آيات من القرآن الكريم

يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
ﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀ ﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣ ﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝ ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧ

وكيع عن يحيى بن عبد الرحمن بن أبي شيبة عن جدّه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من استحل بدرهم فقد استحل»
«١» [٢٧٦] قال وكيع: في النكاح.
وعن عبد الله بن يزيد مولى الأسود أن رجلا تسرّ جارية له فكرهها، فقال له رجل: هبها لي، فوهبها له فذكر ذلك لسعيد بن المسيب، فقال: إن الهبة لم تجز لأحد بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولو أصدقها سوطا لحلت.
المغيرة عن إبراهيم قال: السنة في الصداق الرطل من الورق، كانوا يكرهون أن يكون مهر الحرائر مثل مهور البغايا بالدرهم والدرهمان، ويحبون أن يكون عشرين درهما.
[سورة النساء (٤) : الآيات ٢٢ الى ٢٨]
وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلاَّ ما قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً وَساءَ سَبِيلاً (٢٢) حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخالاتُكُمْ وَبَناتُ الْأَخِ وَبَناتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ وَرَبائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلاَّ ما قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (٢٣) وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلاَّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ كِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً (٢٤) وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٥) يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٢٦)
وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً (٢٧) يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً (٢٨)
وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ نزلت في حصن بن أبي قيس تزوج امرأة أبيه كبيشة بنت معن، وفي الأسود بن خلف تزوج امرأة أبيه، وفي صفوان بن أمية بن خلف تزوج بامرأة أبيه فاختة بنت الأسود بن المطلب، وفي منصور بن مازن تزوج امرأة أبيه مليكة بنت خارجة، وفي [أبي مكيل] العدوي تزوج امرأة أبيه.

(١) السنن الكبرى: ٧/ ٢٣٨، مصنف ابن أبي شيبة: ٣/ ٣١٧.

صفحة رقم 280

وقال الأشعث بن يسار: توفى أبو قيس وكان من صالحي الأنصار، فخطب ابنه قيس امرأة أبيه، فقالت: إني أعدك ولدا وأنت من صالح قومك، ولكني آتي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أستأمره، فأتته فأخبرته، فقال لها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ارجعي إلى بيتك» [٢٧٧] فأنزل الله عزّ وجلّ: وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ «١».
(ما) بمعنى من، وقيل: ولا تنكحوا النكاح يعني ما نَكَحَ (آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ) اسم الجنس ليدخل فيه الحرائر والإماء، أما الحرائر فتحرم بالعقد، والإماء بالوطء.
إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ قال المفضّل: يعني بعد ما سلف فدعوه واجتنبوه.
قال الثعلبي: وسمعت أبا القاسم الحبيبي يقول: سمعت أبا زكريا العنبري يقول: معناه كما قد سلف إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً يورث بغض الله، والمقت أشد البغض وَساءَ سَبِيلًا «٢» وبئس ذلك طريقا. كانت العرب يقولون لولد الرجل من امرأة أبيه مقيت ومقي، وكان منهم الأشعث بن قيس وأبو معيط بن عمرو بن أمية.
السدي عن عدي بن ثابت عن البراء قال: لقيت خالي ومعه الراية فقلت: أين تريد؟ فقال:
أرسلني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى رجل تزوج بامرأة أبيه من بعده أن أضرب عنقه أو أقتله.
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ هي جمع أم، والأم في الأصل أمهه على وزن فعلة، مثل قبرة وحمرة فسقطت الهاء في [التوحيد وعادت] في الجمع كقولهم: شاه ومياه.
قال الشاعر:
أمهتي خندف والروس أبي «٣»
وقيل: أصل الأم أمة، وأنشدوا:

تقبلتها عن أمة لك طالما تثوب إليها في النوائب أجمعا «٤»
فيكون الجمع حينئذ أمهات. ومثاله في الكلام عمّة وعمّات.
وقال الراعي:
كانت نجائب منذر ومحرق أماتهن وطرقهن فحيلا «٥»
فحرم الله تعالى في هذه الآية نكاح أربع عشرة امرأة: سبعا بنسب وسبعا بسبب، فأما
(١) أسباب النزول: ٥٥.
(٢) كلمة غير مقروءة.
(٣) تفسير القرطبي: ٥/ ١٠٧.
(٤) تفسير القرطبي: ٥/ ١٠٧، ولسان العرب: ١٢/ ٣٠.
(٥) لسان العرب: ١١/ ٥١٦.

صفحة رقم 281

النسب قوله: أُمَّهاتُكُمْ فهي أمهات النسبة وَبَناتُكُمْ جمع البنت وَأَخَواتُكُمْ جمع الأخت وَعَمَّاتُكُمْ وَخالاتُكُمْ جمع العمّة والخالة وَبَناتُ الْأَخِ وَبَناتُ الْأُخْتِ.
وأما السبب فقوله: وَأُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وهي أمهات الحرمة كقوله تعالى:
وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ «١» ثم قال: وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً «٢». وقرأ عبد الله:
(واللاي) بغير تاء كقوله: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ «٣».
قال الشاعر:

من اللاء لم يحججن يبغين حسبة ولكن ليقتلن البرئ المغفلا»
عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «ما حرمته الولادة حرمه الرضاع» «٥» [٢٧٨].
ومالك بن أنس عن عبد الله بن أبي بكر عن عميرة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» «٦» [٢٧٩].
الأعمش عن سعيد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي كرم الله وجهه قال:
قلت يا رسول الله ما لك تنوق في قريش وتدعنا قال: «وعندك أحد؟» قلت: نعم بنت حمزة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إنها لا تحل لي إنها ابنة أخي من الرضاعة» «٧» [٢٨٠].
وهب بن كيسان عن عروة عن عائشة: أن أبا القعيس- وهو أفلح- استأذن على عائشة بعد آية الحجاب، فأبت أن تأذن له فذكر ذلك للنبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: «ائذني له فإنّه عمك» فقالت: إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل، قال: «إنه عمك فليلج عليك» «٨».
وإنما يحرم الرضاع بشرطين إثنين أحدهما: أن يكون خمس رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات، وتوفى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهي ممّا يقرأ من القرآن.
وروى عبد الله بن الحرث عن أم الفضل: أن نبي الله صلّى الله عليه وسلّم سئل عن الرضاع فقال: «لا تحرم الاملاجة ولا الأملاجتان» «٩» [٢٨١].
(١) سورة الأحزاب: ٦.
(٢) سورة التحريم: ٥٣.
(٣) سورة الطلاق: ٤.
(٤) تفسير القرطبي: ٥/ ١٠٩، لسان العرب: ١٥/ ٤٤٥.
(٥) السنن الكبرى: ٣/ ٢٩٥. [.....]
(٦) تفسير القرطبي: ٥/ ١٠٨، أحكام القرآن: ٢/ ١٥٧.
(٧) صحيح مسلم: ٤/ ١٦٤، وسنن النسائي: ٣/ ٢٩٧.
(٨) مسند أحمد: ٦/ ١٩٤، صحيح البخاري: ٦/ ١٦٠.
(٩) سنن الدارقطني: ٤/ ١٠١ و ١٠٦.

صفحة رقم 282

قال قتادة: المصة والمصتان.
والشرط الثاني: أن يكون من الحولين، وما كان بعد الحولين فإنه لا يحرم، وكان أبو حنيفة يرى ذلك بعد الحولين ستة أشهر.
ومالك: بعد الحولين شهرا، والدليل على أن ما بعد الحولين من الرضاع بقوله:
وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ «١» وليس بعد الكمال والتمام شيء،
وقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لا رضاع بعد الحولين، وإنما الرضاع ما أنبت اللحم وأنشر العظم» «٢» [٢٨٢].
وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ أم المرأة حرام دخل بها أو لم يدخل، وهو قول أكثر الفقهاء، وعليه الحكم والفتيا، وقد شدد أهل العراق فيها حتى قالوا: لو وطأها أو قبّلها أو لامسها بالشهوة حرمت عليه ابنتها. وعندنا إنما يحرم بالنكاح الصحيح، والحرام لا يحرم الحلال، وكان ابن عباس يقرأ (وأمهات نسائكم اللاتي دخلتم بهن) ويحلف بالله ما نزل إلّا هكذا ويقول: هي بمنزلة الربائب، فلما كانت الربائب لا يحرمن بالعقد على أمهاتهن دون الوطء، كذلك أمهات النساء لا يحرمن بالعقد على بناتهن دون الوطء، وهو
قول علي وزيد وجابر وابن عمر وابن الزبير قالوا: نكاح أمهات النساء اللواتي لم يدخل بهن حلال
، والقول الأول هو الأصح.
قال ابن جريح: قلت لعطاء: الرجل ينكح المرأة ثم يراها ولا يجامعها حتى يطلقها، أيحل له أمّها؟ قال: لا، هي مرسلة دخل بها أو لم يدخل. فقلت له: كان ابن عباس يقرأ:
(وأمهات نسائكم اللاتي دخلتم بهن) قال: لا.
وروى عمرو بن المسيب عن أبيه عن جدّه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إذا نكح الرجل المرأة فلا يحل له أن يتزوج أمها دخل بالبنت أو لم يدخل وإذا تزوج الأم ولم يدخل، بها ثم طلقها فإن شاء تزوج بالبنت».
وَرَبائِبُكُمُ جمع الربيبة وهي ابنت المرأة، قيل لها: ربيبة، لتربيته إياها، فعيلة بمعنى مفعولة اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ أي في ضمانكم وتربيتكم، يقال: فلان في حجر فلان إذا كان يلي تربيته، ويقال: امرأة طيبة الحجر إذا لم تربّ ولدا إلّا طيب الولد.
قال الكميت:

الكرمات [نسبة] في قريش [وسواهم] والطيبات الحجورا
ومنه قيل للحظر حجر، والأصل فيه الناحية، يقال: فلان يأكل في حجره ويريض حجره.
(١) سورة البقرة: ٢٣٣.
(٢) مسند أحمد: ١/ ٤٣٢، وسنن الدارقطني: ٤/ ١٠١ بتفاوت في الألفاظ.

صفحة رقم 283

مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ أي جامعتموهن فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ نكاح بناتهن إذا طلقتموهن أو متن عنكم.
روى الزهري عن عروة: أن زينب بنت أبي سلمة وأمها أم سلمة زوج النبي صلّى الله عليه وسلّم أخبرته أن أم حبيبة بنت أبي سفيان أخبرتها أنها قالت: يا رسول الله انكح أختي قالت: فقال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أو تحبين ذلك؟» قلت: نعم ليست لك بمخلية وأحب من يشاركني في خير أختي.
فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ ذلك لا يحلّ لي». فقلت: والله يا رسول الله إنّا لنتحدث أنك تريد أن تنكح درّة بنت أبي سلمة فقال: «بنت أم سلمة؟» فقلت: نعم، قال: «والله إنها لو تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي إنها لبنت أخي من الرضاعة أرضعتني وأبا سلمة ثويبة فلا تعرضن عليّ بناتكن ولا أخواتكن» «١» [٢٨٣].
وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ يعني أزواج أبنائكم، والذكر حليل، وجمعه أحلّه وأحلّاء، مثل عزيز وأعزة وأعزّاء، وإنما سمّي بذلك لأن كل واحد منهما حلال لصاحبه، يقال: حلّ وهو حليل، مثل صحّ وهو صحيح، وقيل: سمّي بذلك لأن كل واحد منهما يحلّ حيث يحلّ صاحبه من الحلول وهو النزول، وقيل: لأن كلّ واحد منهما يحل إزار صاحبه، من الحل وهو ضد العقد.
قال الشاعر:
يدافع قوما على مجدهم... دفاع الحليلة عنها الحليلا
يدافعه يومها تارة... ويمكنه رجلها أن يشولا
الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ دون من تبنيتموهم.
قال عطاء: نزلت في محمد صلّى الله عليه وسلّم حين نكح امرأة زيد بن حارثة.
وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ حرّتين كانتا بالعقد أو أمتين بالوطء إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ.
قال عطاء والسدي: يعني إلّا ما كان من يعقوب (عليه السلام)، فإنه جمع بين ليا أم يهوذا وراجيل أم يوسف وكانتا أختين.
إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ الآية.
قال عمرو بن مرّة: قال رجل لسعيد بن جبير: أما رأيت ابن عباس حين يسأل عن هذه الآية وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ فلم يقل فيها شيئا، فقال سعيد: كان لا يعلمها.
وقال مجاهد: لو أعلم من يفسّر في هذه الآية لضربت إليه أكباد الإبل، قوله تعالى:
وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ.

(١) مسند الشاميين: ٤/ ٢٠٨، السنن الكبرى: ٣/ ٢٩٠.

صفحة رقم 284

قال المفسرون: هذه السابعة من النساء اللواتي حرّمن بالسبب.
قرأه العامة: (وَالْمُحْصَناتُ) بفتح الصاد، يعني في زوال الأزواج أحصنهنّ أزواجهن.
قال أبو سعيد الخدري: نزلت في نساء كنّ يهاجرن إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولهنّ أزواج فيتزوجهن بعض المسلمين، ثم يقدم أزواجهن مهاجرين، فنهى المسلمين عن نكاحهنّ ثم استثنى فقال: إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ يعني السبايا اللاتي سبين ولهم أزواج في دار الحرب، فحلال لمالكهن وطأهن بعد الاستبراء.
فقال أبو سعيد الخدري: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم حنين جيشا إلى أوطاس، فلقوا العدو فأصابوا سبايا لهن أزواج من المشركين، فكرهوا وطأهنّ وتأثموا من ذلك، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقرأ علقمة: (وَالْمُحْصِناتُ) بكسر الصاد، ودليله قول عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) وعبيدة وأبي العالية والسدي، قالوا: والمحصنات في هذه الآية والعفائف ومعناها: والعفائف من النساء عليكم حرام إلّا ما ملكت إيمانكم منهن بنكاح أو ملك يمين وثمن، وقيل: معناه الحرائر.
قال الباقر ويمان: معناه وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ عليكم حرام ما فوق الأربع، إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فإنه لا عدد عليكم فيهن.
وقال ابن جريج: سألنا عطاء عنها فقال: معنى قوله: إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ أن تكون لك أمة عند عبد لك قد أحصنها بنكاح وتنزعها منه إن شئت.
كِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ نصب على المصدر، أي كتب الله عليكم كتابا، وقيل: نصب على الإغراء، أي الزموا واتقوا كتاب الله عليكم.
وقرأ ابن السميقع: كتب الله عليكم أي أوجب، وهذه أربعة عشر امرأة، محرمات بالكتاب.
فأما الستّة: فقد حرّمت امرأتين، وهو ما
روى هشام عن محمد عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا تنكح المرأة على عمّتها ولا على خالتها» «١» [٢٨٤].
وَأُحِلَّ لَكُمْ قرأ أبو جعفر وأهل الكوفة: (وَأَحَلَّ لَكُمْ) بضم الألف.
الباقون: بالنصب، وهي قراءة علي وابن عباس واختيار أبي عبيد وأبي حاتم، فمن رفع فلقوله: حُرِّمَتْ، ومن نصب، فللقرب من ذكر الله في قوله: كِتابَ اللَّهِ.

(١) صحيح مسلم: ٤/ ١٣٦، وتأويل مختلف الحديث: ١٨١.

صفحة رقم 285

ما وَراءَ ما سوى ذلِكُمْ الذي ذكرت من المحرمات أَنْ تَبْتَغُوا بدل من (ما) فمن رفع أحلّ ف (إن) عنده في محل الرفع، ومن نصب ف (إن) عنده في محل النصب.
قال الكسائي والفراء: موضعه نصب في القراءتين بنزع الخافض، يعني: لأن تبتغوا وتطلبوا.
بِأَمْوالِكُمْ أما بنكاح وصداق أو بملك وثمن مُحْصِنِينَ متعففين غَيْرَ مُسافِحِينَ زانين، وأصله من سفح المذي والمني فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ اختلف في معنى الآية: فقال مجاهد والحسن: يعني ممّا انتفعتم وتلذذتم للجماع من النساء بالنكاح الصحيح.
فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ أي مهورهن، فإذا جامعها مرّة واحدة فقد وجب لها المهر كاملا.
وقال آخرون: هو نكاح المتعة، ثم اختلف في الآية أمحكمة هي أم منسوخة؟
فقال ابن عباس: هي محكمة ورخّص في المتعة، وهي أن ينكح الرجل المرأة بولي وشاهدين إلى أجل معلوم، فإذا انقضى الأجل فليس له عليها سبيل، وهي منه بريئة، وعليها أن تستبري ما في رحمها وليس بينهما ميراث.
قال حبيب بن أبي ثابت: أعطاني ابن عباس مصحفا فقال: هذا على قراءة أبي، فرأيت في المصحف (فما استمتعم به منهن إلى أجل مسمى).
وروى داود عن أبي نضرة قال: سألت ابن عباس عن المتعة فقال: أما تقرأ سورة النساء؟
قلت: بلى، قال: فما تقرأ: (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمّى) ؟ قلت: لا أقرأها هكذا.
قال ابن عباس: والله لهكذا أنزلها الله، ثلاث مرّات.
وروى عيسى بن عمر عن طلحة بن مصرف أنه قرأ: (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمّى).
وروى عمرو بن مرّة عن سعيد بن جبير: أنه قرأها: (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمّى).
وروى شعبة عن الحكم قال: سألته عن هذه الآية: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ أمنسوخة هي؟ قال: لا. قال الحكم: قال علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه: لولا أن عمر نهى عن المتعة ما زنا إلّا شقي.
أبو رجاء العطاردي عن عمران بن الحصين قال: نزلت هذه الآية (المتعة) في كتاب الله، لم تنزل آية بعدها تنسخها، فأمرنا بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وتمتعنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولم ينهنا عنه، وقال رجل بعد برأيه ما شاء!

صفحة رقم 286

قال الثعلبي: قلت ولم يرخص في نكاح المتعة إلّا عمران بن الحصين وعبد الله بن عباس وبعض أصحابه وطائفة من أهل البيت «١»، وفي قول ابن عباس.
يقول الشاعر:

أقول للرّكب إذ طال الثواء بنا يا صاح هل لك في فتوى ابن عباس
هل لك في رخصة الأطراف ناعمة تكون مثواك حتى مرجع الناس «٢»
وسائر العلماء والفقهاء والصحابة والتابعين والسلف الصالحين على أن هذه الآية منسوخة ومتعة النساء حرام.
وروى الربيع بن بسرة الجهني عن أبيه قال: كنّا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في عمرته فشكونا إليه العزبة، فقال: «يا أيها الناس استمتعوا من هذه النساء» ثم صحبت غاديا على رسول الله فإذا هو يقول: «يا أيها الناس إني كنت أمرتكم بالاستمتاع من هذه النساء إلّا أن الله حرّم ذلك إلى يوم القيامة» «٣» [٢٨٥].
وقال خصيف: سألت الحسن عن نكاح المتعة، فقال: إنما كان ثلاثة أيام على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثم نهى الله عزّ وجلّ عنه ورسوله صلّى الله عليه وسلّم.
وقال الكلبي: كان هذا في بدء الإسلام، أحلّها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بثلاثة أيام ثم حرّمها، وذلك أنه كان إذا تم الأجل الذي بينهما أعطاها أجرها الذي كان شرط لها، ثم قال: زيديني في الأيام فأزيدك في الأجر، فإن شاءت فعلت ذلك، فإذا تم الأجل الذي بينهما أعطاها الأجر وفارقها، ثم نسخت بآية الطلاق والعدة والممات.
وروى الزهري عن الحسن وعبد الله ابني محمد بن علي بن أبي طالب عن أبيهما أن عليا قال لابن عباس: نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل الحمر الأهلية.
وروى الفضل بن دكين عن البراء بن عبد الله القاص عن أبي نضرة عن ابن عباس أن عمر (رضي الله عنه) نهى عن المتعة التي تذكر في سورة النساء فقال: إنما أحل الله ذلك على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والنساء يومئذ قليل، ثم حرّم عليهم بعد أن نهى عنها.
وعن سالم بن عبد الله بن عمر عن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) أنه صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه فقال: ما بال رجال ينكحون هذه المتعة وقد نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عنها لا أجد رجلا ينكحها إلّا رجمته بالحجارة.
(١) قال أبو عمر: أصحاب ابن عباس من أهل مكة واليمن كلهم يرون المتعة حلالا (تفسير القرطبي: ٥/ ١٣٣).
(٢) تفسير القرطبي: ٥/ ١٣٣، الدر المنثور: ٢/ ١٤١.
(٣) مسند أحمد: ٣/ ٤٠٦.

صفحة رقم 287

وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «هدم المتعة النكاح والطلاق والعدة والميراث» «١» [٢٨٦].
وقال ابن أبي مليكة: سألت عائشة عن المتعة فقالت: بيني وبينهم كتاب الله وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ «٢».
وعن عائشة: والله ما نجد في كتاب الله إلّا النكاح والاستسراء. وقال ابن عمر: المتعة سفاح.
عطاء: المتعة حرام مثل الميتة والدم ولحم الخنزير.
قال الثعلبي: سمعت أبا القاسم بن جبير يقول: سمعت أبا علي الحسين بن أحمد الخياط يقول: سمعت أبا نعيم بن عبد الملك بن محمد بن عدي يقول: سمعت [... ] «٣» يقول:
الشافعي يقول: لا أعلم في الإسلام شيئا أحل ثم حرّم ثم أحل ثم حرّم غير المتعة.
فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً أي مهورهن، سمّي المهر أجرا، لأنه ثمن البضع وأجر الاستمتاع ألا تراه يتأكد بالخلوة والدخول.
واختلفوا في حدّه، فأكثره لا غاية له، وأما أقلّه فقال أبو حنيفة: لا مهر دون عشرة دراهم أو قيمتها من الذهب، لأن الله عزّ وجلّ قال: أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ ولا يطلق اسم المال على أقل من هذا القدر.
وعند الشافعي: لا حدّ له، فأجاز الشيء الطفيف حتى القبضة من الطعام، وكذلك كل عمل أوجب أجرا قليلا كان أو كثيرا، والسورة من كتاب الله عزّ وجلّ أو آية لقوله: فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ.
وعن سلمة بن وردان قال: سمعت أنس بن مالك يقول: سأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رجلا من أصحابه، فقال: «يا فلان هل تزوجت؟» قال: لا، وليس عندي ما أتزوج، قال: «أليس معك قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ «٤» ؟» قال: بلى، قال: «ربع القرآن» قال: «أليس معك إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ «٥» ؟» قال: بلى، قال: «ربع القرآن» قال: «أليس معك قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ «٦» ؟» قال:
بلى، قال: «ربع القرآن»، قال: «أليس معك إِذا زُلْزِلَتِ «٧» ؟» قال: بلى، قال: «ربع القرآن»

(١) مسند أبي يعلي: ١١/ ٥٠٤، وفتح الباري: ٩/ ١٣٨.
(٢) سورة المؤمنون: ٥- ٦.
(٣) كلمة غير مقروءة. [.....]
(٤) سورة الإخلاص: ١.
(٥) سورة النصر: ١.
(٦) سورة الكافرون: ١.
(٧) سورة الزلزال: ١.

صفحة رقم 288

قال: «أليس معك آية الكرسي؟» قال: بلى، قال: «ربع القرآن»، قال: «تزوج تزوج تزوج» «١» [٢٨٧].
وقد ذكرت حجج الفريقين فيما قيل.
وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ يعني فيما تفتدي به المرأة نفسها، إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً.
وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا فضلا وسعة.
المسيب بن شريك عن عمران بن جرير عن النزال بن سبرة عن ابن عباس قال: من ملك ثلاثمائة درهم فقد وجب عليه الحج وحرّم عليه نكاح الإماء.
أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الحرائر، وقرأ الكسائي: (الْمُحْصِناتِ) بكسر الصاد، كل القرآن إلّا في أول هذه السورة، الباقون: بالفتح.
الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ إلى قوله بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ سادتهن ف آتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مهورهن بِالْمَعْرُوفِ من غير ضمار مُحْصَناتٍ عفائف غَيْرَ مُسافِحاتٍ زانيات وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ أحباب يزنون بهن في السر.
فَإِذا أُحْصِنَّ قرأ أهل الكوفة: بفتح الألف، على معنى حفظن فروجهن، وقرأ الآخرون: بالضم، على معنى أنهنّ أحصنّ بأزواجهنّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ يعني الزنا فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ الحرائر إذا زنين مِنَ الْعَذابِ يعني الحدّ، نظيره: وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ «٢» وهو خمسون جلدة وتغريب نصف سنة على الصحيح من مذهب الشافعي، ويحتاج أن يغرّب الزاني إلى موضع يقصر إليه الصلاة، وللسيد إقامة الحدّ بالزنا على عبده وأمته.
سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها ولا يغيرها، فإن عادت فليجلدها ولا يغيرها، فإن عادت فليجلدها ولا يغيرها، فإن عادت الرابعة فليبعها ولو بضفير أو حبل» «٣» [٢٨٨].
ذلِكَ يعني نكاح الإماء عند عدم الطول لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ يعني الإثم والضرر بغلبة الشهوة وَأَنْ تَصْبِرُوا عن نكاح الإماء متعففين خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ.
عن يونس بن مرداس وكان خادما لأنس قال: كنت بين أنس وأبي هريرة، فقال أنس:
سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من أحبّ أن يلقى الله طاهرا مطهرا فليتزوج الحرائر».

(١) مسند أحمد: ٣/ ٢٢١، تفسير القرطبي: ٥/ ١٣٥.
(٢) سورة النور: ٨.
(٣) شرح مسلم: ١١/ ٢١١، ومصنف بن أبي شيبة: ٨/ ٣٦٩.

صفحة رقم 289

فقال أبو هريرة: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «الحرائر صلاح البيت والإماء فساد البيت» «١» [٢٨٩].
يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ أي أن يبيّن، (اللام) بمعنى أن، والعرب تعاقب بين لام كي وبين أن فتضع إحداهما مكان الأخرى كقوله: وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ «٢» وقوله: وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ «٣»، ثم قال في موضع آخر: وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ «٤»، وقال: يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ «٥»، ثم قال في موضع آخر: يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ «٦».
وقال الشاعر:

أريد لأنسى ذكرها فكأنما تمثل لي ليلى بكل سبيل «٧»
يريد أن أنسى، ومعنى الآية: يريد الله أن يبيّن شرائع دينكم ومصالح أمركم.
الحسن: يعلمكم ما تأتون وما تذرون. عطاء: يبيّن لكم ما يقربكم منه. الكلبي: ليبيّن لكم أن الصبر من نكاح الإماء خير لكم.
وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ شرايع الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ في تحريم الأمهات والبنات والأخوات، كما ذكر في الآيتين. هكذا حرّمها على من كان قبلكم من الأمم وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ يتجاوز عنكم ما أصبتم قبل أن يبيّن لكم، قاله الكلبي.
وقال محمد بن جرير: يعني يرجع بكم من معصيته التي كنتم عليها قبل هذا إلى طاعته التي أمركم بها في هذه الآية وَاللَّهُ عَلِيمٌ بما يصلح عباده من أمر دينهم ودنياهم حَكِيمٌ في تدبيره فيهم وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ إن وقع تقصير منكم في أمره وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا عن الحق مَيْلًا عَظِيماً بإتيانكم ما حرّم عليكم، واختلفوا في الموصوفين باتباع الشهوات من هم:
فقال السدي: هم اليهود والنصارى.
وقال بعضهم: هم اليهود، وذلك أنهم ينكحون بنات الأخ وبنات الأخت، فلما حرّمهما الله قالوا: إنكم تحلّون بنات الخالة والعمّة، والخالة والعمّة عليكم حرام، فانكحوا بنات الأخ والأخت كما تنكحون بنات الخالة والعمّة، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
(١) وسنن ابن ماجة: ١/ ٥٩٨.
(٢) سورة الشورى: ١٥.
(٣) سورة الأنعام: ٧٣.
(٤) سورة غافر: ٦٦.
(٥) سورة الصف: ٨.
(٦) سورة التوبة: ٣٢.
(٧) تفسير القرطبي: ٥/ ١٤٨، لسان العرب: ٣/ ١٨٨. [.....]

صفحة رقم 290
الكشف والبيان عن تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي أو الثعالبي
راجعه
نظير الساعدي
الناشر
دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان
سنة النشر
1422 - 2002
الطبعة
الأولى 1422، ه - 2002 م
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية