آيات من القرآن الكريم

وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ ۗ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا ۚ نِعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ
ﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈ ﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚ ﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫ

مِدْراراً. وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً
[نوح ١٠- ١٢] ولقد طلب سليمان ملكا لا ينبغي لأحد من بعده فسخر له ربه الريح حالة كونها جارية بأمره، لينة لا تعب معها، وإن كانت في الأصل عاصفة قوية فهي رخاء لينة تجرى بأمره حيث أراد.
وسخر الشياطين له تعمل تحت أمره من كل بناء وغواص يغوص في البحار لاستخراج الدر منها والأصداف، وآخرين منهم مقرنين في الأصفاد والقيود خاضعين لأمره، عاملين تحت إذنه.
هذا- والإشارة إلى ما تقدم من إعطاء الملك الواسع والتسلط على الرياح والجن والشياطين- عطاؤنا الخاص لك فأعط من تشاء وامنع من تشاء غير محاسب على ذلك يوم القيامة.
وإن لسليمان عند ربه لزلفى وقربة وكرامة وحسنى، وله حسن مآب ومرجع في الجنة، وإن ختام القصة بهذا لدليل على أن كل ما قيل عن سليمان مما هو ثابت في كتب أهل الكتاب أو عند قصاص الأخبار من المسلمين خرافة وأكاذيب لا تليق بمركز النبوة والله أعلم.
أيوب عليه السلام [سورة ص (٣٨) : الآيات ٤١ الى ٤٤]
وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ (٤١) ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ (٤٢) وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ (٤٣) وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (٤٤)

صفحة رقم 242

المفردات:
ارْكُضْ بِرِجْلِكَ اركض: التحريك، ومنه: ركض الدابة: إذا حرك راكبها رجليه والمراد: اثبت ضِغْثاً والضغث: الحزمة الصغيرة من الحشيش.
المعنى:
للناس فيما يقصون عن أيوب طريقان، أحدهما يقول: إن أيوب مسه الشيطان في بدنه وماله بنصب وعذاب، ثم يرسلون خيالهم في تصوير المرض الذي أصابه حتى نفر الناس منه إلى أبعد الحدود المعقولة وغير المعقولة، وهذا بلا شك باطل وأى باطل لا يستسغيه عقل مسلم، فإنا نعتقد أن النبي يستحيل عليه أن يصاب بمرض جسمي ينفر فإنه أرسل ليهدى الخلق ويحتك بهم، فليس من الجائز عقلا أن يكون بحيث ينفر منه الناس، وهل يقدر الشيطان على البلاء بالمرض إلى هذا الحد، لو كان كذلك ما الذي منعه من إصابة أعدائه الألداء جميعا كالأنبياء والمرسلين والهداة والمرشدين بهذا أو أشد منه؟ فإنهم أعداء حقيقة. وكيف يتصور مسلم في الشيطان غير ما حدده له ربه حيث يقول: ما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي [يوسف ٢٢] فقد صرح الله بأنه لا قدرة له في حق البشر إلا على إلقاء الوساوس والخواطر الفاسدة قال:
فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ [ص ٨٢، ٨٣].
وعلى هذا الأساس فالمعقول في قصة أيوب هو أن الله أمر محمدا صلّى الله عليه وسلّم أن يذكر عبده الممتثل لأمره أيوب وقت أن نادى مستغيثا به: أنى مسنى الشيطان بنصب وعذاب.
مسه الشيطان بوسوسته وإلقاء الخواطر الفاسدة في ذهنه، وإبليس وجنده يتحينون الفرص. ويطرقون لكل إنسانا بابا خاصا به. ويدخلون عليه من النقطة الضعيفة عنده- والله أعلم- هل دخل الشيطان على أيوب من جهة بدنه إذ كان مريضا صابرا، أو من جهة ماله أو ولده، أو من جهة قومه ودعوته لهم؟ الله أعلم.
ثم أمر من قبل الله أن يركض برجله وأن يضرب الأرض بها ثابتا مستقرا غير عابئ بما حوله من أعاصير، فالعلاج الوحيد عنده هو ما أنزله الله عليه وهداه إلى العمل به فهو

صفحة رقم 243
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية