آيات من القرآن الكريم

وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا
ﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣ ﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎ

وَ (مَرِيئًا) : مِثْلُهُ؛ وَالْمَرِيءُ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مُفْعِلٍ؛ لِأَنَّكَ تَقُولُ أَمْرَأَنِي الشَّيْءَ إِذَا لَمْ تَسْتَعْمِلْهُ مَعَ هَنَائِي، فَإِنْ قُلْتَ: هَنَّانِي وَمَرَّانِي لَمْ تَأْتِ بِالْهَمْزَةِ فِي مَرَّانِي لِتَكُونَ تَابِعَةً لِهَنَّانِي.
قَالَ تَعَالَى: (وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا) (٥).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَمْوَالَكُمُ الَّتِي) : الْجُمْهُورُ عَلَى إِفْرَادِ الَّتِي؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَ مِنَ الْأَمْوَالِ
مُذَكَّرٌ؛ فَلَوْ قَالَ اللَّوَاتِي لَكَانَ جَمْعًا، كَمَا أَنَّ الْأَمْوَالَ جَمْعٌ، وَالصِّفَةُ إِذَا جُمِعَتْ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْمَوْصُوفَ جَمْعٌ كَانَ وَاحِدُهَا كَوَاحِدِ الْمَوْصُوفِ فِي التَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ. وَقُرِئَ فِي الشَّاذِّ اللَّوَاتِي جَمْعًا اعْتِبَارًا بِلَفْظِ الْأَمْوَالِ. (جَعَلَ اللَّهُ) : أَيْ: صَيَّرَهَا، فَهُوَ مُتَعَدٍّ إِلَى مَفْعُولَيْنِ، وَالْأَوَّلُ مَحْذُوفٌ، وَهُوَ الْعَائِدُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى خَلَقَ، فَيَكُونُ قِيَامًا حَالًا. (قِيَامًا) : يُقْرَأُ بِالْيَاءِ وَالْأَلِفِ، وَهُوَ مَصْدَرُ قَامَ، وَالْيَاءُ بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ، وَأُبْدِلَتْ مِنْهَا لَمَّا أُعِلَّتْ فِي الْفِعْلِ، وَكَانَتْ قَبْلَهَا كَسْرَةٌ، وَالتَّقْدِيرُ: الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ سَبَبَ قِيَامِ أَبْدَانِكُمْ؛ أَيْ: بَقَائِهَا.
وَيُقْرَأُ قِيَمًا - بِغَيْرِ أَلِفٍ، وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ مَصْدَرٌ مِثْلُ الْحَوْلِ وَالْعِوَضِ، وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ تُثْبَتَ الْوَاوُ لِتَحَصُّنِهَا بِتَوَسُّطِهَا، كَمَا صَحَّتْ فِي الْحَوْلِ وَالْعِوَضِ، وَلَكِنْ أَبْدَلُوهَا يَاءً حَمْلًا عَلَى «قِيَامٍ» عَلَى اعْتِلَالِهَا فِي الْفِعْلِ. وَالثَّانِي: أَنَّهَا جَمْعُ قِيمَةٍ كَدِيمَةٍ وَدِيَمٍ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَمْوَالَ كَالْقِيَمِ لِلنُّفُوسِ إِذْ كَانَ بَقَاؤُهَا بِهَا،

صفحة رقم 330

وَقَالَ أَبُو عَلَيٍّ: هَذَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ قَدْ قُرِئَ فِي قَوْلِهِ: (دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ) [الْأَنْعَامِ: ١٦١]، وَفِي قَوْلِهِ: (الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا) [الْمَائِدَةِ: ٩٧]، وَلَا يَصِحُّ مَعْنَى الْقِيمَةِ فِيهِمَا. وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْأَصْلُ قِيَامًا فَحُذِفَتِ الْأَلِفُ كَمَا حُذِفَتْ فِي خِيَمٍ، وَيُقْرَأُ: قِوَامًا بِكَسْرِ الْقَافِ، وَبِوَاوٍ وَأَلِفٍ، وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: هُوَ مَصْدَرُ قَاوَمْتُ قِوَامًا مِثْلُ لَاوَذْتُ لِوَاذًا، فَصَحَّتْ فِي الْمَصْدَرِ لَمَّا صَحَّتْ فِي الْفِعْلِ. وَالثَّانِي: أَنَّهَا اسْمٌ لِمَا يَقُومُ بِهِ الْأَمْرُ وَلَيْسَ بِمَصْدَرٍ. وَيُقْرَأُ كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَهُوَ مَصْدَرٌ صَحَّتْ عَيْنُهُ، وَجَاءَتْ عَلَى الْأَصْلِ كَالْعِوَضِ. وَيُقْرَأُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَوَاوٍ وَأَلِفٍ وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: هُوَ اسْمٌ لِلْمَصْدَرِ مِثْلُ السَّلَامِ وَالْكَلَامِ وَالدَّوَامِ. وَالثَّانِي: هُوَ لُغَةٌ فِي الْقِوَامِ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الْقَامَةِ؛ يُقَالُ جَارِيَةٌ حَسَنَةُ الْقَوَامِ وَالْقِوَامِ وَالتَّقْدِيرُ: الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ سَبَبَ بَقَاءِ قَامَاتِكُمْ.
(وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا) : فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ «فِي» عَلَى أَصْلِهَا، وَالْمَعْنَى: اجْعَلُوا لَهُمْ فِيهَا رِزْقًا. وَالثَّانِي: أَنَّهَا بِمَعْنَى مِنْ.
قَالَ تَعَالَى: (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا) (٦).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (حَتَّى إِذَا بَلَغُوا) : حَتَّى هَاهُنَا غَيْرُ عَامِلَةٍ، وَإِنَّمَا دَخَلَتْ عَلَى الْكَلَامِ لِمَعْنَى الْغَايَةِ، كَمَا تَدْخُلُ عَلَى الْمُبْتَدَأِ؛ وَجَوَابُ إِذَا «فَإِنْ آنَسْتُمْ» وَجَوَابُ إِنْ «فَادْفَعُوا»

صفحة رقم 331
التبيان في إعراب القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو البقاء محبّ الدين عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبريّ البغدادي
عدد الأجزاء
1