آيات من القرآن الكريم

خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ۖ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ ۖ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ۗ أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ
ﭴﭵﭶﭷﭸﭹ ﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨ ﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜ ﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸ

سورة الزمر
وهي سبعون وخمس آيات وهي مكية
[سورة الزمر (٣٩) : الآيات ١ الى ٥]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١) إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ (٢) أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ (٣) لَوْ أَرادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشاءُ سُبْحانَهُ هُوَ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (٤)
خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (٥)
قول الله تبارك وتعالى: تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ يعني: القرآن صار رفعاً بالابتداء، وخبره من الله تعالى. أي: نزل الكتاب مِنْ عِندِ الله الْعَزِيزِ بالنقمة الْحَكِيمِ في أمره.
ومعناه: نزل جبريل بهذا القرآن من عند الله الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ وقال بعضهم: صار رفعاً لمضمر فيه. ومعناه: هذا الكتاب تنزيل.
قوله تعالى: إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ يعني: أنزلنا إليك جبريل بالكتاب بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ يعني: استقم على التوحيد، وعلى عبادة الله تعالى مخلصاً، وإنما خاطبه، والمراد به قومه. يعني: وحدوا الله تعالى، ولا تقولوا مع الله شريكاً.
ثم قال: أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ يعني: له الولاية، والوحدانية. ويقال: له الدين الخالص، والخالص هو دين الإسلام. فلا يقبل غيره من الأديان، لأن غيره من الأديان ليس هو بخالص سوى دين الإسلام.

صفحة رقم 176

قوله عز وجل: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ يعني: عبدوا من دونه أرباباً، وأوثاناً، مَا نَعْبُدُهُمْ على وجه الإضمار. قالوا: مَا نَعْبُدُهُمْ يعني: يقولون ما نعبدهم. وروي عن عبد الله بن مسعود، وأُبي بن كعب، أنهما كانا يقرآن وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ قالوا:
ما يعبدهم بالياء، وقراءة العامة مَا نَعْبُدُهُمْ على وجه الإضمار، لأن في الكلام دليلاً عليه إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى يعني: ليشفعوا لنا، ويقربونا عند الله. ويقال: لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى يعني: منزلة.
يقول الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يعني: يقضي بينهم يوم القيامة فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ من الدين.
ثم قال عز وجل: إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي أي: لا يرشد إلى دينه مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ في قوله: الملائكة بنات الله وعيسى ابن الله كَفَّارٌ يعني: كفروا بالله بعبادتهم إياهم. ويقال:
معناه لا يوفق لتوحيده من هو كاذب على الله، حتى يترك كذبه، ويرغب في دين الله. لَوْ أَرادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً كما قلتم لَاصْطَفى يعني: لاختار من الولد مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشاءُ من خلقه إن فعل ذلك.
ثم قال: سُبْحانَهُ نزه نفسه عن الولد، وعن الشرك، هُوَ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ يعني:
الذي لا شريك له الْقَهَّارُ يعني: القاهر لخلقه.
ثم بيّن ما يدل على توحيده، ويعجز عنه المخلوقون. قوله عز وجل: خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يعني: للحق، ولم يخلقهما باطلاً لغير شيء يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ قال مجاهد: يعني: يدهور الليل عَلَى النهار وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ يعني: يدهور النهار على الليل. وقال مقاتل يُكَوِّرُ يعني: يسلط عليه، وهو انتقاص كل واحد منهما من صاحبه.
وقال الكلبي: يُكَوِّرُ يعني: يزيد من النهار في الليل، فيكون اللَّيل أطول من النهار، ويزيد من الليل في النهار، فيكون النهار أطول من الليل. هذا يأخذ من هذا، وهذا يأخذ من هذا.
وقال القتبي يُكَوِّرُ يعني: يدخل هذا على هذا. وأصل التكوير اللف، والجمع، ومنه كور العمامة ومنه قوله: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (١) [التكوير: ١] وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ يعني: ذلل ضوء الشمس، والقمر، للخلق كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يعني:
إلى أقصى منازله. ويقال: إلى يوم القيامة. أَلا هُوَ الْعَزِيزُ يعني: الْعَزِيزُ بالنقمة لمن لم يتب الْغَفَّارُ لمن تاب. ويقال: الْعَزِيزُ في ملكه. الْغَفَّارُ لخلقه بتأخير العذاب.

صفحة رقم 177
بحر العلوم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية