آيات من القرآن الكريم

وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا ۖ فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧ ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸ ﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎ ﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨ

ثم قال: وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً والكلالة ما خلا الوالد والولد، ويقال: هو اسم الميت الذي ليس له ولد ولا والد. قال أبو عبيدة: هو مصدر من تكله النسب أي أحاط به، والأب والابن طرفا الرجل فيسمى لذهاب طرفيه كلالة. وقرأ بعضهم: (يورث) بكسر الراء.
قال أبو عبيدة: من قرأ (يورث) بكسر الراء جعل الكلالة الورثة، ومن قرأ بنصب الراء جعل الكلالة الميت. وروى الشعبي عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أنهما قالا: الكلالة من لا ولد ولا والد.
وروي عنهما أيضاً أنهما قالا: الكلالة ما سوى الولد والوالد. قوله تعالى: أَوِ امْرَأَةٌ يعني إن كانت الكلالة هي امرأة. ثم قال تعالى: وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ من الميراث فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ يعني: الإخوة من الأم، وقد أجمع المسلمون أن المراد هاهنا الإخوة من الأم، لأنه ذكر في آخر السورة أن للأختين الثلثين، ففهموا أن المراد هاهنا الإخوة من الأم. ثم قال: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ وقد ذكرناه غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ يعني: غير مضار للورثة، فيوصي بأكثر من الثلث وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ يعني أن تلك القسمة فريضة من الله وَاللَّهُ عَلِيمٌ يعني علم بأمر الميراث حَلِيمٌ على أهل الجهل منكم. وقال عليه الصلاة والسلام: «مَنْ قَطَعَ مِيْرَاثاً فَرَضَهُ الله قَطَعَ الله مَيرَاثَهُ مِنَ الجَنَّةِ». وقرأ بعض المتقدمين: (والله عليم حكيم)، يعني حكم بقسمة الميراث والوصية.
ثم قال: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يعني هذه فرائض الله مما أمركم به من قسمة المواريث، ويقال: تلك أحكام الله، وتلك بمعنى هذه، يعني هذه أحكام الله قد بيّنها لكم لتعرفوا وتعملوا. وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ في قسمة المواريث فيقر بها، ويعمل بها كما أمره الله يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ أي ذلك الثواب هو الفوز العظيم إلى النجاة الوافرة. قوله تعالى: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ في قسمة المواريث، فلم يقسمها ولم يعمل بها وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ أي خالف أمره يُدْخِلْهُ نَاراً خالِداً فِيها لأنه إذا جحد صار كافراً وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ يهان فيه. قرأ نافع وابن عامر: (ندخله) كلاهما بالنون على معنى الإضافة إلى نفسه، وقرأ الباقون كلاهما بالياء لأنه سبق ذكر اسم الله تعالى.
قوله تعالى:
[سورة النساء (٤) : الآيات ١٥ الى ١٨]
وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً (١٥) وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما إِنَّ اللَّهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً (١٦) إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (١٧) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٨)

صفحة رقم 287

وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ يعني الزنى وهي المرأة الثيب إذا زنت فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أي اطلبوا عليهن أَرْبَعَةً من الشهود مِنْكُمْ أي من أحراركم المسلمين عدولاً فَإِنْ شَهِدُوا عليهن بالزنى فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ يعني: احبسوهن في السجن حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أي حتى يمتن في السجن أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا يعني مخرجاً من الحبس، ثم نسخ فصار حدهن الرجم لما روي عن عبادة بن الصامت- رضي الله عنه- إن النبيّ صلّى الله عليه وسلم قال: «خُذُوا عَنِّي خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ الله لَهُنَّ سَبِيلاً البِكْرُ بِالبِكْرِ جَلْدُ مائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ بِالحِجَارَةِ». ثم ذكر في الآية حد البكر فقال: وَالَّذانِ لم يحصنا يَأْتِيانِها يعني الفاحشة مِنْكُمْ يعني من الأحرار المسلمين فَآذُوهُما باللسان، يعني بالتعيير بما فعلا ليندما على ما فعلا فَإِنْ تَابَا من بعد الزنى وَأَصْلَحا العمل فَأَعْرِضُوا عَنْهُما أي فلا تسمعوهما الأذى بعد التوبة إِنَّ اللَّهَ كانَ تَوَّاباً أي متجاوزاً رَحِيماً بهما. ثم نسخ الحبس والأذى بالرجم والجلد، وإنما كان التعيير في ذلك الزمان لأن التعيير حل محل الجلد، وأما اليوم فلا ينفعهم التعيير. وروي عن عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد قال: واللاتى يأتين الفاحشة (من نسائكم) واللذان يأتيانها منكم كان ذلك في أول الأمر، ثم نسخ بالآية التي في سورة النور. قرأ ابن كثير: (واللذان) بتشديد النون، لأن الأصل (اللذيان). فحذف الياء وأقيم التشديد مقامه، وقرأ الباقون بالتخفيف.
ثم قال تعالى: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ يعني قبول التوبة على الله ويقال: توفيقه على الله، ويقال: إنما التجاوز من الله لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ قال ابن عباس رضي الله عنه: كل مؤمن يذنب فهو جاهل في فعله، ويقال: إنما الجهالة أنهم يختارون اللذة الفانية على اللذة الباقية، وذلك الجهل لا يسقط عنهم العذاب إلا أن يتوبوا. قوله ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ قال ابن عباس: كل من تاب قبل موته فهو قريب فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أي يقبل توبتهم وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً يعني عليماً بأهل التوبة حكيماً حكم بالتوبة. وقال مقاتل: نزلت

صفحة رقم 288
بحر العلوم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية