
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَخذ بِيَدِك ضغثا﴾ أَي: فَقُلْنَا لَهُ: وَخذ بِيَدِك ضغثا، والضغث: كل مَا يمْلَأ الْكَفّ من خشب أَو حشيش أَو غَيره.
قَوْله: ﴿فَاضْرب بِهِ وَلَا تَحنث﴾ يَعْنِي: فَاضْرب بِهِ امْرَأَتك، وَلَا تَحنث فِي يَمِينك، وَكَانَ سَبَب يَمِينه أَن الْمَرْأَة أَتَتْهُ بِطَعَام يَوْمًا أَكثر مِمَّا كَانَت تَأتيه كل يَوْم؛ فاتهمها بخيانة فِي نَفسهَا، وَكَانَت بريئة، فَحلف ليضربنها [مائَة] سَوط إِذا برأَ من مَرضه.
وَيُقَال: إِن إِبْلِيس قعد على طَرِيق الْمَرْأَة طَبِيبا يداوي النَّاس، فمرت بِهِ الْمَرْأَة، وَقَالَت: إِن لي مَرِيضا وَأحب أَن تداويه، فَقَالَ لَهَا: أَنا أداويه، فَلَا أُرِيد شَيْئا سوى أَن يَقُول إِذا شفيته: أَنْت شفيتني، فَجَاءَت إِلَى أَيُّوب وَذكرت لَهُ ذَلِك، فَعرف أَنه كَانَ إِبْلِيس اللعين، فَغَضب وَحلف على مَا ذكرنَا.
وَيُقَال: إِنَّهَا باعت ذؤابتيها بِرَغِيفَيْنِ لطعامه، فَلَمَّا رأى ذَلِك أَيُّوب عَلَيْهِ السَّلَام غضب وَحلف، وَهَذَا قَول غَرِيب.
وَقَوله: ﴿فَاضْرب بِهِ وَلَا تَحنث﴾ يَعْنِي: فَاضْرب بالضغث الَّذِي يشْتَمل على مائَة عود صغَار ﴿وَلَا تَحنث﴾ أَي: وَلَا تدع الضَّرْب فتحنث، قَالَ مُجَاهِد: هَذَا لأيوب خَاصَّة، وَقَالَ عَطاء: لَهُ وَلِلنَّاسِ عَامَّة.
وَقَوله: ﴿إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نعم العَبْد إِنَّه أواب﴾ أَي: رجاع إِلَى طَاعَة الله. وَفِي الْقِصَّة: أَن أَيُّوب قيل لَهُ: مَا أَشد مَا مر عَلَيْك فِي بلائك؟ فَقَالَ: شماتة الْأَعْدَاء.