
أخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا﴾ قَالَ: لما فتح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة دَعَا عُثْمَان بن أبي طَلْحَة فَلَمَّا أَتَاهُ قَالَ: أَرِنِي الْمِفْتَاح
فَأَتَاهُ بِهِ فَلَمَّا بسط يَده إِلَيْهِ قدم الْعَبَّاس فَقَالَ: يَا رَسُول الله بِأبي أَنْت وَأمي اجْعَلْهُ لي مَعَ السِّقَايَة
فَكف عُثْمَان يَده فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَرِنِي الْمِفْتَاح يَا عُثْمَان
فَبسط يَده يُعْطِيهِ فَقَالَ الْعَبَّاس مثل كَلمته الأولى
فَكف عُثْمَان يَده ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا عُثْمَان إِن كنت تؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فهاتني الْمِفْتَاح
فَقَالَ: هُنَاكَ بأمانة الله
فَقَامَ فَفتح بَاب الْكَعْبَة فَوجدَ فِي الْكَعْبَة تِمْثَال إِبْرَاهِيم مَعَه قداح يستقسم بهَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا للْمُشْرِكين - قَاتلهم الله - وَمَا شَأْن إِبْرَاهِيم وشأن القداح ثمَّ دَعَا بِجَفْنَة فِيهَا مَاء فَأخذ مَاء فغمسه ثمَّ غمس بهَا تِلْكَ التماثيل وَأخرج مقَام إِبْرَاهِيم وَكَانَ فِي الْكَعْبَة ثمَّ قَالَ: يَا أَيهَا النَّاس هَذِه الْقبْلَة ثمَّ خرج فَطَافَ بِالْبَيْتِ ثمَّ نزل عَلَيْهِ جِبْرِيل فِيمَا ذكر لنا برد الْمِفْتَاح فَدَعَا عُثْمَان بن طَلْحَة فَأعْطَاهُ الْمِفْتَاح ثمَّ قَالَ ﴿إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا﴾ النِّسَاء الْآيَة ٥٨ حَتَّى فرغ من الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله ﴿إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا﴾ قَالَ: نزلت فِي عُثْمَان بن طَلْحَة قبض مِنْهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِفْتَاح الْكَعْبَة وَدخل بِهِ الْبَيْت يَوْم الْفَتْح فَخرج وَهُوَ يَتْلُو هَذِه الْآيَة فَدَعَا عُثْمَان فَدفع

إِلَيْهِ الْمِفْتَاح قَالَ: وَقَالَ عمر بن الْخطاب: لما خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْكَعْبَة وَهُوَ يَتْلُو هَذِه الْآيَة - فداؤه أبي وَأمي - مَا سمعته يتلوها قبل ذَلِك
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خذوها يَا بني طَلْحَة خالدة تالدة لَا يَنْزِعهَا مِنْكُم إِلَّا ظَالِم
يَعْنِي حجابة الْكَعْبَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله ﴿إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا﴾ الْآيَة
قَالَ: أنزلت هَذِه الْآيَة فِي وُلَاة الْأَمر وفيمن ولي من أُمُور النَّاس شَيْئا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن شهر بن حَوْشَب قَالَ: نزلت فِي الْأُمَرَاء خَاصَّة ﴿إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا﴾
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْفِرْيَابِي وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: حق على الإِمَام أَن يحكم بِمَا أنزل الله وَأَن يُؤَدِّي الْأَمَانَة فَإِذا فعل ذَلِك فَحق على النَّاس أَن يسمعوا لَهُ وَأَن يطيعوا وَأَن يجيبوا إِذا دعوا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا﴾ قَالَ: يَعْنِي السُّلْطَان يُعْطون النَّاس
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا﴾ قَالَ: هِيَ مسجلة للبر والفاجر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع فِي الْآيَة قَالَ: هَذِه الْأَمَانَات فِيمَا بَيْنك وَبَين النَّاس فِي المَال وَغَيره
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن الْقَتْل فِي سَبِيل الله يكفر الذُّنُوب كلهَا إِلَّا الْأَمَانَة يجاء بِالرجلِ يَوْم الْقِيَامَة وَإِن كَانَ قتل فِي سَبِيل الله فَيُقَال لَهُ: ادّ أمانتك
فَيَقُول: من أَيْن وَقد ذهبت الدِّينَا فَيُقَال: انْطَلقُوا بِهِ إِلَى الهاوية فَينْطَلق فتمثل لَهُ أَمَانَته كهيئتها يَوْم دفعت إِلَيْهِ فِي قَعْر جَهَنَّم فيحملها فيصعد بهَا حَتَّى إِذا ظن أَنه خَارج بهَا فهزلت من عَاتِقه فهوت وَهوى مَعهَا أَبَد الآبدين
قَالَ زَاذَان: فَأتيت الْبَراء بن عَازِب فَقلت: أما سَمِعت مَا قَالَ أَخُوك ابْن مَسْعُود قَالَ: صدق إِن الله يَقُول ﴿إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا﴾ وَالْأَمَانَة فِي

