آيات من القرآن الكريم

قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۖ فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ
ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦ ﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱ ﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨ ﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣ

نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (٧٤) وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٧٥)
شرح الكلمات:
وسيق الذين كفروا: أي وساق الملائكة بعنف الذين كفروا.
إلى جهنم زمراً: أي جماعات، جماعة المشركين وجماعة المجرمين وجماعة الظالمين.
وقال لهم خزنتها: أي الموكلون بالنار من الملائكة الواحد خازن.
ألم يأتكم رسل: هذا الاستفهام للتقرير والتوبيخ.
حقت كلمة العذاب: أي وجب العذاب للكافرين.
وسيق الذين اتقوا: أي وساقت الملائكة بلطف على النجائب الذين اتقوا ربهم أي أطاعوه ولم يشركوا به.
وفتحت أبوابها: أي والحال أن أبواب الجنة قد فتحت لاستقبالهم.
والحمد لله الذي صدقنا وعده: أي أنجز لنا وعده بالجنة.
وأورثنا الأرض: أي أرض الجنة وصورة الإرث نظراً إلى قوله تعالى في وعده لهم تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقياً. (١)
نتبوأ من الجنة حيث نشاء: أي ننزل من حيث نشاء.
فنعم أجر العاملين: أي الجنة.
حافين من حول العرش: أي محدقين بالعرش من كل جانب.
يسبحون بحمد ربهم: أي يقولون سبحان الله وبحمده.
وقضي بينهم بالحق: أي وقضى الله بمعنى حكم بين جميع الخلائق بالعدل.
وقيل الحمد لله رب العالمين: أي وقالت الملائكة والمؤمنون الحمد لله رب العالمين على استقرار أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار.

١- وجه الورث أن الله تعالى خلق لكل إنسان منزلا في النار وآخر في الجنة ثم هم يتوارثون فأهل الجنة يرثون منازل أهل النار في الجنة وأهل النار يرثون منازل أهل الجنة في النار.

صفحة رقم 509

معنى الآيات:
بعد الفراغ من الحكم على أهل الموقف وذلك بأن حكم الله تعالى فيهم بحسب عملهم فوفّى كل عامل بعمله من كفر ومعاص، أو إيمان وطاعة قال تعالى مخبراً عن مصير الفريقين ﴿وَسِيقَ (١) الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أي ساقهم الملائكة بشدة وعنف لأنهم لا يريدون الذهاب ﴿إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً﴾ أي جماعات ولفظ الزمرة مشتق من الزمر الذي هو الصوت إذ الغالب في الجماعة أن يكون لها صوت. وقوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا﴾ إذ كانت مغلفة كأبواب السجون لا تفتح إلا عند المجيء بالسجناء، ﴿وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا (٢) ﴾ قبل الوصول إليها موبخين لهم ﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ (٣) رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ﴾ أي المبينة لكم الهدى من الضلال والحق من الباطل، وما يحب ربكم من العقائد والأقوال والأعمال والصفات والذوات وما يكره من ذلك، ويدعوكم إلى فعل المحاب لتنجوا وترك المكاره لتنجوا وتسعدوا. فأجابوا قائلين بلى أي جاءتنا بالذي قلتم ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين ونحن منهم فوجب لنا العذاب، وعندئذ تقول لهم الملائكة ادخلوا (٤) أبواب جهنم خالدين فيها، فبئس مثوى المتكبرين أي قبح مأوى المتكبرين في جهنم من مأوى.
وقوله تعالى: ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ (٥) اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ﴾ وسوقهم هو سوق النجائب التي يركبونها فهو سوق لطف وتكريم إلى الجنة دار السلام زمراً زمرة الجهاد وزمرة الصدقات وزمرة العلماء وزمرة الصلوات.... ﴿حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا﴾ وقد فتحت (٦) أبوابها من قبل لاستقبالهم مُعَزَزين مكرمين، فقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم أي طابت أرواحكم بأعمالكم الطيبة فطاب مقامكم في دار السلام فنعم التحية حيوا بها مقابل تأنيب وتوبيخ الزبانية لأهل النار. وقوله لهم فادخلوها أي الجنة حال كون خلودكم مقدراً لكم فيها. فقالوا بعد دخولهم الجنة ونزولهم في

١- هذا بيان توفية كل نفس عملها فيساق الذين كفروا إلى النار والذين آمنوا إلى الجنان والزمر جمع زمرة كظلمة وظلم وغرفة وغرف، وهي جماعة بعد جماعة قال الشاعر:
وترى الناس إلى منزله
زمراًً تنتابه بعد زمرة
٢- الخزنة جمع خازن كسدنة وسادن.
٣- الاستفهام للتقرير مع التوبيخ والتقريع.
٤- قال وهب: تستقبلهم الزبانية بمقامع من حديد فيدفعونهم بمقامعهم فإنه ليقع في الدفعة الأولى بعدد ربيعة ومضر. قال تعالى ﴿ولهم مقامع من حديد﴾.
٥- سوق أهل النار طردهم إلى النار بالخزي والهوان كما يفعل بالأسارى والخارجين على السلطان وسوق أهل الجنة سوق مراكبهم إلى دار السلام إنهم لا يذهب بهم إلا راكبين وشتان ما بين السوقين.
٦- قرأ نافع والجمهور فتحت بتشديد التاء في الأولى والثانية وقرأ حفص بالتخفيف، والواو في قوله وفتحت واو الحال والجملة حالية في محل نصب.

صفحة رقم 510

قصورها الحمد لله الذي صدقنا وعده يعنون قوله تعالى: ﴿تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيّاً﴾، وقوله: ﴿وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ﴾ أي أرض الجنة نتبوأ منها حيث نشاء أي ننزل منها حيث نريد النزول، وفي قولهم أورثنا الأرض إشارة إلى أنهم ورثوها من أبويهم آدم وحواء إذ كانت لهم قبل نزولهما منها. وقولهم فنعم أجر العاملين أي الجنة والمراد من العمل الإيمان والتقوى في الدنيا، بأداء الفرائض واجتناب النواهي وقوله تعالى: ﴿وَتَرَى الْمَلائِكَةَ﴾ أيها الرائي ﴿حَافِّينَ مِنْ (١) حَوْلِ الْعَرْشِ﴾ أي محدقين بعرش الرحمن أي سريره ﴿يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ﴾ أي قائلين: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم. قال تعالى مخبرا عن نهاية الموقف: ﴿وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ﴾ أي وقضى الله بين الخلائق بالعدل، ولما استقر أهل النار وأهل الجنة حُمد الله على الاستقرار التام والحكم العادل الرحيم وقيل الحمد لله رب (٢) العالمين أي حمدت الملائكة ربها وحمده معهم المؤمنون وهم في دار النعيم المقيم.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- بيان إهانة أهل النار بسوقهم على أرجلهم بعنف وتأنيبهم وتوبيخهم.
٢- التنديد بالاستكبار عن عبادة الله تعالى، وعباده المؤمنين به، المتقين له.
٣- بيان إكرام الله تعالى لأوليائه إذ يحملون على نجائب رحالها من ذهب إلى الجنة، ويلقون فيها تحية وسلاماً. تحية احترام وإكرام، وسلام أمان من كل مكروه.
٤- بيان نهاية الموقف باستقرار أهل النار من الكفار والفجار في النار، واستقرار أهل الجنة من المؤمنين الأتقياء الأبرار في الجنة دار الأبرار.
٥- ختم كل عمل بالحمد لله فقد ابتدأ الله الخالق بالحمد فقال الحمد لله الذي خلق السموات والأرض، وختم بالحمد، وقيل الحمد لله رب العالمين.

١- من زائدة لتقوية الكلام نحو ما جاءني من أحد.
٢- قال قتادة في هذه الآية افتتح الله أول الخلق بالحمد فقال: (الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور) وختم بالحمد فقال "وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين" فحسن الاقتداء به فيبدأ العبد قوله بالحمد ويختمه بالحمد.

صفحة رقم 511

سورة غافر (١)
مكية
وآياتها خمس وثمانون آية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

حم (١) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٢) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٢) غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ (٣) مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ (٤) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ (٥) وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (٦)
١- وتسمى أيضا سورة المؤمن وسورة الطول وهي أول ال حم التي يقال لها ديباج القرآن وعرائس القرآن ويقال ذوات حم وذكر القرطبي أن رجلا من أهل الشام كان ذا بأس شديد فقيل لعمر وقد سأل عنه أنه تتابع في هذا الشراب فقال عمر لكاتبه اكتب من عمر إلى فلان سلام عليك وأنا أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم. غافر الذنب قابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير ثم ختم الكتاب وقال لرسوله لا تدفعه إليه حتى تجده صاحياً ثم أمر من عنده بالدعاء له بالتوبة له بالتوبة فلما أتته الصحيفة جعل يقرؤها ويقول قد وعدني الله يغفر لي وحذّرني عقابه، فلم يبرح يرددها حتى بكى ثم نزع فأحسن النزع وحسنت توبته فلما بلغ ذلك عمر أمره قال هكذا فاصنعوا إذا رأيتم أحدكم زل زلة فسددوه وادعوا الله له أن يتوب عليه ولا تكونوا عونا للشيطان عليه.

صفحة رقم 512
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية