آيات من القرآن الكريم

أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ۗ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ
ﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾ

يقول تعالى : أمن هذه صفته، كمن أشرك بالله وجعل أنداداً؟ لا يستوون عند الله، كما قال تعالى :﴿ لَيْسُواْ سَوَآءً ﴾ [ آل عمران : ١١٣ ]، وقال تعالى ههنا :﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَآءَ اليل سَاجِداً وَقَآئِماً ﴾ أي في حال سجوده، وفي حال قيامه، ولهذا استدل بهذه الآية، من ذهب إلى أن القنوت هو الخشوع في الصلاة، ليس هو القيام وحده، قال ابن مسعود :« القانت المطيع لله عزّ وجلّ، ولرسوله ﷺ »، وقال ابن عباس :﴿ آنَآءَ اليل ﴾ جوف الليل، وقال الثوري : بلغنا أن ذلك بين المغرب والعشاء، وقال الحسن وقتادة ﴿ آنَآءَ اليل ﴾ أوله وأوسطه وآخره، وقوله تعالى :﴿ يَحْذَرُ الآخرة وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبِّهِ ﴾ أي في حال عبادته خائف راجٍ، ولا بد في العبادة من هذا وهذا، وأن يكون الخوف في مدة الحياة هو الغالب، ولهذا قال تعالى :﴿ يَحْذَرُ الآخرة وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبِّهِ ﴾ فإذا كان عند الاحتضار، فليكن الرجاء هو الغالب عليه، كما قال أنَس رضي الله عنه :« دخل رسول الله ﷺ على رجل وهو في الموت فقال له :» كيف تجدك «؟ فقال : أرجو وأخاف، فقال رسول الله ﷺ :» لا يجتمعان في قلب عبدٍ في مثل هذا الموطن، إلاّ أعطاه الله عزّ وجلّ الذي يرجو، وأمّنه الذي يخافه « وعن يحيى البكاء أنه سمع ابن عمر رضي الله عنهما يقرأ :﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَآءَ اليل سَاجِداً وَقَآئِماً يَحْذَرُ الآخرة وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبِّهِ ﴾ قال ابن عمر : ذاك ( عثمان بن عفان ) رضي الله عنه » وإنما ق لابن عمر رضي الله عنهما ذلك، لكثرة صلاة عثمان رضي الله عنه بالليل وقراءته، حتى إنه ربما قرأ القرآن في ركعة، قال الشاعر :
يقطّع الليل تسبيحاً وقرآناً... وقوله تعالى :﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الذين يَعْلَمُونَ والذين لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ أي هل يستوي هذا، والذي قبله ممن جعل لله أنداداً ليضل عن سبيله؟ ﴿ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الألباب ﴾ أي إنما يعلم الفرق بين هذا وهذا، من له لب، وهو العقل، والله أعلم.

صفحة رقم 2191
تيسير العلي القدير لاختصار تفسير ابن كثير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد نسيب بن عبد الرزاق بن محيي الدين الرفاعي الحلبي
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية