
محذوف تقديره صدّا كثيرا، أو بمعنى صدّهم لغيرهم، فيكون كثيرا مفعولا بالصدّ، أي صدّوا كثيرا من الناس عن سبيل الله
لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ هو عبد الله بن سلام، ومخيريق، ومن جرى مجراهم وَالْمُقِيمِينَ منصوب على المدح بإضمار فعل، وهو جائز كثيرا في الكلام، وقالت عائشة هو من لحن كتاب المصحف، وفي مصحف ابن مسعود: والمقيمون، على الأصل إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ الآية: ردّ على اليهود الذين سألوا النبي صلّى الله عليه واله وسلّم أن ينزل عليهم كتابا من السماء، واحتجاج عليهم بأن الذي أتى به وحي: كما أتى من تقدّم من الأنبياء بالوحي من غير إنزال الكتاب من السماء، ولذلك أكثر من ذكر الأنبياء الذين كان شأنهم هذا لتقوم بهم الحجة وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْناهُمْ منصوب بفعل مضمر أي أرسلنا رسلا وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً تصريح بالكلام مؤكد بالمصدر، وذلك دليل على بطلان قول المعتزلة إنّ الشجرة هي التي كلمت موسى رُسُلًا مُبَشِّرِينَ منصوب بفعل مضمر أو على البدل لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ أي بعثهم الله ليقطع حجة من يقول: لو أرسل إليّ رسولا لآمنت لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ الآية:
معناها أنّ الله يشهد بأن القرآن من عنده، وكذلك تشهد الملائكة بذلك، وسبب الآية: إنكار اليهود للوحي، فجاء الاستدراك على تقدير أنهم قالوا: لن نشهد بما أنزل إليك، فقيل:
لكن الله يشهد بذلك، وفي الآية من أدوات البيان الترديد، وهو ذكر الشهادة أولا، ثم ذكرها في آخر الآية أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ في هذا دليل لأهل السنة على إثبات علم الله، خلافا للمعتزلة في قولهم إنه عالم بلا علم، وقد تأوّلوا الآية بتأويل بعيد
يا أَيُّهَا النَّاسُ خطاب عام، لأنّ النبي صلّى الله تعالى عليه وعلى اله وسلّم بعث إلى جميع الناس فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ انتصب خبرا هنا، وفي قوله: انتهوا خيرا لكم بفعل مضمر لا يظهر تقديره ائتوا خيرا لكم، هذا مذهب سيبويه، وقال الخليل: انتصب بقوله آمنوا وانتهوا على المعنى، وقال الفراء فآمنوا إيمانا خيرا لكم فنصبه على النعت لمصدر محذوف، وقال الكوفيون هو خبر

كان المحذوفة تقديره يكن الإيمان خيرا لكم وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أي هو غني عنكم لا يضره كفركم يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ هذا خطاب للنصارى لأنهم غلوا في عيسى حتى كفروا، فلفظ أهل الكتاب عموم يراد به الخصوص في النصارى، بدليل ما بعد ذلك والغلو هو الإفراط وتجاوز الحد وَكَلِمَتُهُ أي مكون عن كلمته التي هي كن من غير واسطة أب ولا نطفة وَرُوحٌ مِنْهُ أي ذو روح من الله، فمن هنا لابتداء الغاية، والمعنى من عند الله، وجعله من عند الله لأن الله أرسل به جبريل عليه السلام إلى مريم وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ نهي عن التثليث، وهو مذهب النصارى وإعراب ثلاثة خبر مبتدأ مضمر لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ برهان على تنزيهه تعالى عن الولد، لأنه مالك كل شي ءنْ يَسْتَنْكِفَ
لن يأنف كذلك، ومعناه حيث وقع لَا الْمَلائِكَةُ
فيه دليل لمن قال: إنّ الملائكة أفضل من الأنبياء، لأن المعنى لن يستنكف عيسى ومن فوقه قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ هو القرآن، وهو أيضا النور المبين، ويحتمل أن يريد بالبرهان الدلائل والحجج، وبالنور النبي صلّى الله عليه وسلّم، لأنه سمّاه سراجا يَسْتَفْتُونَكَ أي يطلبون منك الفتيا، ويحتمل أن يكون هذا الفعل طلبا للكلالة، ويفتيكم أيضا طلب لها، فيكون من باب الإعمال وإعمال العامل الثاني على اختيار البصريين أو يكون يستفتونك مقطوعا عن ذلك فيوقف عليه، والأوّل أظهر، وقد تقدّم معنى الكلالة في أوّل السورة والمراد بالأخت والأخ هنا: الشقائق، والذين للأب إذا عدم الشقائق، وقد تقدّم حكم الإخوة للأم في قوله وإن كان رجلا يورث كلالة الآية إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ ارتفع بفعل مضمر عند البصريين، ولا إشكال فيما ذكر هنا من أحكام المواريث أَنْ تَضِلُّوا مفعول من أجله تقديره كراهية أن تضلوا.