آيات من القرآن الكريم

فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ شَهِيدًا
ﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒ

حَسَنَةً يضاعفها وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ} أي: من عنده ﴿أَجْراً عَظِيماً﴾ أي: الجنة يعطيها تفضلاً منه لا إله إلا هو، وإن فنيت الحسنات، وبقيت السيئات وبقي طالبون قال الله تعالى: ضعوا عليهم من أوزانهم واكتبوا له كتاباً إلى النار.
قوله: ﴿وَإِن تَكُ حَسَنَةً يضاعفها﴾ هذا لأهل الإيمان كلهم، وروي عن ابن عمر: أنها في المهاجرين خاصة، قال: " نزلت الآية في الأعراب ﴿مَن جَآءَ بالحسنة فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ [الأنعام: ١٦٠] قال: فقال رجل: ما للمهاجرين؟ فقال النبي ﷺ: ما هو أعظم من ذلك وقرأ
﴿وَإِن تَكُ حَسَنَةً يضاعفها وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً﴾ الآية ".
واختار الطبري أن تكون المضاعفة أكثر من عشرة للمهاجرين خاصة، وقال: هو في معنى حديث أبي هريرة، تضاعف بألفي ضعف أي للمهاجرين، واحتج بأن الله تعالى قد اخبرنا أن الله يجزي بالحسنة عشر أمثالها، فلا يجوز أن يكون في خبره اختلاف، ولكن ذلك للمهاجرين وهذا لغيرهم.
قوله: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ﴾ الآية.
العامل في " كيف " " جئنا "
المعنى: فكيف يكون حالهم إذا جئنا من كل أمة بشهيد يشهد على أعمالهم، وجئنا بك يا محمد على أمتك شهيداً، وكان النبي عليه السلام إذا أتى على هذه الآية فاضت

صفحة رقم 1330

عيناه، وقال ابن مسعود: أمرني رسول الله عليه السلام أن أقرأ عليه سورة النساء حتى بلغت ﴿وَجِئْنَا بِكَ على هؤلاء شَهِيداً﴾ فاضت عينا رسول الله ﷺ بالدموع فسكت.
قال السدي يأتي النبي يوم القيامة منهم من أسلم معه من قومه واحد والاثنان، والعشرة، وأقل وأكثر من ذلك حتى ياتي لوط صلوات الله عليه وسلم لم يؤمن معه إلا بنتاه فيقال للنبيين: هل بلغتم ما أرسلتم به؟ فيقولون: نعم فيقال له: من يشهد لكم؟ فيقولون: أمة محمد عليه السلام. فتدعى أمة محمد عليه السلام فيقال لهم: إن الرسل ادعوا عندكم شهادة فبم تشهدون؟ فيقولون: يا ربنا نشهد أنهم قد بلغوا كما شهدوا في الدنيا في التبليغ، فيقال: من يشهد على ذلك؟ فيقولون: محمد ﷺ، فيشهد محمد ﷺ أن أمته قد صدقت، وأن الرسل قد بلغوا فذلك قوله ﴿لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى الناس وَيَكُونَ الرسول عَلَيْكُمْ شَهِيداً﴾.
ومن رواية يونس عن ابن وهب عن إبراهيم عن حيان بن أبي جيلة بسنده إلى النبي عليه السلام أنه قال: " إذا جمع الله عباده يوم القيامة كان أول من يدعى إسرافيل فيقول الله تعالى: ماذا فعلت في... هل بلغت عهدي؟ فيقول: نعم، أي رب، قد بلغت جبريل، فيدعى جبريل فيقول له: هل بلغك إسرافيل عهدي؟ فيقول: نعم يا رب، قد بلغني، فيخلى عن إسرافيل، فيقال لجبريل: هل بلغت عهدي؟ فيقول: نعم قد بلغته الرسل، فيدعى الرسل فيقول: هل بلغكم جبريل عهدي؟ فيقولون: نعم، فيخلى عن جبريل ثم، يقال للرسل: ما فعلتم بعهدي؟ فيقولون: بلغنا أممنا، فيدعى الأمم، فيقال لهم: هل بلغكم الرسل عهدي؟ فمنهم المكذب، ومنهم المصدق، فيقول الرسل: إن

صفحة رقم 1331

لكم علينا شهداء يشهدون أنا قد بلغنا مع شهادة، فيقول الله تعالى: من يشهد لكم؟ فيقول الرسل: أمة محمد ﷺ، فتدعى أمة محمد ﷺ، فيقول الله تعالى: أتشهدون أن رسلي هؤلاء قد بلغوا عهدي إلى من أرسلوا إليهم؟ فيقولون: نعم، رب شهدنا أنهم قد بلغوا، فتقول تلك الأمم: (لا). كيف يشهدون علينا ولم يدركنا؟ فيقول لهم الرب: كيف تشهدون على من لم تدركوا؟ فيقولون: ربنا بعثت إلينا رسولاً، وأنزلت إلينا عهدك وكتابك، فقصصت علينا قصصهم، فشهدنا بما عهدت إلينا، فيقول الرب تعالى ذكره: صدقوا، فكذلك قوله: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى الناس﴾ الآية ".
وقد مضى في هذه الآية ما فيه كفاية وهذه زيادة إن لم يتقدم لفظها وإن كان قد تقدم معناها.
وفي رواية أخرى عن الأوزاعي قال النبي ﷺ: " أول من يسأل يوم القيامة عن البلاغ: اللوح المحفوظ. يقال: هل بلغت إسرافيل ما أمرت به؟ فيقول: نعم، قيل لإسرافيل: هل بلغك اللوح المحفوظ ما أمر به؟ فيقول: نعم، فما أرى شيئاً أشد فرحاً يوم القيامة من اللوح المحفوظ حين صدقه إسرافيل، ثم كذلك إسرافيل وجبريل والأنبياء ".

صفحة رقم 1332
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية