آيات من القرآن الكريم

خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ۖ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ ۖ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ۗ أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ
ﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸ ﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝ

واسطة أو شفيع، وفرق شاسع بين الخالق والمخلوق، وقياس فاسد جدا أن تقيس الرئيس من بنى الإنسان على الرحمن العليم الخبير.
إن الله يحكم بين الخلائق الموحدين والمشركين. إن الله لا يهدى من هو كاذب في اتخاذ الشركاء كافر بالله وبحقوقه وصفاته.
وكانوا يقولون: الملائكة بنات الله، عجبا لهم!! لو أراد الله أن يتخذ ولدا لما رضى إلا بأكمل الأولاد وهو الابن، فكيف نسبتم إليه البنات؟! تجعلون لكم البنين، ولله البنات، تلك إذا قسمة ضيزى؟! سبحانه وتعالى عما يشركون، سبحانه هو الواحد الأحد الفرد الصمد، وإذا كان الله واحدا في ذاته وصفاته وأفعاله لم يكن من المعقول أن يكون له ولد لأن الولد من الصاحب والصاحبة، وإذا لم يتأت أن يكون له صاحبة لم يتأت أن يكون له ولد، أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة؟! وكيف يحتاج إلى ولد وهو القهار الذي يقهر غيره فلا يحتاج إلى شيء أبدا، والمحتاج إلى الولد مقهور، أما القاهر فهو الواحد الأحد الغنى عن الشريك والصاحبة والولد، تبارك اسمه وتعالى جده، سبحانه له الملك وله الحمد..
من دلائل عظمة الله وكماله وقدرته! [سورة الزمر (٣٩) : الآيات ٥ الى ٧]
خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (٥) خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (٦) إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٧)

صفحة رقم 255

المفردات:
يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ: يلقى هذا على هذا فإن التكوير في اللغة: طرح الشيء بعضه على بعض، ومنه كور المتاع والعمامة، أى: ألقى بعضه على بعض لِأَجَلٍ مُسَمًّى: لأجل معين محدود أَزْواجٍ: جمع زوج وهو اسم لكل واحد معه غيره، فإذا انفرد فهو فرد، والمراد الذكر والأنثى وِزْرَ حمل.
ثبت مما تقدم في الآيات السابقة أن الله منزه عن الصاحبة والولد لأنه إله واحد قهار غالب لكل شيء. ومن كان كذلك فهو كامل القدرة غنى عن كل شيء، وهنا بين بعض مظاهر القدرة.
المعنى:
ذلكم الله خالق كل شيء، القادر على كل كائن حي، المنفرد بالوحدانية والملكوت، الغنى عن الصاحبة والولد والشريك، الذي خلق السموات وعوالمها، والأرض وما عليها، خلقها بالحق الذي لا يأتيه باطل ولا عبث ولا لهو. يكور الليل على النهار، ويكور النهار على الليل، سبحانه وتعالى جعل الليل والنهار خلفة يخلف بعضه بعضا، فهو يولج الليل في النهار، ويولج النهار في الليل. فالتكوير. وجعل كل من الليل والنهار خلفة. وإيلاج زمان أحدهما في الآخر، كل هذا بمعنى واحد. فإن هذا الليل بجحافله وهدوئه وسكونه مع الظلام الدامس. إذا طرح شيء من هذا وألقى. ثم جيء بدله بالنهار وضوئه وضجيجه وشمسه وحره. فيه ما فيه من دلائل العظمة وكمال

صفحة رقم 256

القدرة، وهو الله الذي سخر الشمس والقمر. وذللهما. كل يجرى لأجل مسمى.
وزمن معلوم ونظام محدد، وبعده تنفطر السموات والأرضين. ويجمع الله الشمس والقمر. ويتبدل الحال غير الحال. وهذه مظاهر القدرة التي تدل على كمال العزة والسلطان فناسب أن تختم الآية بما يدل على الرحمة وسعة الرضوان. ألا هو العزيز الغفار.
ثم تعرض القرآن لذكر الإنسان والحيوان فقال: خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ- هي آدم- ثُمَّ «١» جَعَلَ مِنْها زَوْجَها. وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أصناف من الإبل والبقر و، الغنم والمعز كل ذكر وأنثى منها زوج، فتلك أزواج ثمانية أنزلها ربك من عنده. وتفضل بها من لدنه.
ثم ذكر حالة عامة تشمل الإنسان والحيوان فقال: يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ. وحالا من بعد حال: ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة... الآية.. فتلك أطوار الخلق وهم في بطون أمهاتهم حالة كونهم في ظلمات ثلاث: ظلمة المشيمة، ثم ظلمة الرحم، ثم ظلمة البطن، ذلكم الله ربكم خالق كل شيء فاعبدوه. وهو على كل شيء وكيل. له الملك وحده. لا إله إلا هو فكيف تصرفون عبادته إلى عبادة غيره؟ ذلكم الله ربكم الغنى عن عبادتكم لا تضره معصيتكم. إن تكفروا فالله غنى عنكم. وليس محتاجا إلى إيمانكم، ولكنه لا يرضى لعباده الكفر فإنه ظلم. والرضا غير الإرادة.
وإن تشكروا الله- سبحانه وتعالى- يرض لكم ذلك ويثبكم عليه لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ [سورة الفتح آية ١٨] بمعنى أنه أثابهم.
واعلموا أنه لا تحمل نفس عن نفس حاملة للأزوار والأثقال من الذنوب شيئا بل كل نفس بما كسبت رهينة ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ يوم القيامة يجازى كلّ على عمله بالعدل والقسطاس المستقيم لأنه خبير بما تعملون. وهو العليم بذات الصدور ومكنونات النفوس.

(١) ثم كما تكون للترتيب في الزمن مع التراخي كذلك لمطلق الترتيب والمعطوف عليه هو خلقكم.

صفحة رقم 257
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية