آيات من القرآن الكريم

۞ إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ۚ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ ۚ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬ

يكون منصوبًا على المدح، قال: لأنه لا ينصب الممدوح إلا عند تمام الكلام، ولم يتم الكلام ههنا، ألا ترى أنك حين قلت ﴿لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ﴾ كأنك تنتظر الخبر، وخبره في قوله: ﴿أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا﴾.
وقول البصريين في هذا هو الصحيح الظاهر (١)، وقوله: إن الكلام لم يتم، إذ الخبر قوله: ﴿أُولَئِكَ﴾ لا يصح، لأن الخبر إنما هو: ﴿يُؤْمِنُونَ﴾ مع أنه قد يجوز الاعتراض بالمدح بين الاسم والخبر، كما يجوز الاعتراض بالقسم، لأنه في تقدير جملة تامة.
قال الفراء: والعرب إذا تطاولت الصفة جعلوا الكلام في الناقص والتام واحد (٢).
وذهب قطرب إلى أن المعنى: وما أنزل من قبلك ومن قبل المقيمين (٣). وهذا القول في الفساد كقول أبي زيد.
١٦٣ - قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ﴾ الآية.
قال ابن عباس: إن جماعة من اليهود قالوا للنبي - ﷺ - ما أوحى الله إليك ولا إلى أحد بعد موسى، فكذبهم الله تعالى وأنزل: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾ (٤).
قال أبو عبيد عن الكسائي: وحي إليه الكلام يحي به وحيًا، وأوحى إليه، وهو أن يكلمه بكلام يُخفيه من غيره (٥).

(١) وهذا ما رجحه أيضًا النحاس في "إعراب القرآن" ١/ ٤٧٠ - ٤٧١.
(٢) لم أقف عليه.
(٣) انظر: "البحر المحيط" ٣/ ٣٩٦، و"الدر المصون" ٤/ ١٥٥.
(٤) أخرجه بمعناه الطبري ٦/ ٢٨، وانظر: ابن كثير ١/ ٦٤٧، و"الدر المنثور" ٢/ ٤٣٥.
(٥) "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٨٥٢ (وحى).

صفحة رقم 193

قال أبو إسحاق: أصل الوحي في اللغة كلها إعلام في خفاء، ولذلك صار الإلهام يسمى وحيًا (١).
قال غيره (٢): وكذلك الإشارة والإيماء والكتابة يسمى وحيًا (٣) فالإشارة قوله: ﴿فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا﴾ [مريم: ١١] أي أشار إليهم. والإلهام قوله: ﴿وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ﴾ [المائدة: ١١١] ﴿وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ﴾ [النحل: ٦٨].
وذكر في تقديم نوح على غيره من النبيين أنه أول نبي شرع الله تعالى على لسانه الأحكام والحلال والحرام (٤).
وسمى بعض النبيين بعد أن ذكرهم جملةً في قوله: ﴿وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ﴾ تخصيصًا وتفضيلًا، كقوله: ﴿وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ﴾ [البقرة: ٩٨].
وقوله تعالى: ﴿وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا﴾ الزبور كتاب داود.
قال ابن عباس: وكان (ما....) (٥) وخمسين سورة، ليس فيها حد ولا حكم ولا فريضة ولا حلال ولا حرام (٦).
قال أهل اللغة: الزبور الكتاب، وكل كتاب زبور، وهو فعول بمعنى مفعول، كالرسول والركوب والحلوب، وأصله من: زبرت، بمعنى كتبت (٧).

(١) "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٨٥٢ (وحى).
(٢) هو الأزهري.
(٣) انظر: "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٨٥٢ (وحى).
(٤) "الكشف والبيان" ٤/ ١٤٣ ب.
(٥) طمس باقي الكلمة في المخطوط، وقد تكون: "مائتين".
(٦) لم أقف عليه.
(٧) "العين" ٧/ ٣٦٢ (زبر)، و"غريب القرآن" لابن قتيبة ص (٣٧)، و"تهذيب اللغة" ٢/ ١٥٠٦ (زبر).

صفحة رقم 194
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية