سُورَةُ الزُّمَرِ
سَبْعُونَ وَخَمْسُ آيَاتٍ مَكِّيَّةٌ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
[سورة الزمر (٣٩) : الآيات ١ الى ٤]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١) إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ (٢) أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ (٣) لَوْ أَرادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشاءُ سُبْحانَهُ هُوَ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (٤)[في قوله تعالى تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ] اعْلَمْ أَنَّ فِي الْآيَةِ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: ذَكَرَ الْفَرَّاءُ وَالزَّجَّاجُ: فِي رَفْعِ تَنْزِيلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: تَنْزِيلُ مُبْتَدَأً وَقَوْلُهُ: مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ خَبَرٌ وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ هَذَا تَنْزِيلُ الْكِتَابِ، فَيُضْمَرُ الْمُبْتَدَأُ كَقَوْلِهِ:
سُورَةٌ أَنْزَلْناها [النُّورِ: ١] أَيْ هَذِهِ سُورَةٌ، قال بعضهم: الوجه الْأَوَّلِ لِوُجُوهٍ الْأَوَّلُ: أَنَّ الْإِضْمَارَ خِلَافُ الْأَصْلِ، فَلَا يُصَارُ إِلَيْهِ إِلَّا لِضَرُورَةٍ، وَلَا ضَرُورَةَ هاهنا الثَّانِي: أَنَّا إِذَا قُلْنَا: تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ جُمْلَةٌ تَامَّةٌ مِنَ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ أَفَادَ فَائِدَةً شَرِيفَةً، وَهِيَ أَنَّ تَنْزِيلَ/ الْكِتَابِ يَكُونُ مِنَ اللَّهِ، لَا مِنْ غَيْرِهِ وَهَذَا الْحَصْرُ مَعْنًى مُعْتَبَرٌ، أَمَّا إِذَا أَضْمَرْنَا الْمُبْتَدَأَ لَمْ تَحْصُلْ هَذِهِ الْفَائِدَةُ الثَّالِثُ: أَنَّا إِذَا أَضْمَرْنَا الْمُبْتَدَأَ صَارَ التَّقْدِيرُ هَذَا تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ، وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُنَا مَجَازٌ آخَرُ، لِأَنَّ هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى السُّورَةِ، وَالسُّورَةُ لَيْسَتْ نَفْسَ التَّنْزِيلِ، بَلِ السُّورَةُ مُنَزَّلَةٌ، فَحِينَئِذٍ يُحْتَاجُ إِلَى أَنْ نَقُولَ الْمُرَادُ مِنَ الْمَصْدَرِ الْمَفْعُولُ وَهُوَ مُجَازٌ تَحَمَّلْنَاهُ لَا لِضَرُورَةٍ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْقَائِلُونَ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ احْتَجُّوا بِأَنْ قَالُوا إِنَّهُ تَعَالَى وَصَفَ الْقُرْآنَ بِكَوْنِهِ تَنْزِيلًا وَمُنَزَّلًا، وَهَذَا الْوَصْفُ لَا يَلِيقُ إِلَّا بِالْمُحْدَثِ الْمَخْلُوقِ وَالْجَوَابُ: أَنَّا نَحْمِلُ هَذِهِ اللَّفْظَةَ عَلَى الصِّيَغِ وَالْحُرُوفِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: الْآيَاتُ الْكَثِيرَةُ تَدُلُّ عَلَى وَصْفِ الْقُرْآنِ بِكَوْنِهِ تَنْزِيلًا وَآيَاتٌ أُخَرُ تَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ مُنَزَّلًا.
أَمَّا الْأَوَّلُ: فَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ [الشُّعَرَاءِ: ١٩٢]، وَقَالَ: تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فُصِّلَتْ: ٤٢] وَقَالَ: حم تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ [فصلت: ١، ٢]. صفحة رقم 418
وَأَمَّا الثَّانِي: فَقَوْلُهُ: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ [الْحِجْرِ: ٩] وَقَالَ: وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ [الْإِسْرَاءِ: ١٠٥] وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ كَوْنَهُ مُنَزَّلًا أَقْرَبُ إِلَى الْحَقِيقَةِ مِنْ كَوْنِهِ تَنْزِيلًا، فَكَوْنُهُ مُنَزَّلًا مَجَازٌ أَيْضًا لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنَ الْقُرْآنِ الصِّفَةَ الْقَائِمَةَ بِذَاتِ اللَّهِ فَهُوَ لَا يَقْبَلُ الِانْفِصَالَ وَالنُّزُولَ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْهُ الْحُرُوفَ وَالْأَصْوَاتَ فَهِيَ أَعْرَاضٌ لَا تَقْبَلُ الِانْتِقَالَ وَالنُّزُولَ، بَلِ الْمُرَادُ مِنَ النُّزُولِ نُزُولُ الْمَلَكِ الَّذِي بَلَّغَهَا إِلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ الْعَزِيزُ هُوَ الْقَادِرُ الَّذِي لَا يُغْلَبُ فَهَذَا اللَّفْظُ يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ تَعَالَى قَادِرًا عَلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ وَالْحَكِيمُ هُوَ الَّذِي يَفْعَلُ لِدَاعِيَةِ الْحِكْمَةِ لَا لِدَاعِيَةِ الشَّهْوَةِ، وَهَذَا إِنَّمَا يَتِمُّ إِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ تَعَالَى عَالِمٌ بِجَمِيعِ الْمَعْلُومَاتِ، وَأَنَّهُ غَنِيٌّ عَنْ جَمِيعِ الْحَاجَاتِ إِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ كَوْنُهُ تَعَالَى: عَزِيزًا حَكِيمًا يَدُلُّ عَلَى هذه الصفات الثلاثة، الْعِلْمِ بِجَمِيعِ الْمَعْلُومَاتِ، وَالْقُدْرَةِ عَلَى كُلِّ الْمُمْكِنَاتِ، وَالِاسْتِغْنَاءِ عَنْ كُلِّ الْحَاجَاتِ، فَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ امْتَنَعَ أَنْ يَفْعَلَ الْقَبِيحَ وَأَنْ يَحْكُمَ بِالْقَبِيحِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَكُلُّ مَا يَفْعَلُهُ يَكُونُ حِكْمَةً وَصَوَابًا.
إِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ الِانْتِفَاعُ بِالْقُرْآنِ يَتَوَقَّفُ عَلَى أَصْلَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ ثَبَتَ بِالْمُعْجِزِ كَوْنُ الرَّسُولِ صَادِقًا، وَثَبَتَ بِالتَّوَاتُرِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ فَيَحْصُلُ مِنْ مَجْمُوعِ هَاتَيْنِ الْمُقَدِّمَتَيْنِ أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ وَالْأَصْلُ الثَّانِي: أَنَّ اللَّهَ أَرَادَ بِهَذِهِ الألفاظ المعاني التي هي موضوعة لها، أم بِحَسَبِ اللُّغَةِ أَوْ بِحَسَبِ الْقَرِينَةِ الْعُرْفِيَّةِ أَوِ الشَّرْعِيَّةِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُرِدْ بِهَا ذَلِكَ لَكَانَ تَلْبِيسًا، وَذَلِكَ لَا يَلِيقُ بِالْحَكِيمِ فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالْقُرْآنِ لَا يَحْصُلُ إِلَّا بَعْدَ تَسْلِيمِ هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ، وَثَبَتَ أَنَّهُ لَا سَبِيلَ إِلَى إِثْبَاتِ هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ إِلَّا بِإِثْبَاتِ كَوْنِهِ تَعَالَى حَكِيمًا، وَثَبَتَ أَنْ لَا سَبِيلَ/ إِلَى إِثْبَاتِ كَوْنِهِ حَكِيمًا إِلَّا بِالْبِنَاءِ عَلَى كَوْنِهِ تَعَالَى عَزِيزًا، فَلِهَذَا السَّبَبِ قَالَ: تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ فَفِيهِ سُؤَالَانِ:
السُّؤَالُ الْأَوَّلُ: لَفْظُ التَّنْزِيلِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ تَعَالَى أَنْزَلَهُ عَلَيْهِ نَجْمًا نَجْمًا عَلَى سَبِيلِ التَّدْرِيجِ وَلَفْظُ الْإِنْزَالِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ تَعَالَى أَنْزَلَهُ عَلَيْهِ دُفْعَةً وَاحِدَةً فَكَيْفَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَالْجَوَابُ: إِنْ صَحَّ الْفَرْقُ بَيْنَ التَّنْزِيلِ وَبَيْنَ الْإِنْزَالِ مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْتُمْ فَطَرِيقُ الْجَمْعِ أَنْ يُقَالَ الْمَعْنَى إِنَّا حَكَمْنَا حُكْمًا كُلِّيًّا جَزْمًا بِأَنْ يُوصَلَ إِلَيْكَ هَذَا الْكِتَابُ، وَهَذَا هو الإنزال، ثم أوصلناه نجما نَجْمًا إِلَيْكَ عَلَى وَفْقِ الْمَصَالِحِ وَهَذَا هُوَ التَّنْزِيلُ.
السُّؤَالُ الثَّانِي: مَا الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ؟ وَالْجَوَابُ: فِيهِ وَجْهَانِ الْأَوَّلُ:
الْمُرَادُ أَنْزَلْنَا الْكِتَابَ إِلَيْكَ مُلْتَبِسًا بِالْحَقِّ وَالصِّدْقِ وَالصَّوَابِ عَلَى مَعْنَى كُلُّ مَا أَوْدَعْنَاهُ فِيهِ مِنْ إِثْبَاتِ التَّوْحِيدِ وَالنُّبُوَّةِ وَالْمَعَادِ، وَأَنْوَاعِ التَّكَالِيفِ فَهُوَ حَقٌّ وَصِدْقٌ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ وَالْمَصِيرُ إِلَيْهِ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ إِنَّا أَنْزَلَنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِنَاءً عَلَى دَلِيلٍ حَقٍّ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْكِتَابَ نَازِلٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَذَلِكَ الدَّلِيلُ هُوَ أَنَّ الْفُصَحَاءَ عَجَزُوا عَنْ مُعَارَضَتِهِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُعْجِزًا لَمَا عَجَزُوا عَنْ مُعَارَضَتِهِ.
ثُمَّ قَالَ: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ فِي قَوْلِهِ: إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ أَنَّ هَذَا الْكِتَابَ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْحَقِّ وَالصِّدْقِ وَالصَّوَابِ أَرْدَفَ هُنَا بَعْضَ مَا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ وَالصِّدْقِ وَهُوَ أَنْ يَشْتَغِلَ الْإِنْسَانُ بِعِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى سَبِيلِ الْإِخْلَاصِ وَيَتَبَرَّأَ عَنْ عِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْكُلِّيَّةِ، فَأَمَّا اشْتِغَالُهُ بِعِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى سَبِيلِ الْإِخْلَاصِ فَهُوَ
الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً، وَأَمَّا بَرَاءَتُهُ مِنْ عِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ لِأَنَّ قَوْلَهُ: أَلا لِلَّهِ يُفِيدُ الْحَصْرَ، وَمَعْنَى الْحَصْرِ أَنْ يَثْبُتَ الْحُكْمُ فِي الْمَذْكُورِ وَيَنْتَفِيَ عَنْ غَيْرِ الْمَذْكُورِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْعِبَادَةَ مَعَ الْإِخْلَاصِ لَا تُعْرَفُ حَقِيقَةً إِلَّا إِذَا عَرَفْنَا أَنَّ الْعِبَادَةَ مَا هِيَ وَأَنَّ الْإِخْلَاصَ مَا هُوَ وَأَنَّ الْوُجُوهَ الْمُنَافِيَةَ لِلْإِخْلَاصِ مَا هِيَ فَهَذِهِ أُمُورٌ ثَلَاثَةٌ لَا بُدَّ مِنَ الْبَحْثِ عَنْهَا:
أَمَّا الْعِبَادَةُ: فَهِيَ فِعْلٌ أَوْ قَوْلٌ أَوْ تَرْكُ فِعْلٍ أَوْ تَرْكُ قَوْلٍ وَيُؤْتَى بِهِ لِمُجَرَّدِ اعْتِقَادِ أَنَّ الْأَمْرَ بِهِ عَظِيمٌ يَجِبُ قَبُولُهُ.
وَأَمَّا الْإِخْلَاصُ: فَهُوَ أَنْ يَكُونَ الدَّاعِي لَهُ إِلَى الْإِتْيَانِ بِذَلِكَ الْفِعْلِ أَوِ التَّرْكِ مُجَرَّدَ هَذَا الِانْقِيَادِ وَالِامْتِثَالِ، فَإِنْ حَصَلَ مِنْهُ دَاعٍ آخَرُ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ جَانِبُ الدَّاعِي إِلَى الطَّاعَةِ رَاجِحًا عَلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ أَوْ مُعَادِلًا لَهُ أَوْ مَرْجُوحًا. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُعَادِلَ وَالْمَرْجُوحَ سَاقِطٌ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ الدَّاعِي إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ رَاجِحًا عَلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ هَلْ يُفِيدُ أَمْ لَا، وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِرَارًا وَلَفْظُ الْقُرْآنِ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْإِتْيَانِ بِهِ عَلَى سَبِيلِ الْخُلُوصِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً/ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يَجِبُ الْإِتْيَانُ بِالْعِبَادَةِ عَلَى سَبِيلِ الْخُلُوصِ وَتَأَكَّدَ هَذَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [الْبَيِّنَةِ: ٥] وَأَمَّا بَيَانُ الْوُجُوهِ الْمُنَافِيَةِ لِلْإِخْلَاصِ فَهِيَ الْوُجُوهُ الدَّاعِيَةُ لِلشَّرِيكِ وَهِيَ أَقْسَامٌ أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ لِلرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ فِيهِ مَدْخَلٌ وَثَانِيهَا:
أَنْ يَكُونَ مَقْصُودُهُ مِنَ الْإِتْيَانِ بِالطَّاعَةِ الْفَوْزَ بِالْجَنَّةِ وَالْخَلَاصَ مِنَ النَّارِ وَثَالِثُهَا: أَنْ يَأْتِيَ بِهَا وَيَعْتَقِدَ أَنَّ لَهَا تَأْثِيرًا فِي إِيجَابِ الثَّوَابِ أَوْ دَفْعِ الْعِقَابِ وَرَابِعُهَا: وَهُوَ أَنْ يخلص تلك الطَّاعَاتِ عَنِ الْكَبَائِرِ حَتَّى تَصِيرَ مَقْبُولَةً، وَهَذَا الْقَوْلُ إِنَّمَا يُعْتَبَرُ عَلَى قَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: مِنَ النَّاسِ مَنْ قَالَ: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ الْمُرَادُ مِنْهُ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاحْتَجُّوا بِمَا
رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ حِصْنِي وَمَنْ دَخَلَ حِصْنِي أَمِنَ مِنْ عَذَابِي»
وَهَذَا قَوْلُ مَنْ يَقُولُ: لَا تَضُرُّ الْمَعْصِيَةُ مَعَ الْإِيمَانِ كَمَا لَا تَنْفَعُ الطَّاعَةُ مَعَ الْكُفْرِ، وَأَمَّا الْأَكْثَرُونَ فَقَالُوا الْآيَةُ مُتَنَاوِلَةٌ لِكُلِّ مَا كَلَّفَ اللَّهُ به من الأوامر والنواهي، وهذا هو الْأَوْلَى لِأَنَّ قَوْلَهُ: فَاعْبُدِ اللَّهَ عَامٌّ، وَرُوِيَ أَنَّ امْرَأَةَ الْفَرَزْدَقِ لَمَّا قَرُبَ وَفَاتُهَا أَوْصَتْ أَنْ يُصَلِّيَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ عَلَيْهَا، فَلَمَّا صَلَّى عَلَيْهَا وَدُفِنَتْ، قَالَ لِلْفَرَزْدَقِ: يَا أَبَا فِرَاسٍ مَا الَّذِي أَعْدَدْتَ لِهَذَا الْأَمْرِ؟ قَالَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَقَالَ الْحَسَنُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: هَذَا الْعَمُودُ فَأَيْنَ الطُّنُبُ؟
فَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ عَمُودَ الْخَيْمَةِ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إِلَّا مَعَ الطُّنُبِ حَتَّى يُمْكِنَ الِانْتِفَاعُ بِالْخَيْمَةِ، قَالَ الْقَاضِي فَأَمَّا مَا
يُرْوَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِمُعَاذٍ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ: «وَإِنْ زِنَى وَإِنْ سَرَقَ عَلَى رَغْمِ أَنْفِ أَبِي الدَّرْدَاءِ»
فَإِنْ صَحَّ فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ بِشَرْطِ التَّوْبَةِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ قَبُولُ هَذَا الْخَبَرِ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْقُرْآنِ، وَلِأَنَّهُ يُوجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ الْإِنْسَانُ مَزْجُورًا عَنِ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ مُتَعَدِّيًا بِفِعْلِهِمَا لِأَنَّهُ مَعَ شِدَّةِ شَهْوَتِهِ لِلْقَبِيحِ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّهُ مَعَ تَمَسُّكِهِ بِالشَّهَادَتَيْنِ فَكَأَنَّ ذلك إغراء بالقبيح والكل ينافي حكمة الله تعالى ولا يلزم أن يقال ذلك فالقول بأنه يزول ضرره بالتوبة يوجب أيضا الإغراء بِالْقَبِيحِ، لِأَنَّا نَقُولُ إِنَّ مَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ ضَرَرَهُ يَزُولُ بِالتَّوْبَةِ فَقَدِ اعْتَقَدَ أَنَّ فِعْلَ الْقَبِيحِ مَضَرَّةٌ إِلَّا أَنَّهُ يُزِيلُ ذَلِكَ الضَّرَرَ بِفِعْلِ التَّوْبَةِ بِخِلَافِ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ إِنَّ فِعْلَ الْقَبِيحِ لَا يَضُرُّ مَعَ التَّمَسُّكِ بِالشَّهَادَتَيْنِ.
هَذَا تَمَامُ كَلَامِ الْقَاضِي، فَيُقَالُ لَهُ: أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّ الْقَوْلَ بِالْمَغْفِرَةِ مُخَالِفٌ لِلْقُرْآنِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلِ الْقُرْآنِ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَالَ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ [النِّسَاءِ: ٤٨] وَقَالَ: وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ [الرَّعْدِ: ٦] أَيْ حَالَ ظُلْمِهِمْ كَمَا يُقَالُ رَأَيْتُ الْأَمِيرَ عَلَى أَكْلِهِ وَشُرْبِهِ أَيْ حَالَ كونه
آكلا وشاربا، وقال: يَا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً [الزُّمَرِ: ٥٣]، وَأَمَّا قَوْلُهُ إِنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ الْإِغْرَاءَ بِالْقَبِيحِ، فَيُقَالُ لَهُ إِنْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يَقْبُحَ غُفْرَانُهُ عَقْلًا، وَهَذَا مَذْهَبُ الْبَغْدَادِيِّينَ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ، وَأَنْتَ لَا تَقُولُ بِهِ، لِأَنَّ مَذْهَبَ الْبَصْرِيِّينَ أَنَّ عَذَابَ الْمُذْنِبِ جَائِزٌ عَقْلًا، وَأَيْضًا فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَحْصُلَ الْغُفْرَانُ بِالتَّوْبَةِ، لِأَنَّهُ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ إِذَا أَذْنَبَ ثُمَّ تَابَ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ لَمْ يَنْزَجِرْ وَأَمَّا/ الْفَرْقُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي فَبَعِيدٌ، لِأَنَّهُ إِذَا عَزَمَ عَلَى أَنْ يَتُوبَ عَنْهُ فِي الْحَالِ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ الذَّنْبُ أَلْبَتَّةَ. ثُمَّ نَقُولُ مَذْهَبُنَا أَنَّا نَقْطَعُ بِحُصُولِ الْعَفْوِ عَنِ الْكَبَائِرِ فِي الْجُمْلَةِ، فَأَمَّا فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ النَّاسِ فَذَلِكَ مَشْكُوكٌ فِيهِ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ فَقَطَعَ بِحُصُولِ الْمَغْفِرَةِ فِي الْجُمْلَةِ، إِلَّا أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَمْ يَقْطَعْ بِحُصُولِ هَذَا الْغُفْرَانِ فِي حَقِّ كُلِّ أَحَدٍ بَلْ فِي حَقِّ مَنْ شَاءَ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ الْخَوْفُ حَاصِلًا فَلَا يَكُونُ الْإِغْرَاءُ حَاصِلًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» قُرِئَ الدِّينُ بِالرَّفْعِ، ثُمَّ قَالَ وَحَقُّ مَنْ رَفَعَهُ أَنْ يَقْرَأَ مُخْلَصًا بِفَتْحِ اللَّامِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ [النِّسَاءِ: ١٤٦] حَتَّى يُطَابِقَ قَوْلَهُ: أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ وَالْخَالِصُ وَالْمُخْلَصُ وَاحِدٌ إِلَّا أَنَّهُ وَصَفَ الدِّينَ بِصِفَةِ صَاحِبِهِ عَلَى الْإِسْنَادِ الْمَجَازِيِّ كَقَوْلِهِمْ شِعْرُ شَاعِرٍ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ أَنَّ رَأْسَ الْعِبَادَاتِ وَرَئِيسَهَا الْإِخْلَاصُ فِي التَّوْحِيدِ أَرْدَفَهُ بِذَمِّ طَرِيقَةِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ يَقُولُونَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَخَبَرُ الَّذِينَ مَحْذُوفٌ وَهُوَ قَوْلُهُ يَقُولُونَ، وَاعْلَمْ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى عَائِدٌ عَلَى الْأَشْيَاءِ الَّتِي عُبِدَتْ مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَهِيَ قِسْمَانِ الْعُقَلَاءُ وَغَيْرُ الْعُقَلَاءِ، أَمَّا الْعُقَلَاءُ فهو أن قوما عبدوا المسيح وعزيرا وَالْمَلَائِكَةَ، وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَعْبُدُونَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ وَيَعْتَقِدُونَ فِيهَا أَنَّهَا أَحْيَاءٌ عَاقِلَةٌ نَاطِقَةٌ، وَأَمَّا الْأَشْيَاءُ الَّتِي عُبِدَتْ مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مَوْصُوفَةً بِالْحَيَاةِ وَالْعَقْلِ فَهِيَ الْأَصْنَامُ، إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ الْكَلَامُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْكُفَّارُ لَائِقٌ بِالْعُقَلَاءِ، أَمَّا بِغَيْرِ الْعُقَلَاءِ فَلَا يَلِيقُ، وَبَيَانُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ: أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ: مَا نَعْبُدُهُمْ ضَمِيرٌ لِلْعُقَلَاءِ فَلَا يَلِيقُ بِالْأَصْنَامِ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَعْتَقِدَ أُولَئِكَ الكفار في المسيح والعزيز والملائكة أن يشفعوا لهم عند الله، أما يبعد من العاقل أن يعتقد في الأصنام والجمادات أَنَّهَا تُقَرِّبُهُ إِلَى اللَّهِ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَمُرَادُهُمْ أَنَّ عِبَادَتَهُمْ لَهَا تُقَرِّبُهُمْ إِلَى اللَّهِ، ويمكن أن يقال إن العاقل لا يبعد الصَّنَمَ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ خَشَبٌ أَوْ حَجَرٌ، وَإِنَّمَا يَعْبُدُونَهُ لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّهَا تَمَاثِيلُ الْكَوَاكِبِ أَوْ تَمَاثِيلُ الْأَرْوَاحِ السَّمَاوِيَّةِ، أَوْ تَمَاثِيلُ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ الَّذِينَ مَضَوْا، وَيَكُونُ مَقْصُودُهُمْ مِنْ عِبَادَتِهَا تَوْجِيهُ تِلْكَ الْعِبَادَاتِ إِلَى تِلْكَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي جَعَلُوا هَذِهِ التَّمَاثِيلَ صُوَرًا لَهَا.
وَحَاصِلُ الْكَلَامِ لِعُبَّادِ الْأَصْنَامِ أَنْ قَالُوا إِنَّ الْإِلَهَ الْأَعْظَمَ أَجَلُّ مِنْ أَنْ يَعْبُدَهُ الْبَشَرُ لَكِنَّ اللَّائِقَ بِالْبَشَرِ أَنْ يَشْتَغِلُوا بِعِبَادَةِ الْأَكَابِرِ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مِثْلَ الْكَوَاكِبِ وَمِثْلَ الْأَرْوَاحِ السَّمَاوِيَّةِ، ثُمَّ إِنَّهَا تَشْتَغِلُ بِعِبَادَةِ الْإِلَهِ الْأَكْبَرِ، فَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِمْ: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى.
وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا حَكَى مَذَاهِبَهُمْ أَجَابَ عَنْهَا مِنْ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ اقْتَصَرَ فِي الْجَوَابِ عَلَى مُجَرَّدِ التَّهْدِيدِ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّجُلَ الْمُبْطِلَ إِذَا ذَكَرَ مَذْهَبًا بَاطِلًا وَكَانَ مُصِرًّا عَلَيْهِ، فَالطَّرِيقُ فِي عِلَاجِهِ أَنْ يُحْتَالَ بِحِيلَةٍ تُوجِبُ زَوَالَ ذَلِكَ الْإِصْرَارِ عَنْ/ قَلْبِهِ، فَإِذَا زَالَ الإصرار عن