آيات من القرآن الكريم

فَغَفَرْنَا لَهُ ذَٰلِكَ ۖ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَىٰ وَحُسْنَ مَآبٍ
ﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵ

فَأَجَابَهُ فَقَالَ: مَنْ هَذَا الَّذِي قَطَعَ عَلَيَّ لَذَّتِي؟ قَالَ: أَنَا دَاوُدُ، قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَلَيْسَ قَدْ عَفَوْتُ عَنْكَ؟ قال: نَعَمْ وَلَكِنْ إِنَّمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ بِكَ لِمَكَانِ امْرَأَتِكَ وَقَدْ تَزَوَّجْتُهَا، قَالَ: فَسَكَتَ وَلَمْ يُجِبْهُ، وَدَعَاهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، وَعَاوَدَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، فَقَامَ عَلَى قَبْرِهِ وَجَعَلَ التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ نَادَى: الْوَيْلُ لِدَاوُدَ ثُمَّ الْوَيْلُ الطَّوِيلُ لِدَاوُدَ، سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ، وَالْوَيْلُ لِدَاوُدَ إِذَا نُصِبَتِ الْمَوَازِينُ بِالْقِسْطِ، سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ، الْوَيْلُ لِدَاوُدَ ثُمَّ الْوَيْلُ الطَّوِيلُ لَهُ حِينَ يُؤْخَذُ بِذَقَنِهِ فَيُدْفَعُ إِلَى الْمَظْلُومِ، سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ، الْوَيْلُ ثُمَّ الْوَيْلُ الطَّوِيلُ لَهُ حِينَ يُسْحَبُ عل وَجْهِهِ مَعَ الْخَاطِئِينَ إِلَى النَّارِ، سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ، فَأَتَاهُ نِدَاءٌ مِنَ السَّمَاءِ: يَا دَاوُدُ قَدْ غَفَرْتُ لَكَ ذَنْبَكَ وَرَحِمْتُ بُكَاءَكَ وَاسْتَجَبْتُ دُعَاءَكَ وَأَقَلْتُ عَثْرَتَكَ، قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ وَصَاحِبِي لَمْ يَعْفُ عَنِّي؟ قَالَ: يَا دَاوُدُ أُعْطِيهِ مِنَ الثَّوَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا لَمْ تَرَ عَيْنَاهُ وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنَاهُ، فَأَقُولُ لَهُ: رَضِيَ عَبْدِي؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ مِنْ أَيْنَ لِي هَذَا وَلَمْ يَبْلُغْهُ عَمَلِي؟ فَأَقُولُ: هَذَا عِوَضٌ مِنْ عَبْدِي دَاوُدَ فَأَسْتَوْهِبُكَ مِنْهُ فَيَهَبُكَ لِي، قَالَ: يَا رَبِّ الْآنَ قَدْ عَرَفْتُ أَنَّكَ قَدْ غَفَرْتَ لِي (١). فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
﴿فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا﴾ أَيْ سَاجِدًا، عَبَّرَ بِالرُّكُوعِ عَنِ السُّجُودِ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ فِيهِ انْحِنَاءٌ.
قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ: سَأَلَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاهِرٍ عَنْ قَوْلِهِ: "وَخَرَّ رَاكِعًا" هَلْ يُقَالُ لِلرَّاكِعِ: خَرَّ؟ قُلْتُ: لَا وَمَعْنَاهُ، فَخَرَّ بَعْدَمَا كَانَ رَاكِعًا، أَيْ: سَجَدَ ﴿وَأَنَابَ﴾ أَيْ: رَجَعَ وَتَابَ.
﴿فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ (٢٥) ﴾
﴿فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ﴾ يَعْنِي: ذَلِكَ الذَّنْبَ، ﴿وَإِنَّ لَهُ﴾ بَعْدَ الْمَغْفِرَةِ ﴿عِنْدَنَا﴾ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ﴿لَزُلْفَى﴾ لقربة ومكانة، ﴿وَحُسْنَ مَآبٍ﴾ أَيْ: حُسْنُ مَرْجِعٍ وَمُنْقَلَبٍ.
وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ (٢) : إِنَّ دَاوُدَ لَمَّا تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَكَى عَلَى خَطِيئَتِهِ ثَلَاثِينَ سَنَةً لَا يَرْقَأُ دَمْعُهُ لَيْلًا وَلَا نَهَارًا، وَكَانَ أَصَابَ الْخَطِيئَةَ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِينَ سَنَةً، فَقَسَّمَ الدَّهْرَ بَعْدَ الْخَطِيئَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ: يَوْمٌ لِلْقَضَاءِ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَيَوْمٌ لِنِسَائِهِ، وَيَوْمٌ يَسْبَحُ فِي الْفَيَافِي وَالْجِبَالِ وَالسَّوَاحِلِ، وَيَوْمٌ يَخْلُو فِي دَارٍ لَهُ فِيهَا أَرْبَعَةُ آلَافِ مِحْرَابٍ، فَيَجْتَمِعُ إِلَيْهِ الرُّهْبَانُ فَيَنُوحُ مَعَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ، فَيُسَاعِدُونَهُ عَلَى ذَلِكَ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ نِيَاحَتِهِ يخرج في ١٠٢/أالْفَيَافِي فَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالْمَزَامِيرِ فَيَبْكِي وَيَبْكِي مَعَهُ [الشَّجَرُ وَالرِّمَالُ وَالطَّيْرُ وَالْوُحُوشُ حَتَّى يَسِيلَ مِنْ دُمُوعِهِمْ مِثْلَ الْأَنْهَارِ، ثُمَّ يَجِيءُ إِلَى الْجِبَالِ فَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالْمَزَامِيرِ فَيَبْكِي وَيَبْكِي مَعَهُ] (٣) الْجِبَالُ وَالْحِجَارَةُ وَالدَّوَابُّ وَالطَّيْرُ، حَتَّى تَسِيلَ مِنْ بُكَائِهِمُ الْأَوْدِيَةُ، ثُمَّ يَجِيءُ

(١) انظر: الدر المنثور: ٧ / ١٦٠- ١٦١.
(٢) وخبر وهب أيضًا من الإسرائيليات في هذه القصة كما سبق.
(٣) ما بين القوسين ساقط من "ب".

صفحة رقم 84

إِلَى السَّاحِلِ فَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالْمَزَامِيرِ فَيَبْكِي وَتَبْكِي مَعَهُ الْحِيتَانُ وَدَوَابُّ الْبَحْرِ وَطَيْرُ الْمَاءِ وَالسِّبَاعُ، فَإِذَا أَمْسَى رَجَعَ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ نَوْحِهِ عَلَى نَفْسِهِ نَادَى مُنَادِيهِ أَنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ نَوْحِ دَاوُدَ عَلَى نَفْسِهِ فَلْيَحْضُرْ مَنْ يُسَاعِدُهُ، فَيَدْخُلُ الدَّارَ الَّتِي فِيهَا الْمَحَارِيبُ، فَيُبْسَطُ لَهُ ثَلَاثَةُ فُرُشٍ مُسُوحٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، فَيَجْلِسُ عَلَيْهَا وَيَجِيءُ أَرْبَعَةُ آلَافِ رَاهِبٍ عَلَيْهِمُ الْبَرَانِسُ وَفِي أَيْدِيهِمُ الْعِصِيُّ، فَيَجْلِسُونَ فِي تِلْكَ الْمَحَارِيبِ ثُمَّ يَرْفَعُ دَاوُدُ صَوْتَهُ بِالْبُكَاءِ وَالنَّوْحِ عَلَى نَفْسِهِ، وَيَرْفَعُ الرُّهْبَانُ مَعَهُ أَصْوَاتَهُمْ، فَلَا يَزَالُ يَبْكِي حَتَّى تَغْرَقَ الْفُرُشُ مِنْ دُمُوعِهِ، وَيَقَعَ دَاوُدُ فِيهَا مِثْلَ الْفَرْخِ يَضْطَرِبُ، فَيَجِيءُ ابْنُهُ سُلَيْمَانُ فَيَحْمِلُهُ فَيَأْخُذُ دَاوُدُ مِنْ تِلْكَ الدُّمُوعِ بِكَفَّيْهِ، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهَا وَجْهَهُ، وَيَقُولُ: يَا رَبِّ اغْفِرْ لِي مَا تَرَى، فَلَوْ عُدِلَ بُكَاءُ دَاوُدَ بِبُكَاءِ أَهْلِ الدُّنْيَا لَعَدَلَهُ.
وَقَالَ وَهْبٌ: مَا رَفَعَ دَاوُدُ رَأْسَهُ حَتَّى قَالَ لَهُ الْمَلَكُ: أَوَّلُ أَمْرِكَ ذَنْبٌ وَآخِرُهُ مَعْصِيَةٌ، ارْفَعْ رَأْسَكَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَمَكَثَ حَيَاتَهُ لَا يَشْرَبُ مَاءً إِلَّا مَزَجَهُ بِدُمُوعِهِ، وَلَا يَأْكُلُ طَعَامًا إِلَّا بَلَّهُ بِدُمُوعِهِ.
وَذَكَرَ الْأَوْزَاعِيُّ مَرْفُوعًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِثْلَ عَيْنَيْ دَاوُدَ كَقِرْبَتَيْنِ تَنْطِفَانِ مَاءً، وَلَقَدْ خَدَّتِ الدُّمُوعُ فِي وَجْهِهِ كَخَدِيدِ الْمَاءِ فِي الْأَرْضِ" (١).
قَالَ وَهْبٌ: لَمَّا تَابَ اللَّهُ عَلَى دَاوُدَ قَالَ: يَا رَبِّ غَفَرْتَ لِي فَكَيْفَ لِي أَنْ لَا أَنْسَى خَطِيئَتِي فَأَسْتَغْفِرَ مِنْهَا وَلِلْخَاطِئِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: فَوَسَمَ اللَّهُ خَطِيئَتَهُ فِي يَدِهِ الْيُمْنَى، فَمَا رَفَعَ فِيهَا طَعَامًا وَلَا شَرَابًا إِلَّا بَكَى إِذَا رَآهَا، وَمَا قَامَ خَطِيبًا فِي النَّاسِ إِلَّا بَسَطَ رَاحَتَهُ فَاسْتَقْبَلَ النَّاسَ لِيَرَوْا وَسْمَ خَطِيئَتِهِ، وَكَانَ يَبْدَأُ إِذَا دَعَا فَاسْتَغْفَرَ لِلْخَاطِئِينَ قَبْلَ نَفْسِهِ.
وَقَالَ قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ: كَانَ دَاوُدُ بَعْدَ الْخَطِيئَةِ لَا يُجَالِسُ إِلَّا الْخَاطِئِينَ، يَقُولُ: تَعَالَوْا إِلَى دَاوُدَ الْخَاطِئِ فَلَا يَشْرَبُ شَرَابًا إِلَّا مَزَجَهُ بِدُمُوعِ عَيْنَيْهِ، وَكَانَ يَجْعَلُ خُبْزَ الشَّعِيرِ الْيَابِسِ فِي قَصْعَةٍ فَلَا يَزَالُ يَبْكِي عَلَيْهِ حَتَّى يَبْتَلَّ بِدُمُوعِ عَيْنَيْهِ، وَكَانَ يَذَرُ عَلَيْهِ الْمِلْحَ وَالرَّمَادَ فَيَأْكُلُ وَيَقُولُ: هَذَا أَكْلُ الْخَاطِئِينَ، قَالَ: وَكَانَ دَاوُدُ قَبْلَ الْخَطِيئَةِ يَقُومُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَصُومُ نِصْفَ الدَّهْرِ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ خَطِيئَتِهِ مَا كَانَ، صَامَ الدَّهْرَ كُلَّهُ وَقَامَ اللَّيْلَ كُلَّهُ.
وَقَالَ ثَابِتٌ: كَانَ دَاوُدُ إذ ذَكَرَ عِقَابَ اللَّهِ تَخَلَّعَتْ أَوْصَالُهُ، فَلَا يَشُدُّهَا إِلَّا الْأَسْرُ، وَإِذَا ذَكَرَ رَحْمَةَ اللَّهِ تَرَاجَعَتْ.
وَفِي الْقِصَّةِ: أَنَّ الْوُحُوشَ وَالطَّيْرَ كَانَتْ تَسْتَمِعُ إِلَى قِرَاءَتِهِ، فَلَمَّا فَعَلَ مَا فَعَلَ كَانَتْ لَا تُصْغِي

(١) ضعيف أخرجه الإمام أحمد في الزهد، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول. انظر: الدر المنثور: ٧ / ١٦٣.

صفحة رقم 85

إِلَى قِرَاءَتِهِ، فَرُوِيَ أَنَّهَا قَالَتْ: يَا دَاوُدُ ذَهَبَتْ خَطِيئَتُكَ بِحَلَاوَةِ صَوْتِكَ (١).
وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو النُّعْمَانِ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "سَجْدَةُ ص لَيْسَتْ مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ، وَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْجُدُ فِيهَا" (٢).
وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبِيدٍ الطَّنَافِسِيُّ، عَنِ الْعَوَّامِ قَالَ: سَأَلْتُ مُجَاهِدًا عَنْ سَجْدَةِ ص فَقَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ مِنْ أَيْنَ سَجَدْتَ؟ قَالَ: أَوَمَا تَقْرَأُ: "وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ" إِلَى "أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ" (الْأَنْعَامِ: ٨٤ -٩٠) وَكَانَ دَاوُدُ مِمَّنْ أُمِرَ نَبِيُّكُمْ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ، فَسَجَدَهَا دَاوُدُ، فَسَجَدَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (٣).
أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الضَّبِّيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَرَّاحِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَحْبُوبِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ خُنَيْسٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبِيدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي عَبِيدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي رَأَيْتُنِي اللَّيْلَةَ وَأَنَا نَائِمٌ كَأَنِّي أُصَلِّي خَلْفَ شَجَرَةٍ، فَسَجَدْتُ فَسَجَدَتِ الشَّجَرَةُ لِسُجُودِي، فَسَمِعْتُهَا وَهِيَ تَقُولُ: اللَّهُمَّ اكْتُبْ لِي بِهَا عِنْدَكَ أَجْرًا، وَضَعْ عَنِّي بِهَا وِزْرًا، وَاجْعَلْهَا لِي عِنْدَكَ ذُخْرًا، وَتَقَبَّلْهَا مِنِّي كَمَا تَقَبَّلْتَهَا مِنْ عَبْدِكَ دَاوُدَ. قَالَ الْحَسَنُ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ لِي جَدُّكَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقَرَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجْدَةً ثُمَّ سَجَدَ، فَسَمِعْتُهُ وَهُوَ يَقُولُ [مِثْلَ ذَلِكَ] (٤) مَا أَخْبَرَهُ الرَّجُلُ عَنْ قول الشجرة" (٥)

(١) قال القاضي عياض في كتابه "الشفا بالتعريف بحقوق المصطفى" ٢ / ٨٢٧ - ٨٢٨ "لا تلتفت إلى ما سطره الأخباريون من أهل الكتاب الذين بدلوا وغيروا ونقله المفسرون، ولم ينص الله تعالى على شيء من ذلك في كتابه، ولا ورد في حديث صحيح، والذي نص الله عليه في قصة داود: قوله (وظن داود أنما فتناه) وليس في قصة داود وأوريا خبر ثابت.. وقال الداوودي: ليس في قصة داود وأوريا خبر يثبت، ولا يظن بنبي محبة قتل مسلم".
(٢) أخرجه البخاري في سجود القرآن، باب: سجدة (ص) ٢ / ٥٥٣.
(٣) أخرجه البخاري في التفسير- تفسير سورة (ص) ٨ / ٥٤٤.
(٤) ساقط من "ب".
(٥) أخرجه الترمذي في الجمعة، أبواب السفر، باب: ما جاء في ما يقول في سجود القرآن: ٣ / ١٨١، قال أبو عيسى: "هذا حديث غريب من حديث ابن عباس لا نعرفه إلا من هذا الوجه"، وابن ماجه في إقامة الصلاة والسنة فيها، باب: سجود القرآن برقم (١٠٥٣) ١ / ٣٣٤، والحاكم: ١ / ٢١٩ - ٢٢٠ وصححه ووافقه الذهبي. قال الحافظ ابن حجر في التلخيص ٢ / ٨: "رواه الشافعي في الأم عن ابن عيينة عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا. ورواه في القديم عن سفيان عن عمر بن ذر عن أبيه قال: سجدها داود، قال البيهقي: وروي من وجه آخر عن عمر بن ذر عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس موصولا وليس بالقوي. قلت: - ابن حجر - رواه النسائي من حديث حجاج بن محمد عن عمر بن ذر موصولا، ورواه الدارقطني من حديث عبد الله بن بزيع عن عمر بن ذر بنحوه، وأعله ابن الجوزي به، وقد توبع، وصححه ابن السكن، وفي البخاري عن عكرمة عن ابن عباس (ص) ليست من عزائم السجود وقد رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسجد فيها". وانظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم (٢٧١٠).

صفحة رقم 86
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
محمد عبد الله النمر
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1417
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية