وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الثَّانِيَةُ تَتَعَلَّقُ بِالْكِتَابِ؛ أَيْ: مَا كُتِبَ فِي حُكْمِ الْيَتَامَى، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْأُولَى ظَرْفًا وَالثَّانِيَةُ حَالًا، فَتَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ، وَ (يَتَامَى النِّسَاءِ) : أَيْ: فِي الْيَتَامَى مِنْهُنَّ. وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ: التَّقْدِيرُ: فِي النِّسَاءِ الْيَتَامَى، فَأَضَافَ الصِّفَةَ إِلَى الْمَوْصُوفِ، وَيُقْرَأُ فِي يَيَامَى بِيَاءَيْنِ، وَالْأَصْلُ أَيَامَى، فَأُبْدِلَتِ الْهَمْزَةُ يَاءً كَمَا قَالُوا: فُلَانٌ ابْنُ أَعْصُرَ وَيَعْصُرَ. وُفِي الْأَيَامَى كَلَامٌ نَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
(وَتَرْغَبُونَ) : فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى تُؤْتُونَ، وَالتَّقْدِيرُ: وَلَا تَرْغَبُونَ. وَالثَّانِي: هُوَ حَالٌ؛ أَيْ: وَأَنْتُمْ تَرْغَبُونَ فِي أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ (وَالْمُسْتَضْعَفِينَ) : فِي مَوْضِعِ جَرٍّ عَطْفًا عَلَى الْمَجْرُورِ فِي «يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ»، وَكَذَلِكَ «وَأَنْ تَقُومُوا» وَهَذَا أَيْضًا عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ مِنْ غَيْرِ إِعَادَةِ الْجَارِّ، وَقَدْ ذَكَرَهُ الْكُوفِيُّونَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَطْفًا عَلَى مَوْضِعِ فِيهِنَّ، وَالتَّقْدِيرُ: وَيُبَيِّنُ لَكُمْ حَالَ الْمُسْتَضْعَفِينَ، وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ: يَدْخُلُ فِي مَذْهَبِ الْبَصْرِيِّينَ مِنْ غَيْرِ كُلْفَةٍ، وَالْجَيِّدُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى يَتَامَى النِّسَاءِ، وَأَنْ تَقُومُوا مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ أَيْضًا؛ أَيْ: وَفِي أَنْ تَقُومُوا.
قَالَ تَعَالَى: (وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) (١٢٨).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِنِ امْرَأَةٌ) : امْرَأَةٌ مَرْفُوعٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ؛ أَيْ: وَإِنْ خَافَتِ امْرَأَةٌ، وَاسْتُغْنِيَ عَنْهُ بِـ «خَافَتْ» الْمَذْكُورِ.
وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ: هُوَ مُبْتَدَأٌ، وَمَا بَعْدَهُ الْخَبَرُ، وَهَذَا عِنْدَنَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّ حَرْفَ الشَّرْطِ لَا مَعْنَى لَهُ فِي الِاسْمِ، فَهُوَ مُنَاقِضٌ لِلْفِعْلِ، وَلِذَلِكَ جَاءَ الْفِعْلُ بَعْدَ الِاسْمِ مَجْزُومًا فِي قَوْلِ عَدِيٍّ:
وَمَتَى وَاغِلٌ يَنُبْهُمْ يُحَيُّو هُ وَتُعْطَفْ عَلَيْهِ كَأْسُ السَّاقِي
(مِنْ بَعْلِهَا) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِخَافَتْ، وَأَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ «نُشُوزًا».
وَ (صُلْحًا) : عَلَى هَذَا مَصْدَرٌ وَاقِعٌ مَوْقِعَ تُصَالِحُ،
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: أَنْ يَصَّالَحَا فَيُصْلِحَا صُلْحًا.
وَيُقْرَأُ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ مِنْ غَيْرِ أَلِفٍ، وَأَصْلُهُ يَصْطَلِحَا، فَأُبْدِلَتِ التَّاءُ صَادًا، وَأُدْغِمَتْ فِيهَا الْأُولَى،
وَقُرِئَ (يَصْطَلِحَا) بإبدال التَّاء طاء وَ (صُلْحًا) عَلَيْهِمَا فِي مَوْضِعِ اصْطِلَاحٍ. وَقُرِئَ بِضَمِّ الْيَاءِ، وَإِسْكَانِ الصَّادِ، وَمَاضِيهِ أَصْلَحَ.
وَ (صُلْحًا) عَلَى هَذَا فِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: هُوَ مَصْدَرٌ فِي مَوْضِعِ إِصْلَاحٍ، وَالْمَفْعُولُ بِهِ بَيْنَهُمَا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا، وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ صُلْحًا مَفْعُولًا بِهِ، وَبَيْنَهُمَا ظَرْفٌ أَوْ حَالٌ مِنْ صَلُحَ. (