَوْلِهِ: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ الآيَةَ: قَالَ: أُنْزِلَتْ فِي الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَحَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ اخْتَصَمَا فِي مَاءٍ، فَقَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْقِيَ الأَعْلَى ثُمَّ الأَسْفَلُ.
الْوَجْهُ الثَّانِي:
٥٥٦٠ - أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قِرَاءَةً، أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ قَالَ: اخْتَصَمَ رَجُلانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَضَى بَيْنَهُمَا، فَقَالَ الَّذِي قَضَى عَلَيْهِ: رُدَّنَا إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَعَمْ، انْطَلِقَا إِلَى عُمَرَ، فَلَمَّا أَتَيَا عُمَرَ قَالَ الرَّجُلُ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ قَضَى لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى هَذَا، فَقَالَ: رُدَّنَا إِلَى عُمَرَ حَتَّى أَخْرُجَ إِلَيْكُمَا فَأَقْضِيَ بَيْنَكُمَا، فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا، مُشْتَمِلا عَلَى سَيْفِهِ فَضَرَبَ الَّذِي قَالَ: رُدَّنَا إِلَى عُمَرَ فَقَتَلَهُ، وَأَدْبَرَ الآخَرُ فَارّاً إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَتَلَ عُمَرُ وَاللَّهِ صَاحِبِي وَلَوْ مَا أَنِّي أَعْجَزْتُهُ لَقَتَلَنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا كُنْتُ أظن أن يَجْتَرِئُ عُمَرُ عَلَى قَتْلِ مُؤْمِنَيْنِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فَلا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً فَهَدَرَ دَمَ ذَلِكَ الرَّجُلِ وَبَرِئَ عُمَرُ مِنْ قَتْلِهِ، فَكَرِهَ اللَّهُ أَنْ يَسُنَّ ذَلِكَ بَعْدُ، فَقَالَ: «وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمُ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إلا قَلِيلٌ مِنْهُمْ» إِلَى قَوْلِهِ: وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً