آيات من القرآن الكريم

قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂ ﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒ ﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠ ﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕ ﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧ ﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛ

إثبات وحدانية الله وقدرته مع مناقشتهم وبيان جزائهم [سورة الزمر (٣٩) : الآيات ٤١ الى ٤٨]
إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (٤١) اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٤٢) أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعاءَ قُلْ أَوَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ (٤٣) قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٤٤) وَإِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (٤٥)
قُلِ اللَّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٤٦) وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ (٤٧) وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٤٨)

صفحة رقم 273

المفردات:
يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ: يقبضها عند انتهاء آجالها اشْمَأَزَّتْ الاشمئزاز: انقباض في القلب وضيق في النفس يظهر أثره في الوجه يَسْتَبْشِرُونَ الاستبشار: امتلاء القلب سرورا فيظهر أثر ذلك في بشرة الوجه وَبَدا لَهُمْ: ظهر ما لم يكن في الحسبان.
لا يزال القرآن الكريم يسوق الدليل تلو الدليل على وحدانية الله- سبحانه وتعالى- ووصفه بكل كمال وتنزيهه عن كل نقص، مع مناقشة هؤلاء المشركين في عقائدهم الفاسدة، تارة بلفت أنظارهم إلى معبوداتهم من حيث ضررها ونفعها، وتارة ببيان آثار القوى القادر، وتارة بالتهديد لهم وتسفيه أحلامهم وبيان عاقبتهم يوم القيامة لعلهم يرجعون عن غيهم، ويثوبون إلى رشدهم.
المعنى:
الله- سبحانه وتعالى- هو الذي أنزل عليك الكتاب هدى للناس وتبيانا لكل ما يحتاجون في دينهم ودنياهم، أنزله ربك مقرونا بالحق متلبسا به، فمن اهتدى به فلنفسه بغى الخير، ومن ضل عنه وحاد عن طريقه فإنما يضل وضلاله على نفسه، إذ عاقبة خسارته عليها وحدها، وأما أنت يا محمد فلست عليهم بوكيل، إنما عليك البلاغ وعلينا الحساب، فلا يهمنك أمرهم، ولا تحزن عليهم.
الله- سبحانه- هو الذي يتوفى الأنفس ويقبضها عن أبدانها حين موتها بحيث لا يستقدمون عنه ساعة من الزمن ولا يستأخرون، ويتوفى الأنفس التي لم تمت في نومها والمعنى أنه- سبحانه- يتوفى هذه الأنفس في وقت نومها فالله- سبحانه- يقطع تعلق الأرواح بالأبدان حتى لا تتصرف فيها إلا بقدر، فتوفيها حين الموت قطع لتصرفها

صفحة رقم 274

في البدن ظاهرا وباطنا دائما لا رجوع فيه، وتوفيها حين النوم قطع للتصرف فيه ظاهرا فقط، وإلى وقت محدود، ثم تعود الروح بعده إلى الجسم كما كانت. وتظل معه إلى أجل معلوم محدود الله يعلمه، وهذا معنى قوله تعالى: فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى.
فالنوم- كما يقولون- موت أصغر، والموت نوم أكبر، والأمر كله لله، وما أشبه النوم والموت بجهالة المشركين، وما أشبه الحياة واليقظة بنور الإسلام وهدى القرآن، والكل من الله- سبحانه- إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون بعقولهم فلا يحيلون البعث بعد الموت، فيها أنت إذ تصحو بعد النوم، وتحيا بعد الموت في كل يوم مرة أو مرتين «لتموتنّ كما تنامون، ولتبعثنّ كما تستيقظون»، وكان الكفار إذا لزمتهم الحجة، وانقطع بهم السبيل قالوا- وبئس ما قالوا-: الله خالق كل شيء هو الحكيم العليم، وهذه الأصنام نبعدها لأنها تشفع لنا وتقربنا من ربنا! عجبا لهؤلاء! بل اتخذوا من دون الله شفعاء لهم، يشفعون عند ربهم بدون إذنه ولا علمه؟! قل لهم يا محمد: أيشفعون والحال أنهم لا يملكون شيئا ولا يعقلون؟ عجبا لكم أتتخذونهم شفعاء ولو كانوا لا يملكون شيئا من الأشياء فضلا عن أن يملكوا الشفاعة عند الله- تعالى- وهم لا يعقلون.
قل لهم: لله الشفاعة جميعا، فلن يستطيع أحد أن يشفع إلا بإذنه، والسبب في هذا أنه له وحده الملك التام للسموات والأرض، ثم إليه وحده الأمر والمصير يوم القيامة، فاحذروا عقابه وارجوا ثوابه.
وتلك سيئة من سيئاتهم التي لا تحصى إذا ذكر الله مفردا عن الآلهة اشمأزت قلوب المشركين الذين لا يؤمنون بالآخرة، وامتلأت قلوبهم غيظا وغما حتى يظهر ذلك في وجوههم وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً [الإسراء ٤٦].
وإذا ذكر الذين من دونه من الآلهة إذا هم يستبشرون، أى: فاجأهم وقت الاستبشار.
ولما ذكر عنهم هذا الأمر العجيب الذي تشهد بدائه العقول ببطلانه أردفه بأمرين أحدهما دعاء الله مع وصفه بالقدرة التامة والعلم الشامل، ثم
قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: أنت

صفحة رقم 275
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية