
عليه غيرك عَطاؤُنا الخاص بك الذي لا يقدر عليه غيرنا فَامْنُنْ من قوله منّ عليه منا اى أنعم اى فاعط منه من شئت أَوْ أَمْسِكْ وامنع منه من شئت واو للاباحة بِغَيْرِ حِسابٍ حال من المستكن فى الأمر اى غير محاسب على منّه وإحسانه ومنعه وإمساكه لا حرج عليك فيما أعطيت وفيما أمسكت لتفويض التصرف فيه إليك على الإطلاق وفى المفردات قيل تصرف فيه تصرف من لا يحاسب اى تناول كما تحب فى وقت ما تحب وعلى ما تحب وأنفقه كذلك انتهى قال الحسن ما أنعم الله على أحد نعمة الا كان عليه تبعة الا سليمان فان اعطى اجر عليه وان لم يعط لم يكن عليه تبعة واثم وهذا مما خص به والتبعة ما يترتب على الشيء من المضرة وكل حق يجب للمظلوم على الظالم بمقابلة ظلمه عليه قال بعض الكبار المحققين كان سؤال سليمان ذلك عن امر ربه والطلب إذا وقع عن الأمر الإلهي كان امتثال امر وعبادة فللطالب الاجر التام على طلبه من غير تبعة حساب ولا عقاب فهذا الملك والعطاء لا ينقصه من ملك آخرته شيأ ولا يحاسب عليه أصلا كما يقع لغيره. واما ما روى ان سليمان آخر الأنبياء دخولا الجنة لمكان ملكه فعلى تقدير صحته لا ينافى الاستواء بهم فى درجات الجنة ومطلق التأخر فى الدخول لا يستلزم الحساب وقد روى (ان الأغنياء يدخلون الجنة بعد الفقراء بخمسمائة سنة) ويجوز ان يكون بغير حساب حالا من العطاء اى هذا عطاؤنا ملتبسا بغير حساب لغاية كثرته كما يقال للشئ الكثير هذا لا يحيط به حساب او صلة له وما بينها اعتراض على التقديرين وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى اى لقربة فى الآخرة مع ما له من الملك العظيم فى الدنيا وَحُسْنَ مَآبٍ وهو الجنة وفى الحديث (أرأيتم ما اعطى سليمان بن داود من ملكه فان ذلك لم يزده الا تخشعا ما كان يرفع بصره الى السماء تخشعا لربه) انتهى اى ولذا وجد الزلفى وحسن المرجع فطوبى له حيث كان فقيرا فى صورة الغنى وفى الآية اشارة الى ان الإنسان إذا كمل فى انسانيته يصير قابلا للفيض الإلهي بلا واسطة فيعطيه الله تعالى من آثار الفيض تسخير ما فى السموات من الملائكة كما سخر لآدم بقوله اسجدوا لآدم وما فى الأرض كما سخر لسليمان الجن والانس والشياطين والوحوش والطيور وذلك لان كل ما فى السموات وما فى الأرض اجزاء وجود الإنسان الكامل فاذا أنعم الله عليه بفيضه سخر له اجزاء وجوده فى المعنى اما فى الصورة فيظهر على بعض الأنبياء تسخر بعضها اعجازا له كما ظهر على نبينا عليه السلام تسخر القمر عند انشقاقه باشارة إصبع ولذا قال هذا عطاؤنا إلخ يشير الى ان للانبياء بتأييد الفيض الإلهي ولاية افاضة الفيض على من هو اهله عند استفاضته ولهم إمساك الفيض عند عدم الاستفاضة من غير اهله ولا حرج عليهم فى الحالتين وان له عندنا لزلفى فى الافاضة والإمساك وحسن مآب لانه كان متقربا إلينا بالعطاء والمنع كما فى التأويلات النجمية- روى- ان سليمان عليه السلام فتن بعد ما ملك عشرين سنة وملك بعد الفتنة عشرين سنة ثم انتقل الى حسن مآب: قال الشيخ سعدى
جهان اى پسر ملك جاويد نيست | ز دنيا وفادارى اميد نيست |
كه بر باد رفتى سحركاه وشام | سرير سليمان عليه السلام |
بآخر نديدى كه بر باد رفت | خنك آنكه با دانش وداد رفت |
كليد صبر كسى را كه باشد اندر دست | هر آينه در كنج مراد بگشايد |
بشام تيره محنت بساز وصبر نماى | كه دمبدم سحر از پرده روى بنمايد |

ضغثا فضربها ضربة واحدة يقال حنث فى يمينه إذا لم يف بها وقال بعضهم الحنث الإثم ويطلق على فعل ما حلف على تركه وترك ما حلف على فعله من حيث ان كل واحد منهما سبب له وفى تاج المصادر [الحنث: دروغ شدن سوكند] ويعدى بفي [وبزه مند شدن] فان قيل لم قال الله تعالى لايوب عليه السلام (لا تَحْنَثْ) وقال لمحمد ﷺ (قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ) قلنا لان كفارة اليمين لم تكن لاحد قبلنا بل هى لنا مما أكرم الله به هذه الامة بدليل قوله تعالى لكم كذا فى اسئلة الحكم وفى كلام بعض المفسرين لعل التكفير لم يجز فى شرعهم او ان الأفضل الوفاء به انتهى قال الشيخ نجم الدين رحمه الله أراد الله ان يعصم نبيه أيوب عليه السلام من الذنبين اللازمين. أحدهما اما الظلم واما الحنث وان لا يضيع اجر احسان المرأة مع زوجها وان لا يكافئها بالخير شرا وتبقى ببركتها هذه الرخصة فى الأمم الى يوم القيامة انتهى. فقد شرع الله هذه الرحمة رحمة عليه وعليها لحسن خدمتها إياه ورضاه عنها وهى رخصة باقية فى الحدود يجب ان يصيب المضروب كل واحد من المائة اما بأطرافها قائمة او باعراضها مبسوطة على هيئة الضرب اى بشرط ان توجد صورة الضرب ويعمل بالحيل الشرعية بالاتفاق- روى- ان الليث
بن سعد حلف ان يضرب أبا حنيفة بالسيف ثم ندم من هذه المقالة وطلب المخرج من يمينه فقال ابو حنيفة رحمه الله خذ السيف واضربنى بعرضه فتخرج عن يمينك كما فى مناقب الامام رضى الله عنه قال فى فتح الرحمن مذهب الشافعي إذا وجب الحد على مريض وكان جلدا اخر للمرض فان لم يرج برؤه جلد بعثكال عليه مائة غصن فان كان خمسين ضرب به مرتين وتمسه الاغصان او ينكبس بعضها على بعض ليناله بعض الألم فان برئ اجزأه ومذهب ابى حنيفة رحمه الله يؤخر فلا يجلد حتى يبرأ كمذهب الشافعي فان كان ضعيف الخلقة يخاف عليه الهلاك لو ضرب شديدا يضرب مقدار ما يتحمله من الضرب ومذهب مالك لا يضرب الا بالسوط ويفرق الضرب وعدد الضربات مستحق لا يجوز تركه فان كان مريضا آخر الى ان يبرأ كمذهب الشافعي وابى حنيفة ومذهب احمد يقام الحد فى الحال ولا يؤخر للمرض ولو رجى زواله ويضرب بسوط يؤمن معه التلف كالقضيب الصغير فان خشى عليه من السوط أقيم باطراف الثياب وعثكول النخل فان خيف عليه من ذلك جمع ضغث فيه مائة شمراخ فضرب به ضربة واحدة كقول الشافعي واما إذا كان الحد رجما فلا يؤخر بالاتفاق ولا يقام الحد على حامل حتى تضع بغير خلاف فابو حنيفة ان كان حدها الجلد فحتى تتعالّ ااى تخرج من نفاسها وان كان الرجم فعقيب الولادة وان لم يكن للصغير من يربيه فحتى يستغنى عنها والشافعي حتى ترضعه اللبان ويستغنى بغيرها او فطام لحولين ومالك واحمد بمجرد الوضع إِنَّا وَجَدْناهُ علمناه صابِراً فيما أصابه فى النفس والأهل والمال وفى التأويلات النجمية يشير الى ان أيوب عليه السلام لم يكن ليجد نفسه صابرا لولا انا وجدناه صابرا اى جعلناه يدل على هذا المعنى قوله تعالى لنبيه عليه السلام (وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ) اى هو الذي صبرك وان لم تكن تصبر انتهى- روى- انه بلغ امر أيوب عليه السلام الى ان لم يبق منه الا القلب واللسان فجاءت دودة الى القلب فعضته واخرى الى اللسان

فعضته فعند ذلك دعا أيوب فوقعت دودة فى الماء فصار علقا واخرى فى البر فصار نحلا يخرج منه العسل وفى زهرة الرياض انه بقي على بدنه اربعة من الديدان واحد طار ووقع على شجرة الفرصاد فصار دود القز وواحد وقع فى الماء فصار علقا وواحد وقع فى الحبوب فصار سوسا والرابع طار ووقع فى الجبال والأشجار فصار نحلا وهذا بعد ما كشف الله عنه واعلم ان العلماء قالوا ان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام معصومون من الأمراض المنفرة ويناقش فيه بحديث أيوب عليه السلام إذ روى انه تفرق عنه الناس حتى ارتد بعض من آمن به الا ان يستثنى أيوب عليه السلام فان ابتلاءه كان خارقا للعادة وابتلاء الناس به أي ابتلاء ثم اعلم انه ليس فى شكواه الى الله تعالى إخلال بصبره فان الصبر حبس النفس عن الشكوى لغير الله لا الى الله تعالى وفى حبس النفس عن الشكوى الى الله فى رفع الضر مقاومة القهر الإلهي وهو ليس من آداب العبودية فلا بد من الشكاية ليصح الافتقار الذي هو حقيقتك المميزة نسبة العبودية من الربوبية ولذا قال ابو يزيد البسطامي قدس سره
چار چيز آورده ام شاها كه در كنج تو نيست | نيستى وحاجت وعجز ونياز آورده ام |
ابن مسعود رضى الله عنه أيوب عليه السلام رأس الصابرين الى يوم القيامة قال بعضهم [بلا ذخيره أوليا واختيار اصفيا است هر يكى بنوعى ممتحن بودند. نوح بدست قوم خويش كرفتار. ابراهيم بآتش نمرود. إسماعيل بفتنه ذبح. يعقوب بفراق فرزند. زكريا ويحيى بمحنت قتل. موسى بدست فرعون وقبطيان وعلى هذا أوليا واصفيا. يكى را محنت غربت بود ومذلت. يكى را كرسنكى وفاقت. يكى را بيمارى وعلت. يكى را قتل وشهادت. مصطفى عليه السلام كفت (ان الله ادخر البلاء لاوليائه كما ادخر الشهادة لاحبابه) چون رب عزت آن بلاها از أيوب كشف كرد روزى بخاطر وى بگذشت كه نيك صبر كردم در ان بلا ندا آمد كه «أأنت صبرت أم نحن صبرناك يا أيوب لولا انا وضعنا تحت كل شعرة من البلاء جبلا من الصبر لم تصبر» جنيد قدس سره كفت] من شهد البلاء بالبلاء ضج من البلاء ومن شهد البلاء من المبلى حنّ الى البلاء قال ابن عطاء ليخفف ألم البلاء عنك علمك بان الله هو المبلى واعلم ان لكل بلاء خلفا اما فى الدنيا واما فى الآخر واما فى كليهما: قال الصائب صفحة رقم 45