آيات من القرآن الكريم

يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ ۚ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ ۚ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ ۚ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ ۚ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ۗ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮄﮅﮆﮇﮈﮉ

والملائكة - واللَّه أعلم - أكرم من النبيين، ألا ترى أن نُوحاً عليه السلام
قال: (وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ)، فقال عزَّ وجلَّ: (لن يستنكف المسيح) من العبودةِ للَّهِ.
ومعنى يستنكف أي لن يأْنف، وأصله في اللغة من نَكَفْتُ الدَّمْعَ إِذا
نحيته بإِصبعك من خدك.
قال الشاعر:
فبانوا فلولا ما تذكر منهم... من الخُلفِ لم يُنْكَفْ لعَينيكَ مَدمعُ
فتأويل لَنْ يستنكف لن ينقبض، ولن يمتنع من عبودَةِ اللَّه.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (١٧٤)
(وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا).
يُعنَى به - واللَّه أعلم - القرآن، لأن النور هو الذي يُبَينُ الأشياءَ حتى
تُرَى. وَمثَّلَ اللَّه عزَّ وجلَّ ما يَعْلم بالقلب عِلْماً واضِحاً لما يرى بالعَيْن رُؤْيَة
منكشفة بَينَة.
والكلَالَةَ قد بَيَّناها أول السورة.
وقوله: (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١٧٦)
(إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ).
جاز مع " إن " تقديم الاسم قبل الفعل، لأن " إِنْ " لا تعمل في الماضي.
ولأنها أُمُّ الجزاءِ. والنحويون يذهبون إِلى أن مَعَها فعلاً مضمراً، الذي ظهر
يفسره، والمعنى إِن هلك امرؤ هلك.
وقوله: (يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا).
قيل فيها قولان، قال بعضُهم: المعنى يبين اللَّه لكم أن لَا تضلوا

صفحة رقم 136

فأضمرت لا،. وقال البصريون إِن " لا " لا تضمر، وإِن المعنى: يبيِّن الله لكم كراهة أن تضلوا، ولكن حذفت " كراهة "، لأن في الكلام دليلاً عليها، وإِنما جاز الحذف عندهم على أحد، قوله: (وَاسْألِ القَرْيةَ) والمعنى واسأل أهل القرية، فحذف الأول جائز، ويبقى المضاف يدل على المحذوف، قالوا فأما حذف " لا " وهي حرف جاءَ لمعنى النفي فلا يجوز، ولكن " لا " تدخل في الكلام مَؤكدة، وهي لغو كقوله: (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ).
ومثله قول الشاعر:
وما ألوم البيض ألَّا تسخرَا... لما رأين الشمط القَفَنْدَرا
المعنى وما ألوم البيض أن تسخر.
ومثل دخول " لا " توكيداً قوله عزَّ وجلَّ: (لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ).
و (لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ).
فإن قال قائل: أفيجوز أن تَقول لا أحلف عليك، تريد أحلف عليك؟.
قيل " لا " لأن لا، إنما تلغى إِذا مضى صدر الكلام على غير النَفي، فإِذا بنيت الكلام على النفي فقد نقضت الِإيجاب، وإِنما جاز أن تلغى " لا " في أول السورة، لأن القرآن كله كالسورة الواحدة، ألا ترى أن جواب الشيء قد

صفحة رقم 137

يقع وبينهما سُورٌ كما قال جلَّ وعزَّ جواباً لقوله: (وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (٦).
فقال: (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (١) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (٢).
ومثله في القرآن كثير.

صفحة رقم 138
معاني القرآن وإعرابه للزجاج
عرض الكتاب
المؤلف
أبو إسحاق إبراهيم بن السري بن سهل، الزجاج
تحقيق
عبد الجليل عبده شلبي
الناشر
عالم الكتب - بيروت
سنة النشر
1408
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
5
التصنيف
ألفاظ القرآن
اللغة
العربية