آيات من القرآن الكريم

وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ ۗ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ
ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓ ﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡ ﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪ ﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵ ﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂ ﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒ ﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠ

قوله تعالى ذكره: ﴿أَلَيْسَ الله بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾ - إلى قوله - ﴿ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾، أي أليس الله بكاف محمداً ﷺ أمر أعداء المشركين.
قال مجاهد: بكافيه الأوثان.
وروي أنهم قالوا للنبي ﷺ: لئن لم تنته عن سب آلهتنا لنأمرنها فتخبلك.
فالمعنى: يخوفك يا محمد هؤلاء المشركون بالأوثان أن تصيبك بسوء، ألي الله بكافيك؟! أي: هو كافيك ذلك.
ومن قرأ " عباده " بالجمع أدخل فيه النبي ﷺ ومن تقدمه من الأنبياء صلوات الله عليهم الذين توعدتهم أممهم بمثل ما توعدت به أمة محمد محمداً ﷺ.
قال مجاهد: نزلت هذه الآية حيثن قرأ النبي ﷺ سورة " والنجم " عند باب الكعبة.
ثم قال تعالى ﴿وَمَن يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ * وَمَن يَهْدِ الله فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ﴾، أي: من

صفحة رقم 6342

يخذل الله فيضله عن طريق الحق فما له سواه من مرشد، ومن يوفقه الله إلى طريق الحق فماله من مضل.
ثم قال تعالى ﴿أَلَيْسَ الله بِعَزِيزٍ ذِي انتقام﴾، أي: أليس الله يا محمد يعزيز في انتقامه ممن / كفر به، ذي انتقام منهم.
ثم قال: ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السماوات والأرض لَيَقُولُنَّ الله﴾، (أي: ولئن سألت يا محمد هؤلاء المشركين منْ خلق السماوات والأرض ليقولن الله) خلقهن، فإذا أقروا بذلك فقل لهم يا محمد: أفرأيتم هذه الألهة التي تدعون من دون الله إن أرادني الله بضرّ، أي: سقم أو شدة في معيشتي هل هن كاشفات عني ما أصابني، وإن أرادني الله تعالى برحمة، أي بصحة وَسَعَةٍ في الرزق هل هن ممسكات عني ما أعطاني.
والجواب في هذا محذوف لعلم السامع بالمعنى.
والتقدير: فإنهم سيقولون لا نقدر على شيء من ذلك، فإذا قالوا ذلك فقل يا محمد حسبي الله، أي: كافيِي الله مما سواه من الأشياء.
﴿عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ المتوكلون﴾، أي: من هو متوكل فليتوكل عليه لا بغيره.
وقال قتادة: ولئن سألتهم من خلق السماوات، يعني:

صفحة رقم 6343

الأصنام فيكون المسؤول في هذا القول: الأصنام. والقول الأول عليه أكثر المفسرين.
ثم قال تعالى ذكره: ﴿قُلْ ياقوم اعملوا على مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ معنى الكلام التهدد والوعيد، أي: اعلملوا على تمكنكم من العمل الذي تعملونه مثل قوله: ﴿فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ [الكهف: ٢٩].
وقال مجاهد: معناه اعملوا على ناحيتكم، (أي: على) ناحيتكم التي اخترتموها وتمكنت عندكم، إني عامل على ناحيتي.
وقيل: المعنى إنى عامل على عمل من سلف من الأنبياء عليهم السلام قبلي.
﴿فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ أي سوف تعلمون من يهان ويذل ممن يكرم وينعم إذا جاءكم بأس الله تعالى فيظهر لكم المحق منا من المبطل وهو معنى قوله: ﴿مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ﴾.
ثم قال تعالى ﴿إِنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الكتاب لِلنَّاسِ بالحق﴾، أي: أنزلناه تبياناً بالحق.
﴿فَمَنِ اهتدى فَلِنَفْسِهِ﴾، أي من آمن به واتبعه فلنفسه عمل، لأنه أكسب نفسه باتباعه الحق وإيمانه الفوز والرضى من الله تعالى والخلود في النعيم المقيم.

صفحة رقم 6344

ثم قال: ﴿وَمَن ضَلَّ فَإنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا﴾، أي: ومن جار على ما أنزل إليك فإنما يجُورُ على نفسه، لأنه أكسبها بكفره وجوره عن الحق العطب والخزي الدائم، والخلود في نار جهنم.
ثم قال: ﴿وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ﴾، أي: ما أنت يا محمد على من أرسلناك إليهم برقيب ترقب أعمالهم وتحفظ أفعالهم، إنما أنت رسول وما عليك غير البلاغ المبين وحسابهم علينا، قال قتادة، والسدي: بوكيل: بحفيظ.
ثم قال تعالى: ﴿الله يَتَوَفَّى الأنفس حِينَ مَوْتِهَا والتي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا﴾ (أي يقبض الأرواح عند فناء آجالها وانقضاء مدة حياتها ويقبض أيضاً التي لم تمت في منامها) كما يتوفى التي ماتت عند مماتها فيرسل نفس النائم ويمسك نفس الميت، فإذا جاء وقت أجل النائم قبض نفسه ولم يردها إليه.
قال ابن جبير: يقبض الله تعالى أرواح الأحياء النائمين وأرواح الموتى فتلتقي أرواح الأحياء وأرواح الموتى، ثم يرسل الله الأحياء النائمين، ويمسك أرواح الموتى.

صفحة رقم 6345

وعن ابن عباس أنه قال: يلتقي أرواح الموتى وأرواح النائمين فيتساءلون بينهم، ثم يمسك الله تعالى أرواح الموتى ويرسل أرواح الأحياء إلى أجسادها إلى أجل مسمى، وهو الموت.
قال الفراء: المعنى: ويقبض التي لم تمت في منامها عند انقضاء أجلها، قال: وقد يكون توفيها نومها، فالتقدير عنده: والتي لم تمت، نومها: وفاتها.
وقال ابن جبير: معناه أن الله جل ذكره يجمع بين أرواح الأحياء والموتى، فيتعارف منهما ما شاء الله أن يتعارف فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجسادها.
وقال السدي: يقبض الله تعالى روح النائم في منامه الأرواح بعضها بعضاً أرواح الموتى وأرواح النيام (فتلتقي فتسأل).

صفحة رقم 6346

قال فيخلي الله تعالى عن أرواح الأحياء فترجع إلى أجسادها إلى أجل مسمى - أي: إلى بقية آجالها - وتريد الأخرى أن ترجع فيحبس التي قضى عليها الموت، وهو قول ابن زيد.
وقال بعض أهل اللغة: النفس على معنيين: نفس التمييز، ونفس الحياة. ونفس التمييز هي من نفس الحياة وليس / نفس الحياة هي نفس التمييز لوجدنا النائم معه نفس الحياة ولا تمييز له.
فنفس التمييز ترتبط بنفس الحياة في حال وتفارقها في حال.
فتنفرد نفس الحياة، وليس تنفرد التمييز بالبقاء البتة في الجسد، وتنفرد نفس الحياة بالبقاء في البدن. فالتي تقبض عند النون هي نفس التمييز لا نفس الحياة، والتي تقبض عند الموت هي نفس الحياة، (فذهاب نفس الحياة) لا عودة بعده في الدنيا، وذهاب نفس التمييز له رجعة في الدنيا.
ونفس الحياة بها يكون التمييز والحركة والنفس، ونفس التمييز لا تكون إلا تابعة لنفس الحياة فهي جزء منها. ألا ترى أن التمييز يذهب والحياة والنفس والحركة

صفحة رقم 6347

باقية، ولو ذهبت نفس الحياة لم يبق (تمييز ولا نفس) ولا حركة. فالجملة نفس واحدة إلا أنها تنقسم في المنافع.
فصاحب هذا القول ينحو إلى أن النفس التي هي التمييز هي العقل، كأن التمييز هو العقل الذي تميز به الأشياء فهو مرتبط بالحياة، فسمي نفساً لارتباطه بالنفس والحياة.
وقيل: إن المعنى على هذا التأويل: الله يتوفى الأنفس حين موتها بإزاله أرواحها وتمييزها ويتوفى التي لم تمت في منامها بإزالة تمييزها دون حياتها، وهذا هو القول الذي قبله مختصراً.
ثم قال: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾، أي: في قبض الله تعالى نفس النائم وردّها عليه، وقبضه نفس الميت ومنها من الرد عليه، لَعِبَراً وعظات لمن تفكر وتدبر، وبياناً أن من فعل هذا يقدر على أن يحيى الموت إذا شاء.
ثم قال تعالى ذكره وجل ثناءه: ﴿أَمِ اتخذوا مِن دُونِ الله شُفَعَآءَ﴾، أي اتخذ هؤلاء المشركون من دون الله آلهتهم التي يعبدون (شفعاء) تشفع لهم عند الله.

صفحة رقم 6348
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية