
وقد ذكر تعالى عامة الإيمان الاعتقادي، فإن جماعة ذلك هي المذكورة في
قوله تعالى: (وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ) الآية
ولم يذكر الملائكة ها هنا في ضمن الإيمانَ (وَمَا أُنْزِلَ) إيماناً بالملائكة الذين
نزلوا به وإنما قدم الإيمان بالنبي - ﷺ - على الإيمان بالله ها هنا لأن القصد من الآية إليه، والمذكور بعده على سبيل التبع، وذكر من الإيمان العملي إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وأنهما ركنا العبادة، وعلى هذا يخصهما في عامة الآيات من بين العبادات.
قوله عز وجل: (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (١٦٣) وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (١٦٤)
ذكر تعالى في هذه الآية اثني عشر نبيا بأسمائهم وأجمل ذكر باقيهم، وذكر بعض أولي العزم وبعضا من غيرهم، وذكر بعضهم على الترتيب، وذلك أنه أراد أن

يبين أنه أوحى إليه كما أوحى إليهم، وخصه بما خص كل واحد منهم به
تفضيلا له وتشريفا، وأنه جرى معهم مجرى، فذلك من الحساب المبني بجملته
عن تفصيل ما تقدم، فذكر نوحا الذي هو أول أولي العزم من الرسل والنبيين
ومن بعده مجملا، ثم فضل النبيين فذكر إبراهيم الذي كان أول النبيين من أولي العزم بعد نوح، وذكر معه من جرى منه مجرى أبعاضه في كونهم تابعين له، وهم إسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط، ثم ذكر الطرف الآخر من أولي العزم وهو عيسى ثم الأواسط أيوب ويونس وهارون، ثم ذكر من أوتي الكتاب مجملا وهو داوود، فإن الزبور وهو اسم الكتاب، إذ كتبه كتابة غير مفصلة، وأفرد ذكر موسى من حيث إنه خص بالتكلم، وكل هذه الفضائل كان للنبي - ﷺ -.