
{واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن
صفحة رقم 461
تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان توابا رحيما} قوله تعالى: ﴿وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَائِكُمْ﴾ يعني بالفاحشة: الزنى. ﴿فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِّنكُمْ﴾ يعني بيِّنة يجب بها عليهن الحد. ﴿فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ في الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ﴾ اختلفوا في إمساكهن في البيوت هل هو حد أو مُوعد بالحد على قولين: ﴿أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً﴾ يعني بالسبيل الحد، وروي عن النبي ﷺ أنه قال: (خُذُواْ عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً البِكْرُ بِالبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّب جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ). واختلفوا في نسخ الجَلْدِ من حد الثيِّب على قولين: أحدهما: أنه منسوخ، وهو قول الجمهور من التابعين والفقهاء. والثاني: أنه ثابت الحكم، وبه قال قتادة، وداود بن علي، وهذه الآية عامة في البكر والثيب، واخْتُلِفَ في نسخها على حسب اختلافهم فيها هل هو حد أو موعد بالحد، فمن قال: هي حد، جعلها منسوخة بآية النور، ومن قال: هي مُوعد بالحد، جعلها ثابتة. قوله عز وجل: ﴿وَالَّلذَانِ يَأْتِيَانِهَا منكُم فَئَاذُوهُمَا﴾ فيها قولان: أحدهما: أنها نزلت في الأبكار خاصة، وهذا قول السدي، وابن زيد. والثاني: أنها عامة في الأبكار والثيِّب، وهو قول الحسن، وعطاء. واختلف في المعنى بقوله تعالى: ﴿وَاللَّذَانِ يِأْتِيَانِهَا مِنكُم﴾ على قولين:
صفحة رقم 462
أحدهما: الرجل والمرأة، وهو قول الحسن، وعطاء. والثاني: البكران من الرجال والنساء، وهو قول السدي، وابن زيد. وفي الأذى المأمور به ثلاثة أقاويل:
صفحة رقم 463
أحدها: التعيير والتوبيخ باللسان، وهو قول قتادة، والسدي، ومجاهد. والثاني: أنه التعيير باللسان، والضرب بالنعال. والثالث: أنه مجمل أخذ تفسيره في البكر من آية النور، وفي الثيِّب من السُّنّة. فإن قيل كيف جاء ترتيب الأذى بعد الحبس؟ ففيه جوابان: أحدهما: أن هذه الآية نزلت قبل الأولى، ثم أمر أن توضع في التلاوة بعدها، فكان الأذى أولاً، ثم الحبس، ثم الجلد أو الرجم، وهذا قول الحسن. والثاني: أن الأذى في البكرين خاصة، والحبس في الثَّيِّبين، وهذا قول السدي. ثم اختلف في نسخها على حسب الاختلاف في إجمالها وتفسيرها. ﴿فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا﴾ يعني تابا من الفاحشة وأصلحا دينهما، فأعرضواْ عنهما بالصفح والكف عن الأذى.
صفحة رقم 464