
قَوْله تَعَالَى: ﴿يَا دَاوُد إِنَّا جعلناك خَليفَة فِي الأَرْض﴾ أَي: خَليفَة عَمَّن سبق، وَيُقَال: خليفتي؛ وَمن هَذَا يجوز أَن يُسمى الْخُلَفَاء خلفاء الله.
وَقَوله: ﴿فاحكم بَين النَّاس بِالْحَقِّ﴾ أَي: بِالْعَدْلِ، وَقَوله: ﴿وَلَا تتبع الْهوى فيضلك عَن سَبِيل الله﴾ أَي: يصدك ويردك عَن سَبِيل الله.
وَقَوله: ﴿إِن الَّذين يضلون عَن سَبِيل الله لَهُم عَذَاب شَدِيد بِمَا نسوا يَوْم الْحساب﴾ فِيهِ تَقْدِيم وَتَأْخِير، وَمَعْنَاهُ: لَهُم عَذَاب شَدِيد يَوْم الْحساب بِمَا نسوا أَي: تركُوا أَمر الله وغفلوا عَن الْقِيَامَة.
وَفِي الْقِصَّة: أَن الله تَعَالَى كَانَ قد بعث سلسلة من السَّمَاء، وَكَانَ يخْتَصم إِلَى دَاوُد، والخصمان والسلسلة قُدَّام مَجْلِسه، فَكَانَ يَأْمر كل وَاحِد مِنْهُمَا أَن يَأْخُذ السلسلة، وَكَانَ ينالها المحق وَلَا ينالها الْمُبْطل، فاشتدت هيبته فِي بني إِسْرَائِيل لذَلِك، فاختصم رجلَانِ فِي عقد لُؤْلُؤ أودعهُ أَحدهمَا من صَاحبه وجحده الْمُودع، فَعمد الْمُودع إِلَى عَصا وقورها، وَجعل العقد فِيهَا، فَلَمَّا اخْتَصمَا إِلَى دَاوُد أَمرهمَا بالتحاكم إِلَى السلسلة، فَذهب الْمُدَّعِي إِلَى السلسلة، وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِن كنت تعلم أَنِّي أودعت هَذَا

{السَّمَاء وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا بَاطِلا ذَلِك ظن الَّذين كفرُوا فويل للَّذين كفرُوا من النَّار (٢٧) أم نجْعَل الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات كالمفسدين فِي الأَرْض أم نجْعَل الْمُتَّقِينَ كالفجار (٢٨) كتاب أَنزَلْنَاهُ إِلَيْك مبارك ليدبروا آيَاته وليتذكر أولُوا الْأَلْبَاب (٢٩) الرجل عقد لُؤْلُؤ، وَلم يردهُ إِلَى، فأنلني السلسلة، ثمَّ رفع يَده ونالها، وَجَاء صَاحبه إِلَى السلسلة، والعصا فِي يَده، فَقَالَ للْمُدَّعِي: أمسك هَذِه الْعَصَا حَتَّى آخذ السلسلة، فَأَخذهَا مِنْهُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِن كنت تعلم أَنِّي قد رَددتهَا إِلَيْهِ فأنلني السلسلة، ثمَّ إِنَّه رفع يَده، ونال السلسلة؛ فتحير دَاوُد وَبَنُو إِسْرَائِيل فِي ذَلِك.
وَرفع الله السلسلة، وَأمر دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام بِأَن يقْضِي بَين النَّاس بِالْبَيِّنَةِ وَالْيَمِين؛ فجرت السّنة على ذَلِك إِلَى قيام السَّاعَة.