
والمعنى: أَتُرِيدونَ أَن تَجْعَلُواْ لله عَلَيْكُمْ في عقابكم حجة بموالاة الكفار، أي: أنكم إذا واليتموهم صارت الحجة عليكم في العقاب.
١٤٥ - قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ﴾
اختلفوا في معنى الدرك، فقال شمر: الدَّرك أسفل كل شيء ذي عمقٍ، كالرَّكيَّة ونحوها (١).
وقال أبو عدنان (٢): درك الرّكيَّة: قعرها الذي أُدرك فيه الماء (٣).
وقال الليث: الدَّرك: أقصى قعر الشيء، كالبحر ونحوه (٤).
فعلى هذا المراد بالدرك الأسفل أقصى قعر جهنم.
وبهذا قال ابن عباس، فقال: معناه في أسفل النار (٥). وكذلك قال عكرمة (٦).
وقال آخرون: الدَّرك: الطبق من أطباق جهنم. رواه ثعلب عن ابن الأعرابي (٧). وقال الليث: الدَّرك: واحد من أدراك جهنم من السبع (٨).
وأصل هذا من الإدراك، بمعنى اللحوق، ففيه إدراك الطعام وإدراك الغلام، فالدرك ما يلحق من الطبقة (٩).
(٢) لم أقف له على ترجمة.
(٣) "تهذيب اللغة" ١٠/ ١١٠ (درك).
(٤) "العين" ٥/ ٣٢٧، و"تهذيب اللغة" ١٠/ ١١٠ (درك).
(٥) "تفسيره" ص (١٦٣)، وأخرجه من طريق علي: الطبري ٩/ ٣٣٩.
(٦) لم أقف عليه
(٧) "تهذيب اللغة" ١٠/ ١١٠ (درك)
(٨) "العين" ٥/ ٣٢٧، و"تهذيب اللغة" ١٠/ ١١٠ (درك)
(٩) انظر: "العين" ٥/ ٣٢٨، و"تهذيب اللغة" ١٠/ ١١٠ (درك)

والظاهر أن جهنم طبقات، السفلى أشدها.
قال الأخفش وأبو عبيدة: جهنم أدراك، أي منازل، وكل منزلة منها درك (١). وقال الضحاك: (الدَّرج) إذا كان بعضها فوق بعض، و (الدَّرك) إذا كان بعضها أسفل من بعض (٢).
وقال ابن جُريج: "سمعنا أن جهنم أدراك" (٣).
وقال الفراء: ﴿فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ﴾ أي: في أسفل درج النار (٤).
واختلف القراء في (الدَّرك)، فقرئ بفتح الراء وجزمه (٥).
قال الفراء: هما لغتان، وجمعهما أدراك (٦).
وقال الزجاج: اللغتان جميعًا حكاهما أهل اللغة، إلا أن الاختيار فتح الراء، لأنه أكثر في الاستعمال (٧).
وقال أبو حاتم: جمع الدَّرَك: أدراك: كقوله: أجمال وأفراس، في جمع جمل وفرس. وجمع الدَّرْك: أدْرُك، مثل: أفلُس وأكلب (٨).
(٢) لم أقف عليه.
(٣) أخرجه الطبري بسنده ٥/ ٣٣٨، ولكن بالسياق واللفظ التالي:
"... عن ابن جريج قال: قال لي عبد الله بن كثير: قوله: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ﴾ [النساء: ١٤٥]. قال: سمعنا أن جهنم أدراك، منازل".
(٤) "معاني القرآن" ١/ ٢٩٢، وانظر: "الزاهر" ١/ ٥١٨، و"تهذيب اللغة" ١٠/ ١١٠ درك.
(٥) قرأ بسكون الراء عاصم وحمزة والكسائي وخلف، وقرأ الباقون بفتحها. انظر: "الحجة" ٣/ ١٨٨، و"المبسوط" ص ١٥٩.
(٦) انظر: "معاني القرآن" ١/ ٢٩٢، و"تهذيب اللغة" ٢/ ١١٧٧ (درك)
(٧) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٢٤ يتصرف، وانظر: "الكشف عن وجوه القراءات السبع" ١/ ٤٠١.
(٨) لم أقف عليه.