الصَّلَاة وَالْأَمَانَة فِي الْغسْل من الْجَنَابَة وَالْأَمَانَة فِي الحَدِيث وَالْأَمَانَة فِي الْكَيْل وَالْوَزْن وَالْأَمَانَة فِي الدّين وَأَشد ذَلِك فِي الودائع
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا﴾ قَالَ: إِنَّه لم يرخص لموسر وَلَا لمعسر
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي الْآيَة عَن الْحسن أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول: أد الْأَمَانَة إِلَى من ائتمنك وَلَا تخن من خانك
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أد الْأَمَانَة إِلَى من ائتمنك وَلَا تخن من خانك
وَأخرج مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ثَلَاث من كن فِيهِ فَهُوَ مُنَافِق وَإِن صَامَ وَصلى وَزعم أَنه مُسلم: من إِذا حدث كذب وَإِذا وعد أخلف وَإِذا اتئمن خَان
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ثَوْبَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا إِيمَان لمن لَا أَمَانَة لَهُ وَلَا صَلَاة لمن لَا وضوء لَهُ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَمْرو عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَربع إِذا كن فِيك فَلَا عَلَيْك مَا فاتك من الدُّنْيَا: حفظ أَمَانَة وَصدق حَدِيث وَحسن خَلِيقَة وعفة طعمة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن أول مَا يرفع من النَّاس الْأَمَانَة وَآخر مَا يبْقى الصَّلَاة وَرب مصل لَا خير فِيهِ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أول مَا يرفع من هَذِه الْأمة الْحيَاء وَالْأَمَانَة فسلوهما الله عزَّ وجلَّ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: لَا تنظروا إِلَى صَلَاة أحد وَلَا صِيَامه وانظروا إِلَى صدق حَدِيثه إِذا حدث وَإِلَى أَمَانَته إِذا ائْتمن وَإِلَى ورعه إِذا أشفى
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عمر بن الْخطاب
مثله
وَأخرج عَن مَيْمُون بن مهْرَان قَالَ: ثَلَاثَة تؤدين إِلَى الْبر والفاجر: الرَّحِم توصل كَانَت برة أَو فاجرة والأمانى تُؤَدّى إِلَى الْبر والفاجر والعهد يُوفى بِهِ للبر والفاجر

وَأخرج عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ: من لم يكن لَهُ رَأس مَال فليتخذ الْأَمَانَة رَأس مَاله
وَأخرج عَن أنس قَالَ: الْبَيْت الَّذِي تكون فِيهِ خِيَانَة لَا تكون فِيهِ الْبركَة
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن حبَان وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم عَن أبي يُونُس قَالَ: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يقْرَأ هَذِه الْآيَة ﴿إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات﴾ إِلَى قَوْله ﴿كَانَ سميعاً بَصيرًا﴾ وَيَضَع إبهاميه على أُذُنَيْهِ وَالَّتِي تَلِيهَا على عينه وَيَقُول: هَكَذَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقْرَأها وَيَضَع أصبعيه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يقترىء هَذِه الْآيَة ﴿سميعاً بَصيرًا﴾ يَقُول: بِكُل شَيْء بَصِير
الْآيَة ٥٩