آيات من القرآن الكريم

وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَىٰ بِاللَّهِ نَصِيرًا
ﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚ ﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂ ﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠ

ويدافع عنها، ويستجيب لنداء الله في الوحي الإلهي الثابت، وهو القرآن الكريم الذي لم يبق غيره معبرا عن إرادة الله وتشريعاته وأحكامه.
أما المعادي للقيم الدينية الإنسانية، فيتهرب من مواجهة الحقيقة إما بالتحريف والتأويل، وإما بالإنكار والجحود، وإما بالاستهزاء والطعن، وصرف الكلام عن إرادة الخير إلى إرادة الشر، لذا وبّخ الله سبحانه في القرآن المجيد أولئك الذين يبدلون كلام الله، بدافع التطور والمعاصرة، أو بدافع نفعي مادي وحفاظا على المصالح الذاتية والمراكز والمناصب باسم الدين، وبباعث التعصب. قال الله تعالى:
[سورة النساء (٤) : الآيات ٤٤ الى ٤٧]
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ (٤٤) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ وَكَفى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللَّهِ نَصِيراً (٤٥) مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَراعِنا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنا لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (٤٦) يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً (٤٧)
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» «٦» [النساء: ٤/ ٤٤- ٤٧].
نزلت هذه الآيات في يهود المدينة،
قال ابن إسحاق: كان رفاعة بن زيد بن التابوت من عظماء اليهود، وإذا كلم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لوى لسانه، وقال: أرعنا سمعك يا محمد حتى نفهمك، ثم طعن في الإسلام وعابه، فأنزل الله فيه: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ.. الآيات.
والمعنى: ألم تنظر إلى الذين أوتوا جزءا من الكتاب، يستبدلون الضلالة بالهدى،

(١) يغيرونه ويتأولونه بالباطل.
(٢) أي لا سمعت، وهو دعاء على النبي صلّى الله عليه وسلّم.
(٣) كلمة سب وطعن.
(٤) تحريفا بألسنتهم. [.....]
(٥) أعدل وأصوب.
(٦) نمحوها.

صفحة رقم 326

ويأخذون الكفر بدل الإيمان، ويريدون منكم أن تضلوا معهم الطريق المستقيم، والله أعلم بأعدائكم أيها المؤمنون، فامتثلوا أمره، واحذروا الأعداء، وكفى بالله ناصرا يتولى أموركم، ويصلح حالكم، وكفى به نصيرا ينصركم إن نصرتموه، كما قال الله تعالى: كانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ
[الروم: ٣٠/ ٤٧].
وبعض الكتابيين يبدلون كتبهم، ويؤولونها تأويلا غير صحيح، وهم يقولون:
سمعنا وعصينا، بدل قولهم: سمعنا وأطعنا، وكانوا يقولون حسدا وحقدا للنبي صلّى الله عليه وسلّم:
اسمع لا سمعت، أي لا أسمعك الله ولا أجاب قولك، وقالوا للنبي أيضا: راعنا من الرعونة والحمق، وهي كلمة سب، تحريفا بألسنتهم وطعنا في الدين وفتلا بالألسنة عن الحق والصواب والأدب. وهذا منتهى الجرأة في الباطل والعدوان على الحق، ولو قالوا: سمعنا وأطعنا، بدل: سمعنا وعصينا، لكان خيرا لهم وأهدى سبيلا، ولكنهم لم يقولوا ذلك، فخذلهم الله ولعنهم وطردهم من رحمته، فهم لا يوفّقون أبدا للخير، ولا يؤمنون إيمانا صحيحا إلا إيمانا قليلا لا إخلاص فيه، ثم دعاهم الله للإيمان بالقرآن قبل تدميرهم وتشويههم، ولعنهم كلعنة أصحاب السبت المتحايلين على صيد السمك الممنوع عليهم بأخذ الأسماك من الأحواض التي بنوها، وذلك في يوم الأحد، وكان أمر الله التكويني بإيقاع شيء ما نافذ المفعول لا محالة، متى أراده أوجده، فليحذر الناس وعيد الله وعقابه.
ما يغفره الله تعالى
إن الإنسان بحكم ضعفه وميله للشهوات دون وعي وتقدير للعواقب، تراه يقع في أخطاء ومعاص أو ذنوب تغضب الله تعالى، لأن الخطأ أو العصيان ليس في الواقع في صالح الإنسان نفسه، وإنما هو ضرر في ذاته ولمصالحه، يجرّ عليه أسوأ النتائج

صفحة رقم 327
التفسير الوسيط
عرض الكتاب
المؤلف
وهبة بن مصطفى الزحيلي الدمشقي
الناشر
دار الفكر - دمشق
سنة النشر
1422
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية