آيات من القرآن الكريم

مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا
ﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹ

الحَسَنَ، والحُسَيْنَ، ومحمَّداً، فقال: أوصيكُمْ بتقْوَى اللَّهِ فِي الغَيْبِ والشهادةِ، وكلمةِ الحقِّ في الرضَا والغَضَب، والقَصْدِ في الغنى والفَقْر، والعَدْلِ عَلَى الصديقِ والعَدُوِّ، والعملِ في النشاطِ والكَسَل، والرضا عن اللَّه في الشدَّة والرخَاءِ يا بَنِيَّ، ما شَرٌّ بعْدَهُ الجَنَّةُ بِشَرٍّ، وَلاَ خَيْرٌ بَعْدَهُ النَّارُ بِخَيْرٍ، وكلُّ نَعِيمٍ دُونَ الجَنَّةِ حَقِيرٌ، وَكُلُّ بَلاَءٍ دُونَ النَّارِ عافيةٌ، مَنْ أَبْصَرَ عَيْبَ نفسِهِ شُغِلَ عَنْ عَيْبِ غيره، ومَنْ رَضِيَ بقَسْم اللَّهِ لم يَحْزَنْ على ما فاته، ومَنْ سَلَّ سيْفَ بَغْيٍ قُتِلَ به، ومَنْ حَفَر لأخيهِ بِئْراً وقَعَ فيها، ومَنْ هَتَكَ حجابَ أخِيهِ، كَشَفَ اللَّهُ عوراتِ بَنِيهِ، ومَنْ نَسِيَ خطيئته، استعظم خَطِيئَةَ غَيْره، ومَنِ استغنى بعقله زَلَّ، وَمَنْ تكبَّر على الناس ذَلَّ، ومَنْ أُعْجِبَ برأْيه ضَلَّ. ومَنْ جالَسَ العلماء وُقِّرَ، ومَنْ خَالَطَ الأَنْذَالَ احتقر، ومَنْ دَخَل مَدَاخلَ السُّوء اتهم، ومَنْ مَزَحَ استخف بِهِ، ومَنْ أكْثَرَ مِنْ شيءٍ عُرِفَ به، ومَنْ كثُر كلامه كَثُرَ خَطَؤُهُ، ومن كثر خَطَؤُهُ قل حياؤه، ومن قَلَّ حياؤه قَلَّ ورعُهُ، ومَنْ قَلَّ وَرَعُهُ ماتَ قلبه، ومَنْ مات قلبه دخَلَ النار، يَا بَنِيَّ، الأدَبُ خَيْرُ ميراثٍ، وحُسْنُ الخُلُقِ خَيْرُ قَرِينٍ، يا بَنِيَّ، العافيةُ عَشَرَةُ أجزاءٍ: تسْعَةٌ منها في الصَّمْتِ إلاَّ عَنْ ذكر اللَّهِ، وواحدٌ في ترك مُجَالَسَةِ السُّفَهاء، يَا بَنِيَّ، زِينَةُ الفَقْر الصَّبْرُ، وزِينَةُ الغِنَى الشُّكْرُ، يا بَنِيَّ، لا شَرَفَ أعَزُّ من الإسلام، وَلاَ كَرَمَ أعَزُّ من التقوى، يا بَنِيَّ، الحِرْصُ مفتاحُ البَغْيِ، ومطيَّةُ النَّصَبِ، طوبى لمن أخْلَصَ للَّه عَمَلَهُ وعِلْمَهُ، وحُبَّهُ وَبُغْضَهُ، وأَخْذَهُ وتَرْكَهُ، وكَلاَمَهُ وَصَمْتَهُ، وقَوْلَهُ وفِعْلَهُ. انتهى.
والوكيلُ: القائمُ بالأمورِ، المُنَفِّذُ فيها ما رآه، وقوله: أَيُّهَا النَّاسُ: مخاطبةٌ للحاضرين مِنَ العَرَب، وتوقيفٌ للسامعين لتَحْضُرَ أذهانهم، وقوله: بِآخَرِينَ يريدُ مِنْ نوعكم، وتحتملُ الآيةُ أنْ تكُونَ وعيداً لجميعِ بَنِي آدم، ويكون الآخرونَ مِنْ غيرِ نَوْعِهِمْ كالملائكَةِ، وقولُ الطبريِّ «١» :«هذا الوعيدُ والتوبيخُ للشافِعِينَ والمُخَاصِمِينَ في قصَّة بَنِي أُبَيْرِقٍ» - بعيدٌ، واللفظ إنما يَظْهَرُ حُسْنُ رَصْفِهِ بعمومه وانسحابه على العَالَمِ جملةٌ، أو العالم الحاضر.
[سورة النساء (٤) : الآيات ١٣٤ الى ١٣٥]
مَنْ كانَ يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوابُ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَكانَ اللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً (١٣٤) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (١٣٥)

(١) ينظر الطبري (٤/ ٣١٨).

صفحة رقم 311

وقوله تعالى: مَنْ كانَ يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوابُ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ... الآية:
أيْ: من كان لا مُرَادَ له إلاَّ في ثوابِ الدنيا، ولا يعتقدُ أنَّ ثَمَّ سواه، فليس كما ظَنَّ، بل عند اللَّه سبحانه ثوابُ الدارَيْنِ، فَمَنْ قَصَدَ الآخرة، أعطاه اللَّه مِنْ ثواب الدنيا، وأعطاه قَصْدَهُ، ومَنْ قَصَدَ الدنيا فقَطْ، أعطاه من الدنيا ما قَدَّرَ له، وكان له في الآخرة العَذَابُ، واللَّه تعالى سميعٌ للأقوال، بصيرٌ بالأعمال والنيَّات، وفي الحديث الصّحيح، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: «إنّما الأعمال بالنّيّات، وإنّما لامرىء ما نوى... » «١» الحديث، قال

(١) أخرجه البخاري (١/ ٩) كتاب «بدء الوحي»، باب كيف كان بدء الوحي، حديث (١)، (٥/ ١٩٠) كتاب «العتق»، باب الخطأ والنسيان، حديث (٢٥٢٩)، (٧/ ٢٦٧) كتاب «مناقب الأنصار»، باب هجرة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه إلى المدينة، حديث (٣٨٩٨)، (٩/ ١٧) كتاب «النكاح»، باب من هاجر أو عمل خيرا لتزوج امرأة فله ما نوى، حديث (٥٠٧٠)، (١١/ ٥٨٠) كتاب «الأيمان والنذور»، باب النية في الأيمان، حديث (٦٦٨٩)، (١٢/ ٣٤٢- ٤٣٤) كتاب «الحيل»، باب من ترك الحيل، حديث (٦٩٥٣)، ومسلم (٣/ ١٥١٥) كتاب «الإمارة»، باب قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إنما الأعمال بالنيات»، حديث (١٥٥/ ١٩٠٧)، وأبو داود (٢/ ٦٥١)، كتاب «الطلاق»، باب فيما عنى به الطلاق والنيات، حديث (٢٢٠١)، والنسائي (١/ ٥٨- ٥٩) كتاب «الطهارة»، باب النية في الوضوء، والترمذي (٤/ ١٧٩) كتاب «فضائل الجهاد»، باب ما جاء فيمن يقاتل رياء، حديث (١٦٤٧)، وابن ماجة (٢/ ١٤١٣) كتاب «الزهد»، باب النية، حديث (٤٢٢٧)، وأحمد (١/ ٢٥، ٤٣)، والحميدي (١/ ١٦- ١٧) برقم (٢٨)، وأبو داود الطيالسي (٢/ ٢٧- منحة) رقم (١٩٩٧)، وابن خزيمة (١/ ٧٣- ٧٤) برقم (١٤٢)، وابن حبان (٣٨٨، ٣٨٩- الإحسان)، وابن الجارود في «المنتقى» رقم (٦٤)، وابن المبارك في «الزهد» (ص ٦٢، ٦٣)، وابن أبي عاصم في «الزهد» (ص ١٠١) برقم (٢٠٦)، وهناد بن السري في «الزهد» (٢/ ٤٤٠) برقم (٨٧١)، ووكيع في «الزهد» رقم (٣٥١)، وابن المنذر في «الأوسط» (١/ ٣٦٩)، وابن أبي حاتم في «مقدمة الجرح والتعديل» (ص ٢١٣)، والدارقطني (١/ ٥٠- ٥١) كتاب «الطهارة»، باب النية، حديث (١)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (٣/ ٩٦) كتاب «الطلاق»، باب طلاق المكره، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (٨/ ٤٢)، وفي «تاريخ أصبهان» (٢/ ١١٥، ٢٢٧)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (١/ ٤٠٣- تهذيب)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (١، ٢، ١١٧٢، ١١٧٣)، وابن حزم في «المحلى» (١/ ٧٣)، والبيهقي (١/ ٤١) كتاب «الطهارة»، باب النية في الطهارة، وفي «معرفة السنن والآثار» (١/ ١٥٢)، و «شعب الإيمان» (٥/ ٣٣٦) رقم (٦٨٣٧)، و «الاعتقاد» رقم (٢٥٤)، وفي «الزهد الكبير» (ص ١٣٢) رقم (٢٤١)، وفي «الآداب» رقم (١١٣٨)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (٤/ ٢٢٤، ٦/ ١٥٣، ٩/ ٣٤٥- ٣٤٦)، والقاضي عياض في «الإلماع» (ص ٥٤- ٥٥)، باب ما يلزم من إخلاص النية في طلب الحديث وانتقاد ما يؤخذ عنه، وابن جميع في «معجم شيوخه» (ص ١١٧) رقم (٦٦)، والبغوي في «شرح السنة» (١/ ٥٤- بتحقيقنا)، والرافعي في «تاريخ قزوين» (٤/ ٧٧)، والنووي في «الأذكار» (ص ٣٣)، والذهبي في «تذكرة الحفاظ» (٢/ ٧٧٤)، والحافظ ابن حجر في «تخريج أحاديث المختصر» (٢/ ٢٤٢، ٢٤٣). كلهم من طريق يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن علقمة بن وقاص، عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنما الأعمال بالنيات، وإن لكل-

صفحة رقم 312

النوويُّ: بلَغَنَا عنِ ابْنِ عبَّاسٍ أنه قَالَ: «إنَّمَا يُحْفَظُ الرَّجُلُ على قَدْرِ نِيَّتِهِ»، وقال غيره:
إنما يُعْطَى الناسُ على قَدْر نيَّاتهم. انتهى.

- امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه».
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. اهـ.
وقال أبو نعيم: هذا الحديث من صحاح الأحاديث وعيونها. اهـ.
وقال ابن عساكر: هذا حديث صحيح من حديث أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب، وثابت من حديث علقمة بن وقاص الليثي لم يروه عنه غير أبي عبد الله محمد بن إبراهيم التيمي، واشتهر عنه برواية أبي سعد يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري المدني القاضي، وهو ممن انفرد به كل واحد من هؤلاء عن صاحبه، ورواه عن يحيى العدد الكثير والجم الغفير. اهـ.
قال الحافظ في «التلخيص» (١/ ٥٥) : وقال الحافظ أبو سعيد محمد بن علي الخشاب: رواه عن يحيى بن سعيد نحو من مائتين وخمسين إنسانا، وقال الحافظ أبو موسى: سمعت عبد الجليل بن أحمد في المذاكرة يقول: قال أبو إسماعيل الهروي عبد الله بن محمد الأنصاري: كتبت هذا الحديث عن سبعمائة نفر من أصحاب يحيى بن سعيد قلت- أي الحافظ-: تتبّعته من الكتب والأجزاء حتى مررت على أكثر من ثلاثة آلاف جزء، فما استطعت أن أكمل له سبعين طريقا، وقال البزار، والخطابي، وأبو علي بن السكن، ومحمد بن عتاب، وابن الجوزي، وغيرهم: إنه لا يصح عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم إلا عن عمر بن الخطاب... اهـ.
قلنا: وقد روى هذا الحديث غير يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم، أخرجه ابن عدي في «الكامل» (٣/ ١٣٦) من طريق الربيع بن زياد أبو عمرو الضبي، عن محمد بن عمرو، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن علقمة بن وقاص، عن عمر بن الخطاب، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه».
قال ابن عدي: وهذا الأصل فيه يحيى بن سعيد الأنصاري، عن محمد بن إبراهيم، وقد رواه عن يحيى أئمة الناس، وأما عن محمد بن عمرو، عن محمد بن إبراهيم لم يروه عنه غير الربيع بن زياد، وقد روى الربيع بن زياد عن غير محمد بن عمرو من أهل المدينة بأحاديث لا يتابع عليها اهـ.
وفي الباب عن جماعة من الصحابة وهم: أبو سعيد الخدري، وأنس بن مالك، وعلي بن أبي طالب، وأبو هريرة، وهزال بن يزيد الأسلمي.
١- حديث أبي سعيد الخدري:
أخرجه الخليلي في «الإرشاد» (١/ ٢٣٣)، والدارقطني في «غرائب مالك»، والحاكم في «تاريخ نيسابور»، كما في «تخريج أحاديث المختصر» لابن حجر (٢/ ٢٤٧- ٢٤٨)، وأبو نعيم في «الحلية» (٦/ ٣٤٢)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (١٧٧٣)، كلهم من طريق عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، ثنا مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنما الأعمال بالنيات، ولكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه» قال الخليلي: وعبد المجيد قد أخطأ في هذا الحديث الذي يرويه عن مالك في الحديث الذي يرويه مالك، والخلق عن يحيى بن سعيد الأنصاري وهو غير محفوظ-

صفحة رقم 313

ثم خاطَبَ سبحانه المؤمِنِينَ بقوله: كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ، وهو العدل، ومعنى شُهَداءَ لِلَّهِ، أيْ: لذاتِهِ، ولوجْهِهِ، ولمرضَاتِهِ سبحانه، وقولُهُ: وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ:

- من حديث زيد بن أسلم بوجه. اهـ.
وقال الدارقطني: تفرد به عبد المجيد عن مالك اهـ.
وقال أبو نعيم: غريب من حديث مالك عن زيد تفرد به عبد المجيد، ومشهوره وصحيحه ما في الموطأ مالك، عن يحيى بن سعيد اهـ.
وقد حكم ببطلان هذا الطريق أبو حاتم الرازي فقال ولده في «العلل» (١/ ١٣١) رقم (٣٦٢)...
سئل أبي عن حديث رواه نوح بن حبيب، عن عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، عن مالك بن أنس، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «إنما الأعمال بالنيات... » قال أبي: هذا حديث باطل لا أصل له، إنما هو مالك، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن علقمة بن وقاص، عن عمر عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم اهـ.
وقد أخرجه الحافظ ابن حجر في «تخرج المختصر» (٢/ ٢٤٧) من طريق عبد المجيد بن عبد العزيز، عن مالك عن زيد... به.
وقال: هذا حديث غريب من هذا الوجه.
وقال أيضا: وعبد المجيد وثقه أحمد، وابن معين، والنسائي، وتكلم فيه أبو حاتم، والدارقطني، وقيل: إن هذا مما أخطأ فيه على مالك، والمحفوظ عن مالك عن يحيى بن سعيد بالسند المعروف المتقدم اهـ.
قلت: وقد حاول بعضهم إلصاق الخطأ بنوح بن حبيب الراوي، عن عبد المجيد كالبزار مثلا.
فقال الزيلعي في «نصب الراية» (١/ ٣٠٢). وقال- يعني البزار-: في مسند الخدري حديث روي عن مالك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «الأعمال بالنية» أخطأ فيه نوح بن حبيب ولم يتابع عليه وليس له أصل عن أبي سعيد اهـ.
قلت: وفي كلام البزار نظر، أما إن الحديث ليس له أصل عن أبي سعيد فهذا صواب، أما إلصاق الخطأ بنوح بن حبيب ودعواه أنه تفرد به ولم يتابع عليه فهنا الخطأ.
فقد توبع نوح بن حبيب على هذا الحديث، تابعه اثنان وهما: إبراهيم بن محمد بن مروان بن هشام عند الدارقطني في «غرائب مالك»، وعلي بن الحسن الذهلي عند الحاكم في «تاريخ نيسابور».
ينظر: «تخريج المختصر» لابن حجر (٢/ ٢٤٧- ٢٤٨).
ومنه نعلم أن نوحا لم يتفرد به، بل تابعه اثنان، وأن الذي تفرد به هو عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، وهو الذي أخطأ في الحديث.
٢- حديث أنس بن مالك:
أخرجه ابن عساكر في أماليه كما في «تخريج المختصر» لابن حجر (٢/ ٢٤٦).
وقال الحافظ: وفي سنده ضعف.
وقال الحافظ العراقي في «طرح التثريب» (٢/ ٤) : رواه ابن عساكر من رواية يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم، عن أنس بن مالك، وقال: هذا حديث غريب جدا، والمحفوظ حديث عمر.
٣- حديث أبي هريرة: -

صفحة رقم 314

متعلِّق ب شُهَداءَ، هذا هو الظاهرُ الذي فَسَّر عليه الناس، وأنَّ هذه الشهادة المذكورةَ هي في الحُقُوق، ويحتملُ أنْ يكُونَ المعنى: شهداء للَّه بالوحْدَانيَّة، ويتعلَّق قوله: وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ، ب قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ/، والتأويل الأولُ أبْيَنُ، وشهادةُ المَرْءِ على نفسه هو إقراره بالحقائِقِ.
قال ص: وقوله تعالى: إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً: ضميرُ «يَكُنْ» عائدٌ إلى المشهودِ علَيْه، والضميرُ في «بِهِمَا» عائد على جِنْسَيِ الغَنِيِّ والفقيرِ. انتهى.
قال ع «١» : وقوله: أَوْلى بِهِما: أيْ: هو أنظر لهما، وروى الطبريُّ «٢» أنَّ هذه الآيةَ هي بِسَبَبِ نازلةِ بَنِي أُبَيْرِقٍ، وقيامِ مَنْ قَامَ فيها بغَيْر القسْطِ.
وقوله تعالى: فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى: نهْيٌ بيِّنٌ، واتباعُ الهوى مُرْدٍ مهلكٌ.
وقوله تعالى: أَنْ تَعْدِلُوا يحتملُ أنْ يكون معناه: مَخَافَةَ أنْ تَعْدِلُوا، ويكون العَدْلُ هنا بمعنَى العُدُولِ عن الحقِّ، ويحتملُ أنْ يكون معناه: مَحَبَّة أنْ تعدلوا، ويكون العدل

- قال العراقي في «طرح التثريب» (٢/ ٤) : رواه الرشيد العطار في بعض تخاريجه وهو وهم أيضا.
وقال ابن حجر في «تخريج أحاديث المختصر» (٢/ ٢٤٦) : أخرجه الرشيد العطار في فوائده بسند ضعيف.
٤- حديث علي بن أبي طالب:
قال الحافظ العراقي في «طرح التثريب» (٢/ ٤) : رواه محمد بن ياسر الجياني في نسخة من طريق أهل البيت إسنادها ضعيف.
وقال الحافظ ابن حجر في «تخريج أحاديث المختصر» (٢/ ٢٤٦) : أخرجه أبو علي بن الأشعث وهو واه جدا.
٥- حديث هزال بن يزيد الأسلمي:
أخرجه الحاكم في «تاريخ نيسابور»، كما في «تخريج أحاديث المختصر» (٢/ ٢٤٨) في ترجمة أبي بكر محمد بن أحمد بن بالويه، من طريق محمد بن يونس، عن روح بن عبادة، عن شعبة، عن محمد بن المنكدر، عن ابن هزال عن أبيه، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم... فذكره. قال الحاكم: ذكرته لأبي علي الحافظ فأنكره جدا، وقال لي: قل لأبي بكر لا يحدث به بعد هذا. اهـ.
قال الحافظ: محمد بن يونس شيخه هو الكديمي وهو معروف بالضعف، والمحفوظ بالسند المذكور قصة ماعز فلعله دخل عليه حديث في حديث، وهزال هو ابن يزيد الأسلمي وهو صحابي معروف، واسم ابنه نعيم وهو مختلف في صحبته اهـ.
قلت: مما سبق تبين أن حديث «إنما الأعمال بالنيات» لم يصح إلا من حديث عمر.
(١) ينظر: «المحرر الوجيز» (٢/ ١٢٣).
(٢) ينظر: الطبري (٤/ ٣٢٠).

صفحة رقم 315
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي
تحقيق
عادل أحمد عبد الموجود
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1418
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية