
والمالك على الإطلاق بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٢٩) ذلك فيشركون به غيره من فرط جهلهم وقيل تقدير الكلام قل الحمد لله على نعمة التوحيد والاختصاص بالمولى الواحد الحميد وبل حينئذ ليست للاضراب بل هى ابتدائية حكاية عن حال الجاهلين..
إِنَّكَ مَيِّتٌ اى ستموت ابرز بلفظ الصفة المشبهة الدالّة على الثبوت حالا لكونه متيقن الوقوع وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (٣٠) اى كفار مكة او جميع الناس بصدد الموت فلا شماتة بالموت قال المحلى نزلت لمّا استبطؤا موت النبي ﷺ قال الفراء والكسائي الميّت بالتشديد من لم يمت وسيموت والميت بالتخفيف من فارقه الروح ولذلك لم يخفف هاهنا.
ثُمَّ إِنَّكُمْ يعنى أنت وكفار مكة او الناس أجمعون يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (٣١) فتحتج عليهم وتقول يا ربّ انّ قومى اتّخذوا هذا القران مهجورا وانهم كذبونى وكنت على الحق فى التوحيد وكانوا على الباطل فى التشريك واجتهدتّ فى الإرشاد والتبليغ ولجّوا فى العناد والتكذيب ويعتذرون بالأباطيل مثل قولهم والله ربّنا ما كنّا مشركين وقولهم ما جاءنا من بشير ولا نذير وقولهم انّا اطعنا سادتنا وكبراءنا- ما وجدنا عليه آباءنا ويختصم الناس بعضهم مع بعض فاول ما يقضى فيه الدماء اخرج الشيخان فى الصحيحين عن ابن مسعود رض قال قال رسول الله ﷺ أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة الدماء واخرج الترمذي وحسنه وابن ماجة والطبراني وابن مردوية عن ابن عباس قال سمعت النبي ﷺ يقول يأتى المقتول متعلق رأسه بإحدى يديه متكيا قاتله باليد الاخرى وتشخب أوداجه دما حتى يأتى العرش فيقول المقتول لرب العلمين هذا قتلنى فيقول الله للقاتل تعست ويذهب به الى النار- واخرج الطبراني فى الأوسط عن ابن مسعود عن النبي ﷺ قال يجئ المقتول أخذا قاتله وأوداجه تشخب دما فيقول رب سل هذا فلم قتلنى فيقول قتلته ليكون العزة لفلان قال هى لله تبارك وتعالى وروى ابن ابى حاتم عن ابن مسعود فذكر انه يؤتى بالقاتل والمقتول فيوقفان بين يدى الرحمان فيقال له لم قتلته فان كان قتله لله قال قتلته ليكون العزة لله فيقال فانها لله وان كان قتله لخلقه من خلق الله يقول قتلته ليكون العزة لفلان

فبقال فانها ليست له فيقتل يومئذ كل خلق الله قتله ظالم غير انه يذاق الموت عدة الأيام التي أذاقها الاخر فى الدنيا- واخرج احمد والترمذي والحاكم وصححه عن عبد الله بن الزبير عن أبيه لما نزلت انّك ميّت وانّهم ميّتون ثمّ انّكم يوم القيامة عند ربّكم تختصمون قال الزبير يا رسول الله أيكرر علينا ما بيننا فى الدنيا مع خواص الذنوب قال نعم ليكررن عليكم ذلك حتى يصل الى كل ذى حق حقه- قال الزبير والله ان الأمر لشديد- واخرج الطبراني بسند لا بأس به عن ابى أيوب رضى الله عنه ان رسول الله ﷺ قال أول من يختصم يوم القيامة الرجل والمرأة والله ما يتكلم لسانه ولكن يداها ورجلاها يشهدن عليها بما كانت تعيب لزوجها وتشهد يداه ورجلاه بما كان يوليها ثم يدعى الرجل وخدمه مثل ذلك ثم يدعى اهل الأسواق وما يوجد ثمه دوانيق ولا قراريط ولكن حسنات هذا يدفع الى هذا الذي ظلم وسيئات هذا الذي ظلمه يوضع عليه ثم يؤتى بالجبارين فى مقامع من حديد فيقال أوردوهم الى النار- واخرج احمد بسند حسن عن عقبة بن عامر قال قال رسول الله ﷺ أول خصمين يوم القيامة الجاران- واخرج البخاري عن ابى هريرة عن النبي ﷺ قال من كان عنده مظلمة لاخيه فليحلله منها فى الدنيا فانه ليس ثمه دينار ولا درهم ان كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وان لم يكن حسنات أخذ من سيئات صاحبه فتحمل عليه- واخرج مسلم والترمذي عن ابى هريرة ان رسول الله ﷺ قال أتدرون من المفلس قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع قال رسول الله ﷺ المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلوة وصيام وزكوة قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيقبض ويقتص هذا من حسناته وهذا من حسناته فان فنيت حسناته قبل ان يقتص ما عليه من الخطايا أخذ من خطاياهم فيطرح عليه ثم طرح فى النار- قلت المراد بالحسنات التي يأخذها المظلوم من الظالم اجر حسناته ما سوى الايمان إذ المظالم وغيرها من السيئات ما عدا الكفر جزاؤه متناه على اصول اهل السنة
صفحة رقم 213