
﴿إِنَّ الله كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾ أي: حفيظاً محيصاً لأعمالكم ومجازيكم عليها.
قال يعقوب: الوقف ﴿تَسَآءَلُونَ بِهِ﴾ على قراءة النصب و " الأرحام " على قراءة الخفض.
قوله: ﴿وَآتُواْ اليتامى أَمْوَالَهُمْ﴾ الآية.
هذه الآية عنى بها أوصياء اليتامى أن يعطوهم ما لهم إذا بلغوا الحلم وأنس منهم الرشد، ولا يقال يتيم إلاّ لمن (لم) يبلغ الحلم. قال النبي ﷺ: " لا يُتم بعد البلوغ "، وسموا يتامى في الآية وإن كان قد بلغوا الحلم على الاسم الأول.
﴿وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الخبيث بالطيب﴾ أي الحرام عليكم من أموالهم بالحلال من أموالكم.
قال الزهري: تعطي لهم مهزولاً وتأخذ سميناً أي: لا تأخذ الجيد من أموالهم وتعطي مكانه الرديء تقول شيئاً بشيء ودرهماً بدرهم وشاة بشاة والذي تأخذ خير من الذي تعطي والاسم واحد.

قوله: ﴿وَلاَ تأكلوا أَمْوَالَهُمْ إلى أَمْوَالِكُمْ﴾ معناه: لا تخلطوا أموالهم مع أموالكم فتأكلوا الجميع فنهموا عن أكلها، وأحلّ الله لهم المخالطة بقوله: ﴿وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ﴾ [البقرة: ٢١٨] وذلك أنهم اشتدّ عليهم عزل أموال اليتامى، فشكوا ذلك إلى رسول الله ﷺ فأنزل الله ﴿وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ﴾. وحذّرهم هنا من أكلها عند المُخالطة. (وإلى) بمعنى: مع، وقيل: (إلى) على بابها، والمعنى لا تجمعوا أموالهم إلى أموالكم (إنه كان) أي: إن أكلكم أكوال اليتامى إثم كبير.
وقيل معنى: ﴿وَلاَ تأكلوا أَمْوَالَهُمْ إلى أَمْوَالِكُمْ﴾ لا تربح على يتيمك يهوى عندك دابة أو ثوباً أو غير ذلك وهو غير جاهل فتزداد عليه في الثمن.
وكون (إلى) بمعنى مع أولى، وعليه أكثر الناس، وذلك أن (إلى) أصلها أن تكون نهاية أو تكون حداً نحو ﴿إِلَى الليل﴾ [البقرة: ١٨٧] فهذا نهاية لا يدخل [ما] بعدها فيما قبلها ونحو قوله: ﴿إِلَى الكعبين﴾ [المائدة: ٦] فهذا حد تدخل الكعبان في الغسل ومثله (إلى المرافين) فإن خرجت إلى عن هذين الأصلين كانت بمعنى حرف آخر، فلما لم يحسن فيها في هذا