آيات من القرآن الكريم

وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَىٰ بِاللَّهِ نَصِيرًا
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚ ﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂ

﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا (٤٥) مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (٤٦) ﴾
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ﴾ يَعْنِي: يَهُودَ الْمَدِينَةِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: نَزَلَتْ فِي رِفَاعَةَ بْنِ زَيْدٍ وَمَالِكِ بْنِ دَخْشَمٍ، كَانَ إِذَا تَكَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوَّيَا بِأَلْسِنَتِهِمَا (١) وَعَابَاهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ (٢) ﴿يَشْتَرُونَ﴾ يَسْتَبْدِلُونَ، ﴿الضَّلَالَةَ﴾ يَعْنِي: بِالْهُدَى، ﴿وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ﴾ أَيْ: عَنِ السَّبِيلِ يَا مَعْشَرَ الْمُؤْمِنِينَ
﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ﴾ مِنْكُمْ فَلَا تَسْتَنْصِحُوهُمْ فَإِنَّهُمْ أَعْدَاؤُكُمْ، ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا﴾ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ اكْتَفُوا بِاللَّهِ وَلِيًّا وَاكْتَفُوا بِاللَّهِ نَصِيرًا.
﴿مِنَ الَّذِينَ هَادُوا﴾ قِيلَ: هِيَ مُتَّصِلَةٌ بُقُولِهِ ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ﴾ ﴿مِنَ الَّذِينَ هَادُوا﴾ وَقِيلَ: هِيَ مُسْتَأْنَفَةٌ، مَعْنَاهُ: مِنَ الَّذِينَ هَادُوا مَنْ يُحَرِّفُونَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: "وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ" (الصَّافَّاتِ -١٦٤) أَيْ: مَنْ لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ، يُرِيدُ: فَرِيقٌ، ﴿يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ﴾ يُغَيِّروُنَ الْكَلِمَ ﴿عَنْ مَوَاضِعِهِ﴾ يَعْنِي: صِفَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كَانَتِ الْيَهُودُ يَأْتُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَسْأَلُونَهُ عَنِ الْأَمْرِ، فَيُخْبِرُهُمْ، فَيَرَى أَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ بِقَوْلِهِ، فَإِذَا انْصَرَفُوا مِنْ عِنْدِهِ حَرَّفُوا كَلَامَهُ، ﴿وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا﴾ قَوْلَكَ ﴿وَعَصَيْنَا﴾ أَمْرَكَ، ﴿وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ﴾ أَيْ: اسْمَعْ مِنَّا وَلَا نَسْمَعُ مِنْكَ، ﴿غَيْرَ مُسْمَعٍ﴾ أَيْ: غَيْرَ مَقْبُولٍ مِنْكَ، وَقِيلَ: كَانُوا يَقُولُونَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اسْمَعْ، ثُمَّ يَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ: لَا سَمِعْتَ، ﴿وَرَاعِنَا﴾ أَيْ: وَيَقُولُونَ رَاعِنَا، يُرِيدُونَ بِهِ النِّسْبَةَ إِلَى الرُّعُونَةِ، ﴿لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ﴾ تَحْرِيفًا ﴿وَطَعْنًا﴾ قَدْحًا ﴿فِي الدِّينِ﴾ أَنَّ قَوْلَهُ: "وَرَاعِنَا" مِنَ الْمُرَاعَاةِ، وَهُمْ يُحَرِّفُونَهُ، يُرِيدُونَ بِهِ الرُّعُونَةَ، ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا﴾ أَيِ: انْظُرْ إِلَيْنَا مَكَانَ قَوْلِهِمْ رَاعِنَا، ﴿لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ﴾ أَيْ أَعْدَلَ وَأَصْوَبَ، ﴿وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ إِلَّا نَفَرًا قَلِيلًا مِنْهُمْ، وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ وَمَنْ أَسْلَمَ مَعَهُ مِنْهُمْ.

(١) في ب:: (لسانهما).
(٢) انظر: الدر المنثور: ٢ / ٥٩٣.

صفحة رقم 230
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
محمد عبد الله النمر
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1417
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية