
الوجدان والشعور النفسي، فهذا مما لا تملكونه، ولهذا خفف الله عنكم ورفع الحرج فيه.
ولكن لا تميلوا كل الميل بحيث تترك المرأة الثانية كالمعلقة لا هي مطلقة ولا هي متزوجة بل عليكم إرضاؤها وحسن عشرتها ومحاربة الميول الجارفة لضرتها حتى لا تتألم.
وإن لم ينفع العلاج واستفحل الداء حتى صار البيت كالمرجل المغلق المليء بالبخار المعرض للانفجار في أى وقت وانفجاره قد يودى بشرف الأسرة كلها وهتك حجابها فإن الكريم العليم الخبير بطبائع النفوس قد فتح بابا للتخلص من هذا حتى تهدأ النفوس وتسكن، ألا وهو باب الطلاق، وإن يتفرقا يغن الله كلا منهما من سعته وقدرته، وربما بعد الانفصال يعودان على أحسن حال وقلوب العباد بين أصابع الرحمن يقلبها كيفما شاء.
وكان الله واسع الفضل والتدبير حكيما فيما شرعه لعباده.
كمال القدرة [سورة النساء (٤) : الآيات ١٣١ الى ١٣٤]
وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيداً (١٣١) وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلاً (١٣٢) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكانَ اللَّهُ عَلى ذلِكَ قَدِيراً (١٣٣) مَنْ كانَ يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوابُ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَكانَ اللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً (١٣٤)

المعنى:
واعلموا أن لله ما في السموات وما في الأرض ملكا وخلقا وإيجادا وتصريفا له الحكم وإليه ترجعون. ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب كالتوراة والإنجيل والزبور من قبلكم وهم اليهود والنصارى، ووصيناكم أنتم يا أمة محمد كذلك بأن اتقوا الله جميعا، وفي هذا إشارة إلى أن الأديان جميعها متفقة على مبدأ التوحيد وتقوى الله ومختلفة في الفروع تبعا للزمان والمكان، وإن تكفروا بالله فاعلموا أن له ما في السموات وما في الأرض وكان الله غنيا عن عبادتكم ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ «١» ولله ما في السموات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا. ثم هدد تهديدا عاما صريحا إن يشأ الله يذهبكم أيها الناس ويستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم، وكان الله على ذلك قديرا.
أيها الناس: من كان يريد بعمله ثواب الدنيا فقد أخطأ فعند الله ثواب الدنيا والآخرة فليرجوا ثوابهما معا رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ «٢» فبدل أن يبغى بالجهاد الدنيا فقط كالغنيمة فليرج بعمله ثواب الدنيا والآخرة وكان الله سميعا لكل قول، بصيرا بكل قصد وعمل.
وفي هذه الآية إشارة صريحة إلى أن الدين الإسلامى كفل لأتباعه وكل من سار على هديه سعادة الدنيا والآخرة، وقد تحقق هذا في صدر الإسلام بما لم يتفق لأمة في المعمورة إلى الآن، ولو استقام المسلمون على سنة كتابهم وهدى دستورهم ورجعوا إلى الدين لاستردوا مكانتهم التي بهرت العالم قرونا طويلة.
(٢) سورة البقرة آية ٢٠١.