
(قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ) أي قل لهم: إنّ ما أنبأتكم به من كونى رسولا منذرا، ومن أن الله واحد لا شريك له- خبر عظيم الفائدة لكم، فهو ينقذكم مما أنتم فيه من الضلال، لكنكم معرضون عنه، لا تفكرون فيه، لتماديكم في الغفلة.
وفي هذا تنبيه إلى ما هم فيه من الخطأ، علّهم يرجعون عن غيهم.
ثم ذكر من الأدلة ما يرشد إلى نبوته فقال:
(ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ) أي ولولا الوحى ما كنت أدرى باختلاف الملإ الأعلى، يعنى في شأن آدم عليه السلام وامتناع إبليس من السجود له ومحاجته ربه في تفضيله عليه، وهو ما ذكره بعد.
ثم أكد نبوته بقوله:
(إِنْ يُوحى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ) أي ما يوحى إلىّ إلا للانذار، لا لأن أكون جبارا ولا مسيطرا.
قصص آدم عليه السلام
[سورة ص (٣٨) : الآيات ٧١ الى ٨٥]
إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ (٧١) فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ (٧٢) فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٧٣) إِلاَّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ (٧٤) قالَ يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ (٧٥)
قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (٧٦) قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (٧٧) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ (٧٨) قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (٧٩) قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (٨٠)
إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (٨١) قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلاَّ عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٨٣) قالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (٨٤) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٥)

تفسير المفردات
فقعوا له: أي اسجدوا له، ما منعك: أي ما صرفك وصدك، واليد: القدرة قال:
تحمّلت من عفراء ما ليس لى به | ولا للجبال الراسيات يدان |
المعنى الجملي
قد سلف ذكر هذه القصة في سور: البقرة، والأعراف، والحجر، والإسراء، والكهف، كما ذكرت هنا والعبرة منها النهى عن الحسد والكبر، لأن إبليس إنما وقع فيما وقع فيه بسببهما، والكفار إنما نازعوا محمدا صلّى الله عليه وسلم بسببهما، وكرر ذكرها ليكون زاجرا لهم عنهما والمواعظ والنصائح باب من أبواب التكرير للمبالغة فى النصح والإرشاد.
الإيضاح
خلاصة هذه القصة- إن الله سبحانه أعلم الملائكة قبل خلق آدم عليه السلام أنه سيخلق بشرا من صلصال من حمأ مسنون، وأمرهم بالسجود له متى فرغ من صفحة رقم 137